كيفية الحج والعمرة

يُعتبر الحج والعمرة من أركان الإسلام التي فرضها الله تعالى على المسلمين، وهي من العبادات العظيمة التي تجمع بين الجوانب الروحية والاجتماعية والتاريخية. الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وفرض على كل مسلم بالغ عاقل قادر مرة واحدة في العمر، أما العمرة فهي سنة مؤكدة تُؤدى في أي وقت من السنة. يتشابه الحج والعمرة في بعض المناسك، لكن لكل منهما خصائصه ومراحل محددة. هذا المقال يقدم شرحًا تفصيليًا وواسعًا عن كيفية أداء الحج والعمرة، مع التركيز على الخطوات الصحيحة والأحكام المرتبطة بكل منهما.

تعريف الحج والعمرة

الحج

الحج هو عبادة تفويضيّة يشرعها الله تعالى في وقت محدد من السنة، وتتم في شهر ذي الحجة، ويشمل مجموعة من المناسك التي يؤديها المسلم في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة. يُعتبر الحج فريضة على كل مسلم بالغ عاقل قادر ماليًا وصحيًا على أداء هذه الرحلة.

العمرة

العمرة هي زيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك معينة خارج موسم الحج، وتُعرف بـ”الحج الأصغر”، يمكن أداؤها في أي وقت من السنة، وتعتبر سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

خطوات أداء الحج

يبدأ الحج من نية الإحرام، وهو الدخول في حالة خاصة من الطهارة والتقوى، مصحوبة ببعض المحظورات التي يجب الالتزام بها حتى انتهاء المناسك.

1. النية والإحرام

يبدأ الحاج بالتلبية، وهي نداء يُعلن فيه نيته أداء الحج. يلبس الرجال إزارًا ورداءً أبيضان بسيطان، ويرتدي النساء ملابس عادية غير مزينة. يُحرم الحاج من الميقات الذي هو المكان المحدد لإطلاق نية الإحرام، مثل ذو الحليفة لأهل المدينة، أو الجحفة لأهل الشام، وغيرها من المواقيت.

تبدأ التلبية بكلمات:

“لبيك اللهم حجًا” ويكررها الحاج مع الذكر والتكبير.

2. الطواف حول الكعبة (طواف القدوم)

بعد دخول مكة المكرمة، يبدأ الحاج بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط بدءًا من الحجر الأسود، مع التوجه نحو القبلة، ويُفضل الطواف في حالة إحرام.

3. السعي بين الصفا والمروة

بعد الطواف، يقوم الحاج بالسعي بين جبل الصفا وجبل المروة سبعة أشواط، وهو سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تعبيرًا عن بحث هاجر عن الماء لابنها إسماعيل.

4. الوقوف بعرفة (ركن الحج الأعظم)

يوم التاسع من ذي الحجة، يتوجه الحجاج إلى جبل عرفة، ويقضون وقت النهار بالدعاء والذكر والخشوع، وهو أهم أركان الحج. من ترك الوقوف بعرفة بطريق الخطأ أو عمداً، لم يصح حجه.

5. مزدلفة

بعد غروب شمس يوم عرفة، يتجه الحجاج إلى مزدلفة، حيث يقضون الليل هناك، ويجمعون حصى لرمي الجمرات. الصلاة في مزدلفة جمع بين المغرب والعشاء.

6. رمي الجمرات

في يوم العيد (العاشر من ذي الحجة) وأيام التشريق (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر)، يرمي الحجاج الجمرات في منى، بدءًا من جمرة العقبة الكبرى، ثم الصغرى، ثم الوسطى، رميًا بالحجارة الصغيرة التي جمعوها.

7. الذبح والحلق

بعد رمي جمرة العقبة الكبرى، يقوم الحاج بذبح الهدي أو التمتع. ثم يقوم الرجال بحلق الرأس أو تقصيره، أما النساء فتقصير من شعرها.

8. طواف الإفاضة

يُعد طواف الإفاضة ركنًا من أركان الحج، وهو طواف واجب بعد يوم العيد وفي أيام التشريق، يطوف فيه الحاج حول الكعبة سبعة أشواط.

9. طواف الوداع

يُختتم الحج بطواف الوداع، وهو طواف الوداع الذي يؤديه الحاج قبل مغادرته مكة، ويعتبر رمزًا لانتهاء مناسك الحج.

خطوات أداء العمرة

تختلف العمرة عن الحج في كونه لا يشمل الوقوف بعرفة أو رمي الجمرات، وهي مناسك أقل عددًا لكنها تحمل نفس الروحانية العظيمة.

1. النية والإحرام

ينوي المعتمر الدخول في مناسك العمرة عند الميقات، ثم يلبس الإزار والرداء إن كان رجلاً، ويبدأ بالتلبية.

2. الطواف حول الكعبة

كما في الحج، يبدأ المعتمر بالطواف سبعة أشواط حول الكعبة، مع استقبال الحجر الأسود.

3. السعي بين الصفا والمروة

بعد الطواف، يبدأ السعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة.

4. التقصير أو الحلق

يختم المعتمر عمرة بقص جزء من شعره، أو حلقه إن كان رجلاً، وهذا يدل على الخروج من حالة الإحرام.

الأحكام الشرعية المتعلقة بالحج والعمرة

هناك عدة أحكام شرعية يجب الالتزام بها أثناء أداء الحج والعمرة لتصحيحهما، منها:

• الإحرام: لا يجوز للحاج أن يرتكب المحظورات كالتطيب، التطيب بالعطور، لبس المخيط للرجال، التقاء الزوجين، والقتل.

• الطهارة: المحافظة على الطهارة والوضوء مطلوب في أغلب المناسك.

• الذبح: لمن اختار التمتع أو القران يجب ذبح الهدي.

• الوقت: الحج يُشترط أن يكون في أوقات محددة، بينما العمرة يمكن أداؤها في أي وقت.

• الصلاة: المحافظة على أداء الصلوات في وقتها وعدم التهاون فيها.

أهمية الحج والعمرة في الإسلام

يؤكد الإسلام على أهمية الحج والعمرة كوسيلة للتقرب إلى الله، وتطهير النفس، وتأكيد وحدة المسلمين، إذ يجتمعون من كل بقاع الأرض على ملة واحدة، في صورة تعكس التضامن والتكافل الاجتماعي.

تُكفر الحاج الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.”

جدول مقارنة بين الحج والعمرة

الخاتمة

الحج والعمرة هما من أعظم العبادات في الإسلام التي تتطلب الاستعداد الجسدي والروحي، كما تستدعي معرفة دقيقة بأحكامها ومناسكها لضمان قبولها وصحتها. في أداء هذه المناسك العظيمة، يجد المسلم فرصة للتوبة والتقرب من الله، وتجديد إيمانه، وتقوية الروابط الاجتماعية مع المسلمين من مختلف أنحاء العالم.

لقد حرص الإسلام على تنظيم هذه العبادات بطريقة تعكس النظام والروحانية العميقة، مع التأكيد على الجانب الإنساني والاجتماعي من خلال التلاحم والوحدة الإسلامية. الحج والعمرة ليسا مجرد مناسك جسدية، بل هما رحلة روحانية تستوجب الإخلاص والنية الصادقة والخشوع في كل خطوة من خطواتهما.

المصادر والمراجع:

• كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، د. وهبة الزحيلي

• صحيح البخاري ومسلم (في كتب الحج والعمرة)