تشققات البطن أثناء الحمل: الأسباب، الوقاية، والعلاج

تُعد تشققات البطن أثناء الحمل من الظواهر الجلدية الشائعة التي تواجهها نسبة كبيرة من النساء خلال فترة الحمل، وتُعرف طبياً باسم “علامات التمدد” أو Stretch Marks. تظهر هذه التشققات عادةً على شكل خطوط طولية أو عرضية على الجلد، وتكون في البداية ذات لون وردي أو أحمر، ثم تتحول تدريجياً إلى اللون الفضي أو الأبيض بعد الولادة. وتُعد هذه الظاهرة طبيعية وغير مؤذية من الناحية الصحية، لكنها قد تسبب قلقًا نفسيًا أو عدم ارتياح من الناحية الجمالية للعديد من النساء، خاصة في ظل ضغط الصور المثالية التي تروج لها وسائل الإعلام.

ما هي تشققات البطن أثناء الحمل؟

تشققات البطن هي تمزقات صغيرة تحدث في طبقة الجلد الوسطى (الأدمة) نتيجة تمدد الجلد بسرعة تفوق قدرته على التكيف مع هذا التغير. تحدث هذه التشققات عادة في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، وتتركز غالباً في منطقة البطن، لكنها قد تمتد لتشمل الثديين، الفخذين، الأرداف، والذراعين.

الأسباب الفسيولوجية لتشققات الحمل

ترتبط تشققات الحمل بعدة عوامل فيزيولوجية وهرمونية، من أهمها:

1. التمدد السريع للجلد

زيادة حجم الجنين وسرعة نمو الرحم تؤدي إلى تمدد كبير في الجلد، خصوصًا في منطقة البطن، ما يضع ضغطًا مفرطًا على ألياف الكولاجين والإيلاستين في طبقة الأدمة. هذه الألياف هي المسؤولة عن مرونة الجلد، وتمددها بسرعة قد يؤدي إلى تمزقها.

2. التغيرات الهرمونية

يزداد إفراز هرمونات مثل الكورتيزول أثناء الحمل، والتي تؤثر على إنتاج الكولاجين في الجلد وتضعف من مرونته. يؤدي هذا التأثير الهرموني إلى جعل الجلد أكثر عرضة للتمزقات عند تمدده.

3. العوامل الوراثية

تلعب الوراثة دورًا كبيرًا في تحديد ما إذا كانت المرأة ستعاني من التشققات أثناء الحمل. فإذا كانت الأم أو الأخوات قد تعرضن لهذه العلامات، فمن المرجح أن تعاني منها الحامل أيضًا.

4. زيادة الوزن السريعة

الزيادة المفاجئة في وزن الحامل خلال فترة زمنية قصيرة تعتبر عاملاً أساسياً في حدوث التشققات، إذ يُجبر الجلد على التمدد بسرعة دون إعطائه وقتًا كافيًا للتأقلم.

أنواع تشققات الحمل حسب اللون والموقع

مراحل ظهور التشققات

1. المرحلة الأولى: الشعور بالحكة في مناطق معينة من الجلد، خاصة في البطن.

2. المرحلة الثانية: ظهور خطوط وردية أو حمراء تمتد بشكل متعرج.

3. المرحلة الثالثة: تحول لون التشققات إلى اللون الفضي أو الأبيض بعد الولادة.

4. المرحلة الرابعة: ثبات اللون الفاتح للتشققات، وقد تصبح أقل وضوحًا مع مرور الوقت.

طرق الوقاية من تشققات البطن أثناء الحمل

رغم أنه لا يمكن منع تشققات الحمل بنسبة 100%، إلا أن هناك مجموعة من الإجراءات التي تساهم بشكل كبير في تقليل فرص ظهورها أو في التخفيف من حدتها:

1. ترطيب الجلد بانتظام

استخدام مرطبات عالية الجودة يوميًا يساعد على الحفاظ على مرونة الجلد. الزيوت الطبيعية مثل زيت اللوز، زيت جوز الهند، أو زبدة الشيا تعتبر فعالة جدًا في الترطيب العميق.

2. شرب كميات كافية من الماء

الماء يلعب دورًا محوريًا في ترطيب الجسم والجلد من الداخل، مما يساعد على منع الجفاف ويزيد من قدرة الجلد على التمدد.

3. التغذية السليمة

تناول أغذية غنية بفيتامينات C وE والزنك والسيليكا يساهم في تعزيز إنتاج الكولاجين الضروري لصحة الجلد. الفواكه الحمضية، المكسرات، والخضروات الورقية الخضراء كلها خيارات ممتازة.

4. ممارسة الرياضة الخفيفة

التمارين الخفيفة المنتظمة مثل المشي أو اليوغا للحامل تساهم في تحسين الدورة الدموية وتعزز من تماسك الجلد.

5. تجنب الزيادة المفاجئة في الوزن

يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن لتفادي الزيادة السريعة في الوزن والتي تضع الجلد تحت ضغط كبير.

