كل ما يجب معرفته عن السكري

مرض السكري: الأسباب، الأنواع، الوقاية والعلاج

يُعد مرض السكري أحد الأمراض المزمنة الأكثر شيوعًا في العالم، والذي يعاني منه ملايين البشر. يعد السكري من الأمراض التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الأفراد، وتزداد أهميته في ظل الانتشار الواسع للمشكلة على مستوى العالم. يختلف السكري عن غيره من الأمراض المزمنة في أن تأثيراته لا تقتصر على عضو واحد في الجسم، بل يمتد تأثيره ليشمل مجموعة واسعة من الأعضاء والأنظمة البيولوجية.

في هذا المقال، سنتناول مرض السكري بشيء من التفصيل، من خلال استعراض أسبابه، أنواعه، العوامل المؤثرة في الإصابة به، الأعراض المصاحبة له، طرق الوقاية منه، وأحدث الأساليب العلاجية المتبعة للتعامل معه.

تعريف مرض السكري

مرض السكري هو اضطراب استقلابي يتمثل في ارتفاع مستوى السكر في الدم (الجلوكوز) بشكل غير طبيعي، نتيجة قصور في إفراز الأنسولين من البنكرياس أو بسبب عدم فعالية الأنسولين في الجسم. الأنسولين هو هرمون ضروري لامتصاص الجلوكوز من الدم إلى الخلايا لاستخدامه كمصدر للطاقة.

يؤدي هذا الارتفاع المزمن في مستويات السكر إلى آثار سلبية على مختلف أجزاء الجسم، بما في ذلك الأعصاب، الأوعية الدموية، والكلى، فضلاً عن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.

أنواع مرض السكري

يمكن تقسيم مرض السكري إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي: السكري من النوع 1، السكري من النوع 2، والسكري الحملي.

1. السكري من النوع 1:
   يُعرف هذا النوع من السكري أيضًا بالسكري المعتمد على الأنسولين. يحدث عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين ويقضي عليها، مما يؤدي إلى نقص حاد في إفراز الأنسولين. يُشخص هذا النوع عادةً في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ويعتمد المريض بشكل دائم على حقن الأنسولين لتحديد مستوى السكر في الدم.

2. السكري من النوع 2:
   في هذا النوع من السكري، لا يستطيع الجسم استخدام الأنسولين بشكل فعال، أو لا يتم إنتاجه بكميات كافية. يُعد السكري من النوع 2 هو الأكثر شيوعًا ويُشخص عادةً في مرحلة البلوغ أو في المراحل المتقدمة من الحياة. يمكن الوقاية من هذا النوع في العديد من الحالات من خلال تحسين نمط الحياة، مثل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام.

3. السكري الحملي:
   يحدث السكري الحملي أثناء الحمل، وهو عبارة عن ارتفاع مؤقت في مستوى السكر في الدم. يُعد هذا النوع من السكري شائعًا بين النساء الحوامل، ولكنه يمكن أن يختفي بعد الولادة. على الرغم من ذلك، قد يزيد خطر الإصابة بالسكري من النوع 2 في المستقبل بالنسبة للأم.

أسباب الإصابة بمرض السكري

تختلف الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري باختلاف نوع المرض.

• السكري من النوع 1: السبب الدقيق غير معروف، ولكن يُعتقد أن هناك استعدادًا وراثيًا أو عوامل بيئية تؤدي إلى تفعيل جهاز المناعة ضد خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين. يمكن أن تكون العدوى الفيروسية أو عوامل وراثية أحد الأسباب المؤدية لهذا النوع من السكري.

• السكري من النوع 2: ينتج السكري من النوع 2 غالبًا بسبب تراكم الدهون في الأنسجة، مما يؤدي إلى مقاومة الأنسولين. العوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا، إلى جانب العوامل البيئية مثل السمنة، نقص النشاط البدني، والتغذية غير المتوازنة. يُعتبر مرض السكري من النوع 2 أكثر شيوعًا في المجتمعات التي تعتمد على الوجبات السريعة وأسلوب الحياة المستقر.

• السكري الحملي: يتطور السكري الحملي بسبب الهرمونات التي تفرزها المشيمة أثناء الحمل، والتي تؤثر على قدرة الجسم على استخدام الأنسولين بشكل صحيح. قد تكون النساء الحوامل اللواتي يعانين من السمنة أو لديهن تاريخ عائلي من السكري أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من السكري.

الأعراض المرتبطة بمرض السكري

تختلف الأعراض بناءً على نوع السكري ودرجة ارتفاع مستوى السكر في الدم. قد تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:

• العطش المفرط.

