كيف تتخلص من التشتت في أثناء التعلم؟
التشتت أثناء التعلم هو إحدى العقبات التي تواجه العديد من الطلاب والمهنين على حد سواء. ففي عصر المعلومات المتدفقة والتكنولوجيا الحديثة، أصبح من السهل جدًا أن نجد أنفسنا مشتتين بين المهام المختلفة التي لا تنتهي، مما يؤثر بشكل كبير على قدرتنا على التركيز والمثابرة في التعلم. لكن، لا داعي للقلق، فهناك استراتيجيات وأدوات يمكن اتباعها لتقليل هذا التشتت وتحقيق تعلم أكثر فعالية.
أولًا: فهم أسباب التشتت أثناء التعلم
قبل أن نبحث في كيفية التخلص من التشتت، من الضروري أن نفهم أسبابه. تتعدد هذه الأسباب وتشمل العوامل البيئية والنفسية، ومنها:
-
الضوضاء والمشتتات البيئية: وجود أصوات غير مرغوب فيها، مثل الحديث في الخلفية أو إشعارات الهواتف الذكية، يمكن أن يؤدي إلى تقليل التركيز بشكل كبير.
-
التكنولوجيا والإشعارات: في عصر الهواتف الذكية، قد تكون الإشعارات المتواصلة من تطبيقات مثل فيسبوك، إنستغرام، أو واتساب سببًا رئيسيًا للتشتت.
-
الملل أو قلة التحفيز: عندما يشعر الشخص بالملل أو يجد المادة الدراسية غير مثيرة للاهتمام، يبدأ ذهنه في البحث عن أفكار وأشياء أخرى.
-
التعدد في المهام: محاولة القيام بعدة مهام في نفس الوقت، مثل الرد على الرسائل أثناء الدراسة، يمكن أن يؤدي إلى تقليل التركيز.
-
التعب والإجهاد العقلي: عندما يكون الشخص مرهقًا عقليًا أو جسديًا، يصبح من الصعب عليه الحفاظ على تركيزه.
-
القلق والتوتر: الأفكار المقلقة بشأن المستقبل أو الحياة الشخصية قد تؤثر على قدرة الدماغ على التركيز على مهمة واحدة.
ثانيًا: استراتيجيات لتقليل التشتت وزيادة التركيز أثناء التعلم
بعد فهم الأسباب، يمكننا الآن التطرق إلى استراتيجيات عملية للتخلص من التشتت أثناء التعلم وتحقيق أقصى استفادة من وقت الدراسة.
1. إعداد بيئة تعلم خالية من المشتتات
من أبرز العوامل التي تؤثر في التركيز هي البيئة المحيطة. لذا، يجب أن تبدأ بتحديد مكان هادئ وآمن للتعلم. إليك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها:
-
اختيار مكان هادئ: اختر مكانًا بعيدًا عن الضوضاء والازدحام، ويفضل أن يكون به إضاءة طبيعية.
-
إزالة المشتتات: قم بإغلاق التطبيقات غير الضرورية على هاتفك وأجهزة الكمبيوتر، واستخدم تطبيقات تساعد على حجب الإشعارات.
-
ترتيب المكان: تنظيم المكتب بشكل يتيح لك الوصول بسهولة إلى الأدوات التي تحتاجها، مما يقلل من إضاعة الوقت في البحث عن الكتب أو الأوراق.
2. استخدام تقنيات إدارة الوقت مثل تقنية بومودورو
تعتبر تقنية بومودورو من أبرز الطرق التي يمكن أن تساعدك على البقاء مركزًا أثناء التعلم. تقوم هذه التقنية على تقسيم وقت التعلم إلى فترات زمنية قصيرة تتراوح بين 25 إلى 30 دقيقة، تليها فترة راحة قصيرة تتراوح من 5 إلى 10 دقائق. بعد أربع فترات من العمل، يمكنك أخذ استراحة أطول تتراوح بين 15 إلى 30 دقيقة. هذه التقنية لا تساعد فقط في إدارة الوقت، بل تمنح الدماغ فرصة للراحة، مما يعزز الإنتاجية.
