كل ما يجب معرفته عن الذهان

مقال عن مرض الذهان: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

الذهان هو حالة صحية عقلية تتسم بتشوش في التفكير والشعور وفقدان الاتصال بالواقع، مما يؤثر على قدرة الفرد على التفكير بوضوح، اتخاذ القرارات، والتفاعل مع الآخرين بشكل طبيعي. يمكن أن يظهر الذهان في حالات طبية مختلفة مثل الفصام، الاكتئاب الشديد، أو حتى نتيجة لتناول بعض الأدوية أو المواد المخدرة. يعد الذهان من الحالات النفسية التي تستدعي اهتمامًا طبيًا عاجلاً نظرًا لتأثيراته الكبيرة على الحياة اليومية.

تعريف الذهان

الذهان ليس مرضًا بحد ذاته، بل هو عرض أو مجموعة من الأعراض التي قد تكون ناتجة عن عدة أسباب مختلفة. في حالة الذهان، يواجه الشخص صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال. قد يعاني الشخص المصاب من هلاوس (مفاهيم غير حقيقية) أو أوهام (أفكار غير منطقية). يتضمن الذهان أيضًا صعوبة في التفكير بوضوح أو الحفاظ على منطق مترابط.

الأشخاص الذين يعانون من الذهان قد يكون لديهم تجارب مختلطة أو معزولة من الهلاوس السمعية (مثل سماع أصوات غير موجودة) أو الهلاوس البصرية (مثل رؤية أشياء غير موجودة). في حالات أخرى، قد يعاني المريض من أوهام، مثل الاعتقاد بأن شخصًا ما يلاحقه أو أن لديه قدرة خارقة.

أنواع الذهان

هناك عدة أنواع من الذهان التي تختلف في الأسباب والعوامل المساهمة. تشمل أبرز الأنواع:

1. الذهان العضوي

يحدث الذهان العضوي نتيجة لأسباب جسدية مثل الإصابة بمرض عضوي أو تلف في الدماغ. قد تكون هذه الأسباب نتيجة للإدمان على المخدرات أو الكحول، الصدمات الدماغية، إصابات الرأس، أو الأمراض العصبية مثل مرض الزهايمر أو باركنسون. في بعض الحالات، يمكن أن يكون الذهان العضوي ناتجًا عن اضطراب في التوازن الكيميائي في الدماغ.

2. الذهان النفسي

يعد هذا النوع من الذهان أكثر شيوعًا، وعادة ما يرتبط بأمراض نفسية مثل الفصام (الشيزوفرينيا)، حيث يعاني الشخص من أعراض مثل الهلاوس والأوهام. يمكن أن يؤدي القلق الشديد أو الاكتئاب أيضًا إلى الذهان النفسي، خاصة إذا كانت الحالة غير معالجة.

3. الذهان الناتج عن تعاطي المواد

قد يؤدي تعاطي المواد المخدرة أو الكحول إلى الذهان، سواء كان ذلك بسبب التسمم الحاد أو الانسحاب من هذه المواد. على سبيل المثال، يمكن أن يسبب تعاطي الهيروين أو الميثامفيتامين الذهان، وكذلك تعاطي كميات كبيرة من الكحول.

4. الذهان الناتج عن حالات طبية أخرى

قد يحدث الذهان أيضًا كعرض ثانوي لحالات طبية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم الحاد، اضطرابات الغدة الدرقية، التسمم بالمعادن الثقيلة أو العدوى في الدماغ.

أسباب الذهان

الذهان يمكن أن يحدث بسبب العديد من الأسباب التي تتراوح بين العوامل النفسية والجسدية. بشكل عام، يمكن تصنيف الأسباب كما يلي:

1. الاضطرابات النفسية:

   • الفصام: أحد أكثر الأسباب شيوعًا للذهان، وهو مرض عقلي طويل الأمد يتسبب في مشاكل في التفكير والتفاعل مع الواقع.

   • الاكتئاب الشديد: في بعض الحالات، قد يؤدي الاكتئاب الحاد إلى الذهان، ويُطلق على هذه الحالة “الذهان الاكتئابي”.

   • الاضطراب الثنائي القطب: الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب قد يختبرون نوبات من الذهان في فترة الهوس أو الاكتئاب.

2. الأمراض العصبية والتلف الدماغي:

   • إصابات الرأس: يمكن أن تؤدي الإصابات الدماغية الشديدة إلى تأثيرات ذهانية.

   • الزهايمر ومرض باركنسون: هذه الأمراض العصبية قد تؤدي إلى تغيرات في طريقة التفكير والذاكرة، مما يساهم في ظهور أعراض الذهان.

3. المخدرات والكحول:

   • المخدرات مثل الماريجوانا، الكوكايين، الهيروين، والميثامفيتامين يمكن أن تسبب الذهان أو تساهم في تدهور الأعراض الذهانية.

