كيف تتحقق من صحة المحتوى والأخبار على شبكات التواصل الاجتماعي؟
أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي تسهم في نشر المعلومات بشكل سريع وعالمي. ولكن في نفس الوقت، أصبحت هذه الشبكات بيئة خصبة لنشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة. ومع تزايد اعتمادنا على هذه الشبكات في الحصول على الأخبار والمعلومات، بات من الضروري أن نتعلم كيفية التحقق من صحة المحتوى قبل تصديقه أو مشاركته. في هذا المقال، سنتناول كيفية التحقق من صحة الأخبار والمحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال مجموعة من الأدوات والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد المستخدم في تجنب الوقوع ضحية للمعلومات الخاطئة.
أولاً: فهم السياق والتوجهات العامة للمحتوى
من أولى الخطوات التي يمكن أن نتخذها للتحقق من صحة المحتوى هو فحص السياق العام للمعلومة. في كثير من الأحيان، يتم نشر الأخبار بشكل مفاجئ أو عاطفي على منصات التواصل الاجتماعي بهدف إثارة الانتباه. لهذا يجب أن نكون حذرين عند قراءة الأخبار التي تثير مشاعرنا أو التي تحمل رسائل تحريضية أو مثيرة للجدل. يجب أن نتساءل: هل المعلومات التي أقرأها تتماشى مع واقع الأحداث الحالي؟ وهل هي متوافقة مع المعلومات المعروفة من قبل المصادر المعتمدة؟
قد تحتوي بعض الأخبار على عناوين مثيرة وغريبة، وهو ما يسمى بـ “clickbait” (العناوين الجاذبة). وعادةً ما تهدف هذه العناوين إلى جذب أكبر عدد ممكن من النقرات، دون أن تكون المعلومات المدعمة بها صحيحة أو دقيقة. ولذلك يجب أن نتوقف قليلاً قبل الانجراف وراء العناوين المثيرة.
ثانياً: فحص مصدر الخبر
من أبرز طرق التحقق من صحة الأخبار هو التحقق من مصدرها. قد تكون هذه الخطوة بسيطة، لكن في كثير من الأحيان نغفل عنها أو نتجاهلها. إذا كانت المعلومات تأتي من مصدر غير معروف أو من حسابات شخصية عادية، فيجب التعامل معها بحذر شديد. فيما يلي بعض النقاط التي يجب مراعاتها عند فحص مصدر الخبر:
-
المصادر الموثوقة: يجب أن نبحث عن المعلومات التي تأتي من مصادر إعلامية معروفة وموثوقة مثل القنوات الإخبارية الكبرى، المواقع الرسمية للمؤسسات، أو الصحف العالمية المرموقة. فإذا كانت المعلومة تقتصر على حسابات شخصية أو مواقع مجهولة الهوية، فمن المرجح أن تكون مشكوك فيها.
-
التحقق من الموقع الإلكتروني: عند قراءة مقال أو خبر من موقع ويب غير مألوف، يجب فحص عنوان الموقع. قد تكون المواقع التي تحمل أسماء مشابهة لمواقع مشهورة ولكنها تفتقر إلى المصداقية، وهي غالبًا ما تكون مغرضة. إضافةً إلى ذلك، يمكن التأكد من أن الموقع يحتوي على معلومات اتصالية واضحة، وحقوق نشر، وسجل من المقالات الموثوقة.
-
البحث عن المؤلف: يجب أيضًا التحقق من هوية المؤلف أو الكاتب. إذا كان المقال يحتوي على اسم شخص غير معروف أو لم يتم تقديم أي معلومات عن خلفيته المهنية، فهذا قد يكون دليلاً على أن المقال غير موثوق.
ثالثاً: استخدام أدوات التحقق من الأخبار
توجد العديد من الأدوات والمواقع المتخصصة في التحقق من صحة الأخبار والمحتوى المنتشر على الإنترنت. يمكن للمستخدم الاستفادة من هذه الأدوات للتحقق من دقة المعلومات. من أشهر هذه الأدوات:
-
Snopes: هو أحد أقدم وأشهر المواقع التي تتحقق من صحة الأخبار والشائعات المنتشرة عبر الإنترنت. يمكن من خلاله البحث عن الأخبار للتحقق مما إذا كانت صحيحة أو لا.
-
PolitiFact: يقدم هذا الموقع خدمة التحقق من صحة التصريحات السياسية. إذا كنت قد صادفت خبرًا متعلقًا بالسياسة، يمكن لهذا الموقع أن يساعدك في التأكد من صحة المعلومات.
-
FactCheck.org: هو موقع آخر متخصص في فحص الأخبار والمعلومات التي يتم تداولها على الإنترنت. يوفر الموقع تحليلات دقيقة حول ما إذا كانت الأخبار صحيحة أو مضللة.