3. تقليل تعدد المهام
تعدد المهام يعتبر من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى التشتت أثناء التعلم. تشير الدراسات إلى أن محاولة القيام بعدة مهام في نفس الوقت تؤدي إلى تراجع في القدرة على التركيز. لذا، من الأفضل التركيز على مهمة واحدة فقط في كل مرة. إذا كنت تدرس، خصص وقتًا لذلك فقط، وإذا كنت تعمل على مشروع، اجعل كل جهدك موجهًا نحو إتمامه دون التفكير في مهام أخرى.
4. تنظيم الجدول الزمني وتحديد أهداف واقعية
التنظيم الجيد يساعد في تقليل التشتت بشكل كبير. عندما تحدد أهدافًا واضحة وقابلة للتحقيق، تصبح أكثر تركيزًا على إنجاز المهام. تقسيم العمل إلى مهام صغيرة يسهل تحقيقها، وعدم ترك الأمور حتى اللحظة الأخيرة، يساعد في تجنب التوتر والتشتت. لذلك، من المهم وضع خطة يومية أو أسبوعية تضم أولوياتك ومهامك الضرورية.
5. تطبيق تقنيات التنفس والاسترخاء
أحيانًا يكون التشتت ناتجًا عن التوتر النفسي والقلق. في هذه الحالة، يمكن أن تساعد تقنيات التنفس العميق والاسترخاء في تهدئة العقل وتجديد الطاقة. قم بتخصيص بضع دقائق في بداية أو نهاية كل جلسة تعلم لممارسة التنفس العميق أو التأمل. يساعد ذلك في تقليل التوتر والعودة إلى التركيز بشكل أكثر فعالية.
6. استخدام تقنيات محفزة للذاكرة والتركيز
التعلم النشط هو أفضل طريقة لضمان عدم التشتت. بدلاً من القراءة العمياء أو الكتابة الميكانيكية، حاول استخدام تقنيات تعزز من فهمك للمادة الدراسية. مثلًا:
-
الخرائط الذهنية: تساعد في تنظيم الأفكار والمعلومات بشكل مرئي، مما يسهل استيعابها.
-
الملاحظات التفاعلية: بدلاً من كتابة ملاحظات تقليدية، استخدم الألوان والتسميات لتعزيز الاستيعاب البصري.
-
التكرار: استخدم أسلوب التكرار المنتظم لتعزيز الذاكرة.
7. مكافأة النفس لتحقيق التقدم
من الحوافز الفعالة التي يمكن أن تساعد في تقليل التشتت هي المكافأة الذاتية. كلما أنجزت جزءًا من المهام الدراسية، كافئ نفسك بفترة استراحة، أو تناول وجبة خفيفة تحبها، أو ممارسة نشاط ترفيهي. هذه المكافآت تعزز من الدافع الشخصي وتجعلك أكثر استعدادًا لاستكمال المهمة.
8. الاهتمام بالصحة الجسدية والعقلية
النشاط البدني والنظام الغذائي السليم لهما دور كبير في تعزيز التركيز. من خلال ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على نظام غذائي متوازن، يمكنك تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، مما يساعد على تعزيز التركيز وتقليل التشتت. كما أن الحصول على قسط كافٍ من النوم أمر حيوي لتحسين قدرة العقل على التركيز واستيعاب المعلومات.
9. التحكم في استخدام التكنولوجيا
في ظل الانتشار الواسع للتكنولوجيا، أصبح من الصعب الابتعاد عن الهواتف الذكية والحواسيب. لكن في أثناء التعلم، يجب أن تتحكم في استخدام هذه الأجهزة بشكل مدروس. استخدم التطبيقات التي تحجب الإشعارات أو تحد من الوقت الذي تقضيه على الإنترنت. من المهم أن تتعلم كيفية استخدام التكنولوجيا لصالحك بدلاً من أن تكون سببًا في تشتتك.
ثالثًا: كيفية التعامل مع الإحباط أثناء التعلم
من الممكن أن يشعر الفرد بالإحباط عندما يواجه صعوبة في التركيز أو يواجه مشكلات في التعلم. لكن من الضروري أن تعرف أن هذه المشاعر طبيعية وتعد جزءًا من عملية التعلم. بدلاً من الانزعاج، حاول أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع تحدياتك، وامنح نفسك الوقت الكافي للتكيف مع كل مرحلة دراسية.
