كمية الحليب اليومية للطفل

كم يحتاج الطفل من الحليب يومياً

إن الحليب يُعتبر المصدر الغذائي الرئيسي والمثالي لتغذية الأطفال في مراحلهم الأولى، إذ يوفر البروتينات، الدهون، الفيتامينات، الكالسيوم، والسوائل الأساسية لنموهم الجسدي والعقلي. تختلف الكمية التي يحتاجها الطفل من الحليب يومياً تبعًا لعمره، وزنه، حالته الصحية، نوع الحليب (طبيعي أو صناعي)، ومستوى نشاطه. فهم هذه المتغيرات يساعد الوالدين على تأمين تغذية متوازنة ويقلل من مخاطر النقص الغذائي أو الإفراط الذي قد يؤثر سلبًا على صحة الطفل.

الكمية اليومية من الحليب حسب العمر

1. من الولادة حتى عمر 6 شهور (الرضاعة الطبيعية أو الصناعية)

في هذا العمر، يُعتبر الحليب هو الغذاء الوحيد الذي يحتاجه الطفل، ولا يُنصح بإعطائه أي أطعمة صلبة أو ماء.

الرضاعة الطبيعية:

• الأطفال يرضعون عند الطلب، أي كلما أبدوا علامات الجوع، وقد يصل عدد الرضعات إلى 8-12 مرة يومياً.

• كمية الحليب التي يحصل عليها الطفل في كل رضعة تختلف، ولكن في المجمل يحصل الرضيع على حوالي 750 إلى 900 مل من الحليب يوميًا في عمر 1-6 شهور.

• بعض الأطفال قد يحتاجون أكثر أو أقل تبعًا لمعدل النمو الفردي.

الرضاعة الصناعية:

• الأطفال الرضع غالبًا ما يبدؤون بكمية صغيرة (30-60 مل لكل رضعة) في الأيام الأولى، وتزداد تدريجياً.

• في عمر الشهر الواحد، قد يتناول الطفل حوالي 90-120 مل كل 3-4 ساعات.

• بحلول الشهر الرابع إلى السادس، قد يصل مجموع ما يتناوله يومياً إلى 900-1000 مل تقريباً.

2. من 6 إلى 12 شهراً

مع إدخال الأطعمة الصلبة تدريجياً، تبقى الرضاعة الطبيعية أو الصناعية المصدر الأساسي للسعرات الحرارية.

• الكمية اليومية من الحليب تكون في حدود 700-950 مل يومياً.

• يُوصى بالاستمرار في الرضاعة الطبيعية إلى جانب الأغذية التكميلية.

• في حالة الرضاعة الصناعية، يمكن تقليل عدد الزجاجات تدريجياً إلى 3-4 رضعات يومياً بمقدار 180-240 مل في كل مرة.

3. من 1 إلى 2 سنة

خلال هذا العمر، يصبح الطفل قادرًا على تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة، ويبدأ الحليب يأخذ دوراً مكملاً وليس أساسياً.

• يحتاج الطفل إلى 400-500 مل يومياً من الحليب الكامل (كامل الدسم)، سواء كان طبيعيًا أو من حليب البقر أو المكملات المدعمة.

• الإفراط في الحليب خلال هذا العمر قد يؤدي إلى:

  • نقص الحديد (بسبب تأثير الكالسيوم على امتصاص الحديد).

  • فقدان الشهية بسبب الامتلاء السريع.

  • الإسهال أو الإمساك في بعض الحالات.

4. من 2 إلى 5 سنوات

في هذه المرحلة، يجب أن يكون الحليب جزءاً من نظام غذائي متوازن يشمل الحبوب، البروتين، الخضروات، الفواكه، ومنتجات الألبان.

• توصي الإرشادات الغذائية العامة للأطفال في هذا السن بتناول 2 كوب (حوالي 480 مل) من الحليب أو ما يعادله من منتجات الألبان يومياً.

• من الأفضل تقديم الحليب كامل الدسم حتى عمر سنتين، ثم يمكن التحول إلى الحليب قليل أو منزوع الدسم إن لم يكن الطفل يعاني من نقص في الوزن.

الجدول التالي يلخص الكمية الموصى بها من الحليب يوميًا حسب عمر الطفل:

عوامل تؤثر على احتياج الطفل اليومي من الحليب

1. الوزن والطول

الطفل الذي لديه بنية جسدية أكبر قد يحتاج إلى كميات أكبر من الحليب لتلبية متطلباته الغذائية.

