كيف تخبر أحداً بخبر سيئ لا علاقة لك بحدوثه؟
إخبار شخص بخبر سيئ هو موقف يتطلب قدرة على التوازن بين الحساسية والصدق، وبين الاحتفاظ بمشاعر الطرف الآخر وبين تقديم المعلومات بوضوح. إذا كان الخبر السيئ الذي ستنقله لا علاقة لك بحدوثه، فإن الوضع يصبح أكثر تعقيداً، حيث قد يشعر الشخص الذي يستمع إليك بمرارة أو استياء بسبب الظروف التي تحيط بهذا الخبر. سواء كان الخبر يتعلق بمشكلة صحية، أو قرار إداري يؤثر عليه، أو حتى حالة اجتماعية أو عائلية، فإن الطريقة التي ستختارها لإبلاغه بذلك قد تلعب دوراً مهماً في كيفية استيعابه وتفاعله مع الخبر.
1. اختيار التوقيت المناسب:
أحد أهم العوامل التي تؤثر في كيفية تلقي شخص ما لخبر سيئ هو التوقيت. يجب أن تكون حريصاً على اختيار وقت مناسب لنقل هذا الخبر، حيث يتعين أن يكون الشخص الآخر في حالة ذهنية تسمح له بالاستماع وفهم الوضع. لا يجوز إخبار شخص بخبر سيئ في لحظة توتر أو عند وجود ضغط عصبي أو نفسي شديد. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يمر بتجربة صعبة أو لحظة عصيبة في حياته، فقد لا يكون مستعداً لتلقي أي أخبار إضافية قد تزعجه.
2. استخدام أسلوب مدروس لتقديم الخبر:
من الأفضل تجنب الأساليب الفجائية التي قد تكون صادمة. يُفضل تقديم الخبر تدريجياً وبطريقة تتيح للشخص أن يتحضر عقلياً ووجدانياً لهذا النوع من الأخبار. يمكن البدء بمقدمة تهدف إلى تهدئة الطرف الآخر، مثل: “أعلم أن هذا قد يكون مفاجئاً لك، ولكن يجب أن أخبرك بشيء مهم.” بهذه الطريقة، تمنح الشخص فرصة لتجهيز نفسه قبل أن يتم إبلاغه بالخبر.
3. التحلي بالتعاطف والاحترام:
يجب أن يتم نقل الخبر السيئ بأسلوب يُظهر الاحترام الكامل لمشاعر الشخص الآخر. يمكن أن يكون إظهار التعاطف والتفهم من خلال لغة الجسد، نبرة الصوت، أو حتى الكلمات التي تختارها أمراً مهماً. على سبيل المثال، يمكن قول شيء مثل: “أنا آسف لأنك ستسمع هذا الآن، وأفهم تماماً كيف يمكن أن يكون هذا صعباً عليك.” يساعد هذا النوع من التعاطف الشخص الآخر على الشعور بأنك تدعمه في وقت عصيب، رغم أن الخبر ليس من مسؤوليتك.
4. تجنب إلقاء اللوم أو تحميل المسؤولية:
من الأخطاء الشائعة عند نقل أخبار سيئة هي محاولة إلقاء اللوم على أحد أو تحميل المسؤولية لأشخاص آخرين. حتى لو كنت تعرف من تسبب في الخبر السيئ، يجب عليك تجنب نقل هذا اللوم إلى الشخص الذي يستمع إليك. فالأمر لا يتعلق بك ولا بالشخص الذي ستخبره. مهمتك هنا هي نقل الخبر بموضوعية وحياد تام. إذا كانت هناك أطراف أخرى متورطة في الخبر السيئ، يفضل أن تترك التفاصيل السلبية لأوقات أخرى، وأن تركز في اللحظة الحالية على تأثير الخبر على الشخص الآخر فقط.
5. تبني الشفافية والصدق:
حتى لو كان الخبر سيئاً، يجب أن تبقى صادقاً وشفافاً قدر الإمكان. إخفاء الحقائق أو تقديم معلومات غير دقيقة قد يزيد من معاناة الشخص المعني عندما يكتشف الحقيقة في وقت لاحق. من الأفضل أن تكون صريحاً بما فيه الكفاية مع الشخص الآخر، مع احترام مشاعره وحساسيته تجاه الخبر.