-
Google Fact Check Tools: تقدم جوجل أيضًا أداة للتحقق من الأخبار عبر محرك البحث الخاص بها. عند إدخال نص الخبر، تظهر لك المقالات المتعلقة بالموضوع لتساعدك في التحقق من صحته.
رابعاً: التحقق من التواريخ والأوقات
في بعض الأحيان، يتم نشر معلومات قديمة على أنها حديثة، أو يتم استخدام صورة أو فيديو من حدث قديم لربطه بمناسبة جديدة. لذلك، يجب التحقق دائمًا من تاريخ النشر والتأكد من أن الخبر يتعلق بالوقت الحالي.
يمكن التحقق من التاريخ من خلال عدة طرق:
-
البحث العكسي للصور: يمكن استخدام أدوات مثل Google Reverse Image Search للتحقق من أصل الصور المستخدمة في الخبر. هذه الأداة تساعد في تحديد متى وأين تم نشر الصورة لأول مرة.
-
التحقق من التاريخ في النص: في كثير من الأحيان، تحتوي المقالات على تواريخ ضمن النص نفسه. إذا لم تجد أي إشارة لتاريخ الحدث أو المقال، فقد يكون هذا علامة على أنه خبر قديم أو تم تحريفه.
خامساً: البحث عن التقارير المتوافقة من مصادر متعددة
قبل تصديق أي خبر، من المهم أن تبحث عن تغطية له من مصادر أخرى. الأخبار الصحيحة والمهمة عادةً ما تغطيها العديد من وسائل الإعلام المختلفة. إذا كان الخبر يظهر فقط على منصة واحدة أو مصدر واحد، فهذا قد يكون مؤشرًا على أنه مشكوك فيه. في حين أن الخبر قد يكون صحيحًا في بعض الأحيان، إلا أن التحقق من أن نفس الخبر يظهر في أكثر من موقع إخباري يمكن أن يساعد في ضمان دقته.
كما يمكن أن يساعد التنقل بين عدة منصات تواصل اجتماعي في الكشف عن الخبر الحقيقي. على سبيل المثال، إذا كانت هناك تغطية لحدث معين، يمكن متابعة تفاعل المستخدمين على منصات مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام، والتأكد من أن المعلومات تتوافق مع ما تم نشره في وسائل الإعلام التقليدية.
سادساً: فحص الفيديوهات والصور المرفقة
في بعض الأحيان، يتم استخدام الصور والفيديوهات المضللة أو التي تم تعديلها بشكل غير دقيق لدعم الأخبار الكاذبة. للتحقق من صحة الصور والفيديوهات، يمكن اتباع الآتي:
-
البحث العكسي للصور والفيديوهات: من خلال استخدام أدوات مثل “Google Reverse Image Search” أو “InVID”، يمكن للمستخدم البحث عن الصورة أو الفيديو والتحقق من مصدرهما الأصلي.
-
تحليل الفيديو: إذا كان الفيديو يحتوي على معلومات هامة أو مثيرة للجدل، يمكن استخدام أدوات مثل “InVID” لفحص التفاصيل المتعلقة بالفيديو، مثل وقت تحميله، ومصدره، والأماكن التي تم تحميله فيها.
-
مراجعة المحتوى المتعلق بالصورة أو الفيديو: قد يحتوي الفيديو أو الصورة على تعليق أو نص مصاحب يمكن أن يساعد في تفسير محتوى الصورة بشكل صحيح. إذا كان النص مرفقًا مع الصورة أو الفيديو، يمكن فحصه للتحقق من دقته.
سابعاً: الاستعانة بالخبراء والمتخصصين
في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر استشارة الخبراء والمتخصصين في المجال للتحقق من صحة المحتوى. على سبيل المثال، إذا كانت الأخبار تتعلق بالقضايا الطبية أو العلمية، فيجب الرجوع إلى الخبراء أو المؤسسات العلمية التي يمكن أن تؤكد أو تنفي صحة الخبر.
يمكن الوصول إلى هؤلاء المتخصصين عبر الإنترنت من خلال المنتديات العلمية أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي حيث يتفاعل الخبراء مع الجمهور.
خاتمة
في عصر المعلومات السريعة والتطور التكنولوجي الذي نعيشه اليوم، أصبح من السهل جداً أن ننشر معلومات قد تكون مغلوطة أو غير دقيقة على منصات التواصل الاجتماعي. ولذا، يجب أن نكون جميعًا مسؤولين في التعامل مع المحتوى الذي نستهلكه ونشاركه. من خلال اتباع الخطوات والنصائح التي تم ذكرها في هذا المقال، يمكننا أن نتحقق من صحة الأخبار والمحتوى الذي نواجهه على الإنترنت، وبالتالي نساعد في الحد من انتشار المعلومات الكاذبة والمضللة.
