كيفية التحكم في العصبية

هل أنت عصبي؟ تعرف على الأسباب وكيفية التحكم في انفعالاتك

العصبية هي إحدى المشاعر الطبيعية التي يختبرها الإنسان في حياته اليومية. قد يشعر الفرد بالعصبية في مواقف معينة، مثل حينما يواجه تحديات أو ضغوطًا في العمل أو في الحياة الشخصية. لكن، ما الذي يعنيه أن تكون “عصبيًا”؟ هل هذا السلوك يشير إلى مشكلة نفسية أم هو مجرد رد فعل طبيعي على التوتر والضغوط؟ في هذا المقال، سوف نتعرف على العصبية من منظور علم النفس، وأسبابها، وكيفية التحكم فيها.

تعريف العصبية

العصبية هي حالة انفعالية يشعر فيها الفرد بالغضب أو الاستياء أو القلق، ويظهر ذلك عادة من خلال التوتر الجسدي أو التفاعل الانفعالي. قد تتفاوت مستويات العصبية من شخص لآخر، وقد تكون مرتبطة بمواقف معينة أو حالات مزمنة. في بعض الأحيان، قد يعبر الشخص عن عصبيته بشكل مفاجئ وعنيف، بينما في أحيان أخرى قد تكون العصبية متحفظة وداخلية.

أسباب العصبية

تعود العصبية إلى مجموعة من الأسباب النفسية والجسدية التي تؤثر على الحالة المزاجية للإنسان. من أبرز هذه الأسباب:

1. التوتر والضغوط اليومية
   التوتر الناتج عن الضغوط اليومية في العمل أو الحياة الشخصية يعد أحد الأسباب الرئيسية للعصبية. عندما يشعر الفرد بأن لديه الكثير من المهام أو المسؤوليات التي يجب إنجازها في وقت محدود، يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور بالضغط العصبي وبالتالي انفجار في شكل عصبية.

2. مشاكل العلاقات
   العلاقات الإنسانية، سواء كانت في العمل أو مع الأصدقاء أو في العائلة، قد تكون مصدرًا آخر للعصبية. الخلافات المستمرة أو عدم القدرة على التواصل الفعّال مع الآخرين قد تزيد من الشعور بالغضب والتوتر.

3. الاضطرابات النفسية
   بعض الأشخاص يعانون من اضطرابات نفسية قد تؤدي إلى زيادة مستويات العصبية لديهم، مثل اضطراب القلق أو الاكتئاب. في هذه الحالات، لا تكون العصبية مجرد رد فعل لمواقف معينة بل جزءًا من حالة نفسية متأصلة.

4. العوامل الجينية والوراثية
   تشير بعض الدراسات إلى أن العصبية قد تكون موروثة إلى حد ما. إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من العصبية، فإن الأبناء قد يكونون أكثر عرضة لتطوير هذا السلوك.

5. الاختلالات الهرمونية
   التغيرات الهرمونية، مثل تلك التي تحدث أثناء الدورة الشهرية لدى النساء أو نتيجة للتغيرات في مستويات هرمون الغدة الدرقية، قد تؤدي أيضًا إلى تغييرات في المزاج والعصبية.

6. العوامل الجسدية والصحية
   الإصابة ببعض الأمراض الجسدية أو اضطرابات النوم قد تزيد من توتر الشخص وتجعله أكثر عرضة للعصبية. مثلًا، الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة أو ألم جسدي قد يظهرون مستويات عالية من العصبية.

كيف تعرف إذا كنت عصبيًا؟

التعرف على العصبية ليس دائمًا أمرًا سهلاً، لكن هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى أنك قد تكون شخصًا عصبيًا:

• زيادة التوتر والقلق: الشعور المستمر بالتوتر أو القلق، حتى في المواقف التي لا تستدعي ذلك.
• التهيج السريع: الانفعال السريع والغضب من المواقف البسيطة أو الأشخاص المقربين.
• التفكير في المشكلات بشكل مفرط: التفكير المستمر في الصعوبات والمشاكل دون إيجاد حلول عملية.
• التفاعل الزائد مع المواقف: تصرفات مفرطة كرد فعل على أحداث قد تبدو تافهة للآخرين.
• التعب الجسدي: إذا كنت تشعر بالإرهاق والتوتر الجسدي بشكل مستمر نتيجة لمشاعر الغضب أو العصبية.