6. إعطاء مساحة للشخص لاستيعاب الخبر:
بعد نقل الخبر السيئ، من الضروري أن تمنح الشخص الوقت والمساحة التي يحتاجها لاستيعاب المعلومة. قد يكون رد الفعل الأولي مزيجاً من الدهشة، الحزن، الغضب، أو حتى الإنكار. من المهم أن تكون مستعداً للتعامل مع أي نوع من المشاعر التي قد تظهر، وألا تضغط عليه لكي يتفاعل بطريقة معينة. يجب أن تُظهر له أنك هنا للاستماع إليه ودعمه، دون أن تُحمل عليه المزيد من التوقعات حول كيفية تعامله مع الخبر.
7. عرض المساعدة والدعم بشكل عملي:
من المهم أن تبيّن للشخص أنك هنا للمساعدة، حتى وإن لم تكن أنت المتسبب في الخبر السيئ. قد يكون لديك بعض الحلول أو ربما بعض الموارد التي يمكن أن تسهم في تخفيف أثر هذا الخبر السيئ. عرض المساعدة لا يعني تقديم حلول غير واقعية، بل إظهار الاستعداد للمساندة النفسية والعاطفية، أو توجيه الشخص إلى من يمكنه مساعدته بشكل أكثر فاعلية.
8. الحفاظ على الهدوء:
قد يكون الشخص الذي يستمع إليك غاضباً أو حزيناً، وقد تظهر ردود فعل قوية وغير متوقعة. من خلال الحفاظ على هدوئك الشخصي وتجنب الانفعال، أنت تُظهر الاحترام للموقف وتساعد في تهدئة الأمور. عندما يشعر الشخص أن لديه شخصاً هادئاً ومتوازناً بجانبه، فإن ذلك يسهم في تخفيف العبء العاطفي الذي قد يشعر به نتيجة لتلقي الخبر السيئ.
9. إعداد الشخص لما قد يحدث بعد ذلك:
من الضروري أن توضح للشخص الذي يستمع إليك ما قد يحدث بعد تلقي الخبر السيئ. إذا كان هناك خطوات يتعين عليه اتخاذها، أو تغييرات ستطرأ على حياته نتيجة لهذا الخبر، يجب أن توضح له هذه الأمور بوضوح. يساعد هذا التوضيح في تخفيف حالة التوتر والقلق التي قد يشعر بها الشخص، كما أنه يعزز من فكرة أن هناك حلولا يمكن الوصول إليها رغم صعوبة الموقف.
10. تفادي التهويل أو التبسيط المفرط:
عند نقل الأخبار السيئة، من المهم أن تكون دقيقاً في وصف الوضع. لا تذهب في الاتجاهين المبالغ فيهما: إما التهويل المفرط أو التبسيط المبالغ فيه. قد يؤدي التهويل إلى إثارة الذعر أو القلق بشكل غير مبرر، بينما قد يؤدي التبسيط إلى التقليل من أهمية الخبر أو تجاهل المشاعر التي يشعر بها الشخص المعني. يجب أن تكون في الوسط، تقدّم الصورة الواقعية للموقف دون مبالغة.
11. متابعة الوضع بعد إبلاغ الخبر:
بعد نقل الخبر السيئ، ليس من الواجب عليك أن تترك الشخص بمفرده لمواجهة الأمر. يمكن أن يكون المتابعة بعد فترة أمراً مهماً للتأكد من أن الشخص قد بدأ في التعامل مع الموقف بشكل مناسب. قد تحتاج إلى التواصل معه في وقت لاحق لمتابعة كيفية تطور الأمور ودعمه إذا لزم الأمر.
12. الاعتراف بمشاعر الشخص وتقديرها:
أحياناً، يحتاج الشخص الذي يتلقى الخبر السيئ إلى التأكيد على أن مشاعره طبيعية ومقبولة. من خلال الاعتراف بمشاعر الشخص وتقديرها، مثل القول “من الطبيعي أن تشعر بهذه الطريقة”، تُظهر له أنك لا تنكر أو تتجاهل الألم الذي يعيشه، بل تسانده في التعامل معه.
في النهاية، إخبار شخص بخبر سيئ يتطلب حساسية وذكاء اجتماعيين. يجب أن تتعامل مع الموقف بكل تأنٍ، مع الحرص على أن تكون مهذباً وصادقاً في الوقت نفسه. مهما كان الخبر الذي ستنقله، فإن الطريقة التي تختارها لإبلاغه يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقليل آثار الصدمة والمساعدة على التكيف مع الواقع.