• زيادة عدد مرات التبول.

• الإرهاق المستمر.

• فقدان الوزن غير المبرر.

• الشعور بالجوع الشديد.

• التئام الجروح ببطء.

• التهابات متكررة.

• ضبابية الرؤية.

المضاعفات المحتملة لمرض السكري

إذا لم يتم التحكم في مستويات السكر في الدم بشكل مناسب، فقد يؤدي مرض السكري إلى العديد من المضاعفات الخطيرة التي تؤثر على جودة الحياة. تشمل هذه المضاعفات:

1. مضاعفات القلب والأوعية الدموية: يؤدي السكري إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل السكتة الدماغية، والنوبات القلبية، وارتفاع ضغط الدم، وتصلب الشرايين.

2. مضاعفات الكلى: من الممكن أن يؤدي السكري إلى الفشل الكلوي أو داء الكلى السكري، وهو من المضاعفات الخطيرة التي قد تتطلب غسيل الكلى أو زرع الكلى.

3. المضاعفات العصبية: قد يسبب السكري تلف الأعصاب، مما يؤدي إلى شعور بالخدر أو الألم، خاصة في القدمين والأيدي.

4. مشاكل في العين: يمكن أن يؤدي السكري إلى مشاكل في الرؤية مثل اعتلال الشبكية السكري، الذي قد يؤدي إلى العمى في الحالات المتقدمة.

5. مشاكل القدم: يشمل ذلك التقرحات الجلدية، التهاب الأنسجة، والعدوى التي يمكن أن تؤدي إلى بتر القدم في الحالات الشديدة.

الوقاية من مرض السكري

للوقاية من مرض السكري، وخاصة السكري من النوع 2، من الضروري اتباع نمط حياة صحي. بعض النصائح الوقائية تشمل:

• اتباع نظام غذائي متوازن: يجب تناول طعام صحي يحتوي على نسبة منخفضة من السكريات المكررة والدهون المشبعة، مع التركيز على الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضراوات، الفواكه، والحبوب الكاملة.

• ممارسة الرياضة بانتظام: يساعد النشاط البدني المنتظم على تحسين حساسية الأنسولين وتقليل الدهون في الجسم.

• الحفاظ على وزن صحي: يساعد الوزن المثالي في تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع 2.

• فحص مستويات السكر في الدم بانتظام: إجراء فحوصات دورية للسكر في الدم يساعد على الكشف المبكر عن أي تغييرات في مستويات السكر، مما يساعد على اتخاذ الإجراءات المناسبة.

• الإقلاع عن التدخين: يؤثر التدخين سلبًا على صحة الأوعية الدموية ويزيد من خطر الإصابة بالسكري.

علاج مرض السكري

يتطلب علاج مرض السكري التزامًا طويل الأمد ومراقبة دقيقة لمستوى السكر في الدم. يختلف العلاج بناءً على نوع المرض وحالة المريض:

1. السكري من النوع 1: يحتاج المرضى إلى حقن الأنسولين بانتظام للتحكم في مستويات السكر في الدم. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم مراقبة مستويات السكر بشكل دوري وتعديل جرعات الأنسولين حسب الحاجة.

2. السكري من النوع 2: يمكن علاج السكري من النوع 2 من خلال تعديل نمط الحياة، مثل تغيير النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني. في بعض الحالات، قد تكون الأدوية مثل الميتفورمين ضرورية لمساعدة الجسم على استخدام الأنسولين بشكل أفضل. في حالات أكثر شدة، قد يحتاج المرضى إلى الأنسولين.

3. السكري الحملي: في حالات السكري الحملي، يتم التحكم في مستوى السكر في الدم من خلال النظام الغذائي والنشاط البدني، وقد يُطلب من بعض النساء تناول الأنسولين أو أدوية أخرى إذا كانت مستويات السكر مرتفعة جدًا.

الخاتمة

مرض السكري هو أحد الأمراض التي تتطلب وعياً كبيراً من الأفراد والمجتمعات نظرًا للآثار الصحية التي يمكن أن تترتب عليه. يمكن تقليل خطر الإصابة به من خلال الحفاظ على نمط حياة صحي، والعناية الدائمة بمستويات السكر في الدم. على الرغم من أن المرض يشكل تحدياً، إلا أن التقدم الطبي في العلاجات المتاحة يسمح للمرضى بالعيش حياة طبيعية إذا ما تم تشخيص المرض في مراحله المبكرة واتباع العلاج المناسب.