العلاجات المتاحة لتشققات الحمل

بعد الولادة، تختار بعض النساء علاج التشققات للتخفيف من مظهرها، رغم أنها قد لا تختفي بالكامل. العلاجات المتوفرة تنقسم إلى نوعين رئيسيين: العلاجات الموضعية والإجراءات التجميلية.

أولاً: العلاجات الموضعية

1. الكريمات والمراهم

• تريتينوين (Retinoid Creams): يساعد على تحفيز إنتاج الكولاجين ويقلل من بروز التشققات إذا استُخدم في وقت مبكر بعد الولادة. لا يُنصح باستخدامه أثناء الحمل.

• كريمات تحتوي على حمض الهيالورونيك: تساعد على تحسين مظهر الجلد وتجديد الخلايا.

• مستحضرات تحتوي على زبدة الكاكاو أو زبدة الشيا: تساهم في ترطيب الجلد وتحسين مرونته، لكنها ليست علاجاً فعالاً بمفردها لتشققات قديمة.

2. الزيوت الطبيعية

• زيت اللوز الحلو: أظهر فعالية في تقليل تشققات الحمل عند استخدامه بانتظام خلال الحمل.

• زيت الأرغان: يحتوي على فيتامين E ومضادات أكسدة تساهم في تحسين مرونة الجلد.

ثانياً: الإجراءات التجميلية

1. العلاج بالليزر

يُستخدم الليزر لتحفيز إنتاج الكولاجين وشد البشرة، ويعد من أكثر الطرق فعالية لتقليل مظهر التشققات. تختلف أنواع الليزر حسب الحالة، من ضمنها:

• ليزر فراكشنال

• ليزر النبضات الضوئية المكثفة (IPL)

2. التقشير الكيميائي

يساعد التقشير باستخدام الأحماض (مثل حمض الجليكوليك) على تجديد خلايا الجلد وتحسين مظهر التشققات، خصوصًا الحمراء منها.

3. المايكرونيدلينغ (Microneedling)

تقنية تعتمد على استخدام إبر دقيقة لتحفيز تجديد الجلد من خلال تعزيز إنتاج الكولاجين.

4. العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح (PRP)

يتم استخدام دم المريضة لفصل الصفائح الدموية الغنية بعوامل النمو وحقنها في مناطق التشققات لتحفيز تجديد الخلايا.

العوامل المؤثرة على فعالية العلاج

• عمر التشققات: التشققات الحديثة أكثر استجابة للعلاج من القديمة.

• لون البشرة: قد تؤثر على نوع الليزر أو العلاج المناسب.

• الاستمرارية: المواظبة على العلاج عامل حاسم في نجاحه.

• الاستجابة الفردية: تختلف النتائج من شخص لآخر تبعًا للبنية الجينية ونمط الحياة.

التأثيرات النفسية لتشققات البطن أثناء الحمل

رغم أن هذه التشققات لا تُعد مشكلة صحية، إلا أن لها تأثيرات نفسية عميقة على بعض النساء، قد تصل إلى انخفاض تقدير الذات أو القلق الاجتماعي. ولذلك يُوصى دائمًا بدعم الحامل نفسيًا وتشجيعها على تقبل التغيرات الطبيعية التي تحدث في جسدها خلال هذه المرحلة المهمة من حياتها.

نصائح للعناية بالبشرة خلال الحمل

• استخدام واقي شمس يومي لتقليل تصبغات الجلد التي قد تترافق مع التغيرات الهرمونية.

• تجنب استخدام المنتجات الكيميائية القاسية أو المقشرات العنيفة.

• ارتداء ملابس قطنية مريحة لتقليل الحكة الناتجة عن تمدد الجلد.

• المحافظة على روتين عناية يومي ثابت، خصوصًا خلال الثلث الثاني والثالث من الحمل.

الفرق بين تشققات الحمل وتشققات البلوغ أو السمنة

من المهم التمييز بين أنواع التشققات الجلدية، حيث تختلف في الأسباب وطرق العلاج. في حين أن تشققات الحمل تنتج عن التغيرات الهرمونية والتمدد السريع للجلد، فإن التشققات الناتجة عن البلوغ أو السمنة ترتبط غالبًا بتغيرات الوزن أو الطول في فترات قصيرة، وغالبًا ما تكون في مناطق مختلفة من الجسم. كما أن تشققات الحمل تكون أكثر عمقًا وأصعب علاجًا.

المصادر والمراجع

1. American Academy of Dermatology Association (AAD)

2. National Institutes of Health (NIH) – PubMed Central

هذا المقال يعالج موضوعًا يشغل بال العديد من النساء الحوامل، ويقدم خلاصة علمية وموسعة حول كل ما يتعلق بتشققات البطن، من الأسباب والعوامل المؤثرة، إلى الوقاية والعلاج، بشكل يجعل من الممكن التعامل معها بطريقة علمية وفعالة.