2. مستوى النشاط البدني

الأطفال النشطون جسدياً يحرقون سعرات أكثر، وقد يطلبون تغذية أكثر شمولاً، بما في ذلك الحليب كمصدر للطاقة.

3. وجود مشاكل صحية

بعض الحالات الصحية مثل حساسية الحليب أو سوء الامتصاص قد تستدعي تقليل أو استبدال الحليب بأنواع أخرى مثل حليب اللوز أو الصويا المدعم بالكالسيوم.

4. نوع الحليب

• الحليب الطبيعي يحتوي على مضادات حيوية طبيعية وإنزيمات مفيدة للهضم ونمو الدماغ.

• الحليب الصناعي يحتوي على تركيبات مدعمة بفيتامين D، الحديد، وأحماض أوميغا 3.

5. توازن النظام الغذائي العام

إذا كان الطفل يتناول كميات جيدة من الكالسيوم والبروتين من مصادر أخرى (كالجبن، الزبادي، البيض، والبقوليات)، قد لا يكون من الضروري الاعتماد على الحليب كمصدر أساسي.

التحذير من الإفراط أو النقص في الحليب

الإفراط في استهلاك الحليب

• قد يؤدي إلى فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، وخاصة في الأطفال الذين يستهلكون أكثر من 700-900 مل يومياً بعد عمر السنة.

• يسبب الإمساك في بعض الحالات.

• يؤدي إلى انخفاض الشهية للأطعمة الأخرى، مما قد يؤثر على توازن النظام الغذائي.

النقص في الحليب

• يؤدي إلى نقص في الكالسيوم، مما يؤثر على صحة العظام والأسنان.

• قد ينتج عنه تأخر في النمو البدني والعقلي.

• يعرض الطفل للجفاف إذا لم يكن يحصل على كميات كافية من السوائل الأخرى.

الحليب المناسب لكل مرحلة عمرية

دور الحليب في تغذية الطفل

1. مصدر للكالسيوم

يساعد في بناء عظام وأسنان قوية، ويُعد عنصرًا أساسيًا خلال مرحلة النمو السريع.

2. مصدر للبروتين

يساهم في تكوين العضلات والأنسجة، ويعزز المناعة.

3. فيتامين D

ضروري لامتصاص الكالسيوم، ويلعب دورًا مهمًا في الوقاية من الكساح.

4. الدهون الصحية

خصوصاً في الحليب كامل الدسم، تلعب دورًا في نمو الدماغ وتطور الجهاز العصبي.

متى يُمنع الحليب أو يُستبدل؟

• حساسية الحليب: يظهر ذلك من خلال الطفح الجلدي، الإسهال، القيء بعد تناول الحليب. في هذه الحالة، يجب التوجه للطبيب لتحديد البدائل المناسبة.

• عدم تحمل اللاكتوز: يسبب الغازات وآلام البطن، ويمكن استبداله بحليب خالي من اللاكتوز أو مشروبات نباتية مدعمة.

• الحالات الوراثية مثل الجالاكتوسيميا: تمنع الجسم من استقلاب السكر الموجود في الحليب.

النصائح الغذائية المرتبطة بالحليب

• تجنب تسخين الحليب الصناعي في المايكرويف لأنه لا يسخن بالتساوي.

• لا تضيف السكر أو العسل إلى الحليب في أول سنة، لأن العسل قد يسبب التسمم السجقي.

• لا تُعطى الأبقار حليبها للأطفال دون سن السنة، لأنه لا يحتوي على العناصر المناسبة للرضيع.

خاتمة علمية

الحليب يلعب دوراً محورياً في النمو البدني والعقلي للأطفال، خاصة خلال السنوات الخمس الأولى من عمرهم. إن تحديد الكمية المناسبة من الحليب يوميًا يعتمد على عوامل متعددة منها العمر، نوع الحليب، والنظام الغذائي العام. التوازن في الكمية المستهلكة هو العامل الأهم، حيث إن الإفراط أو النقص في تناول الحليب يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مؤثرة. لا بد من استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية في حال وجود أعراض غير طبيعية بعد استهلاك الحليب، أو عند الشك في وجود حساسية أو سوء امتصاص.

المراجع

1. American Academy of Pediatrics. (2022). Pediatric Nutrition Handbook.

2. WHO – World Health Organization. (2021). Infant and Young Child Feeding Guidelines.