كيفية التحكم في العصبية

إدارة العصبية والتحكم فيها ليس أمرًا مستحيلاً، ولكنه يتطلب الممارسة والوعي الذاتي. إليك بعض الطرق التي يمكن أن تساعدك في التحكم في مشاعرك:

1. التنفس العميق
   عندما تشعر بالغضب أو العصبية، حاول التنفس ببطء وعميق. التنفس العميق يساعد في تهدئة الأعصاب وتحفيز الجهاز العصبي لتقليل التوتر.

2. التعرف على المحفزات
   حاول أن تتعرف على المواقف أو الأشخاص الذين يثيرون عصبيتك. بمجرد أن تدرك ما يسبب لك العصبية، يمكنك أن تعمل على تجنب هذه المواقف أو التعامل معها بشكل أفضل.

3. ممارسة الرياضة
   النشاط البدني هو وسيلة فعالة لتخفيف التوتر والعصبية. من خلال ممارسة الرياضة بشكل منتظم، يمكن أن تفرغ الطاقة السلبية وتحسن من مزاجك بشكل عام.

4. تقنيات الاسترخاء
   مثل التأمل أو اليوغا، التي تساعد في تهدئة العقل والجسد وتخفيف التوتر بشكل فعّال.

5. التواصل الفعّال
   تعلم كيفية التعبير عن مشاعرك بوضوح وبشكل مناسب بدلاً من الاحتفاظ بها. إذا كان هناك شيء يزعجك، حاول التحدث عنه بطريقة بنّاءة بدلاً من الانفجار في شكل عصبية.

6. الاعتراف بالعصبية والقبول بها
   لا تعتبر العصبية شعورًا سلبيًا بالضرورة، بل يمكن أن تكون دافعًا لتغيير الأمور التي لا تعجبك. إذا كنت تشعر بالعصبية، اعترف بها واعتبرها فرصة لتحسين الوضع.

7. الاستماع إلى نصائح الآخرين
   أحيانًا، يكون الحصول على مشورة من شخص آخر أكثر هدوءًا يساعد في تهدئة الأعصاب. يمكن أن يقدم لك الأصدقاء أو العائلة نصائح عملية لتحسين أسلوبك في التعامل مع المواقف المثيرة للعصبية.

العواقب السلبية للعصبية المستمرة

إذا استمرت العصبية لفترات طويلة دون معالجة، فإنها قد تؤدي إلى عدة عواقب سلبية تؤثر على الحياة الشخصية والمهنية. من أبرز هذه العواقب:

• تدهور العلاقات الاجتماعية: العصبية المتكررة قد تؤدي إلى تدهور العلاقات مع الأصدقاء والعائلة، وقد يبتعد الناس عنك بسبب شعورهم بالقلق أو الإحراج من ردود فعلك.
• مشاكل صحية: العصبية المستمرة قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، واضطرابات الجهاز الهضمي.
• ضعف الأداء المهني: العصبية قد تؤثر على تركيزك في العمل وتجعلك أقل إنتاجية، مما يؤدي إلى تراجع الأداء المهني.
• الاكتئاب والقلق: يمكن أن يؤدي عدم السيطرة على العصبية إلى مشاعر الاكتئاب والقلق التي قد تصبح مزمنة.

الخلاصة

العصبية ليست حالة نادرة أو غريبة، بل هي جزء من تجاربنا الإنسانية اليومية. لكن إذا أصبحت العصبية جزءًا كبيرًا من حياتك وتؤثر سلبًا على أدائك وعلاقاتك، فمن الضروري اتخاذ خطوات فعّالة للتحكم فيها. يمكن التغلب على العصبية من خلال فهم أسبابها، والتعرف على المحفزات، واستخدام استراتيجيات مثل التنفس العميق والرياضة والراحة العقلية. وفي النهاية، من المهم أن تتذكر أن العصبية يمكن أن تكون قابلة للتحكم والتوجيه نحو تحسين حياتك بدلًا من أن تظل عائقًا أمام راحتك الشخصية.