   • الانسحاب الكحولي: الأشخاص الذين يعانون من إدمان الكحول قد يعانون من أعراض ذهانية عند محاولة التوقف عن شرب الكحول.

4. حالات طبية أخرى:

   • التسمم بالمواد الكيميائية أو المعادن الثقيلة مثل الزئبق.

   • مشاكل التوازن الكيميائي في الدماغ، مثل نقص الأوكسجين أو التسمم.

   • حالات طبية مثل الحمى الشديدة أو العدوى في الدماغ يمكن أن تسبب الذهان.

أعراض الذهان

تتفاوت أعراض الذهان بشكل كبير حسب السبب الكامن وراءه، ولكن من أكثر الأعراض شيوعًا نجد:

1. الهلاوس: يمكن أن تكون هذه الهلاوس سمعية (مثل سماع أصوات غير موجودة) أو بصرية (مثل رؤية أشياء غير موجودة). قد تكون الهلاوس متعلقة بالعديد من المواضيع مثل الأصوات التي تنتقد الشخص أو تعرضه للخطر.

2. الأوهام: هي أفكار غير منطقية أو غير حقيقية يعتقد الشخص المصاب بالذهان أنها حقيقية تمامًا. من أمثلة الأوهام: الاعتقاد بأن شخصًا ما يراقبك أو أنك تمتلك قدرات خارقة.

3. تغيرات في التفكير: قد يصبح الشخص غير قادر على التفكير بوضوح أو على ترتيب أفكاره بشكل منطقي. قد تكون اللغة التي يستخدمها غير مترابطة أو مشوشة.

4. التهيج والعدوانية: قد يصبح الشخص عصبيًا أو عدوانيًا نتيجة للمشاعر غير المتحكم فيها.

5. الانعزال الاجتماعي: يميل الأشخاص الذين يعانون من الذهان إلى الانسحاب من الحياة الاجتماعية، ويعانون من صعوبة في التفاعل مع الآخرين.

تشخيص الذهان

يتطلب تشخيص الذهان إجراء تقييم دقيق من قبل مختص في الصحة النفسية. عادة ما تشمل عملية التشخيص ما يلي:

1. التاريخ الطبي والنفسي: يبدأ الأطباء بسؤال المريض عن تاريخه الطبي والنفسي. تشمل الأسئلة عادةً استفسارًا عن الأعراض الحالية، والعوامل التي قد تساهم في تطور الحالة، مثل العوامل الوراثية، أو التاريخ العائلي للأمراض النفسية.

2. الفحوصات الجسدية: في بعض الحالات، يمكن أن تكون الفحوصات الجسدية مفيدة لاستبعاد الأسباب العضوية للذهان. تشمل الفحوصات التصوير بالأشعة، فحوصات الدم، أو فحص وظائف الغدة الدرقية.

3. التقييم النفسي: في بعض الحالات، قد يتم استخدام اختبارات نفسية لتقييم مستوى التفكير والتركيز والذاكرة.

علاج الذهان

يعتمد علاج الذهان على السبب الكامن وراءه. في العديد من الحالات، يتطلب العلاج مزيجًا من الأدوية والعلاج النفسي. تشمل الخيارات العلاجية ما يلي:

1. الأدوية:

   • الأدوية المضادة للذهان: تستخدم الأدوية المضادة للذهان مثل “الكلوزابين” و”الريسبيريدون” للتعامل مع أعراض الذهان. تعمل هذه الأدوية على تقليل الهلاوس والأوهام وتحسين التفكير.

   • مضادات الاكتئاب: في حالات الذهان الناتج عن الاكتئاب، قد تكون الأدوية المضادة للاكتئاب ضرورية.

   • الأدوية الأخرى: في بعض الحالات، قد يتم استخدام الأدوية التي تعالج السبب الجسدي للذهان، مثل الأدوية التي تعالج اضطرابات الغدة الدرقية أو التسمم.

2. العلاج النفسي:

   • العلاج المعرفي السلوكي: يساعد العلاج المعرفي السلوكي المرضى على فهم أفكارهم وسلوكياتهم بشكل أفضل، ويساعدهم في تعديل الأفكار غير الواقعية أو المدمرة.

   • العلاج الأسري: يهدف هذا النوع من العلاج إلى دعم العائلة من خلال تعليمهم كيفية التعامل مع المريض بطريقة إيجابية وآمنة.

3. الدعم الاجتماعي: من المهم أن يحصل المريض على دعم اجتماعي مستمر من الأسرة والأصدقاء. يشمل ذلك توفير بيئة داعمة تشجع المريض على التفاعل مع الآخرين.

4. إعادة التأهيل: قد يحتاج بعض المرضى إلى برامج إعادة التأهيل لتعزيز مهارات الحياة اليومية والاندماج في المجتمع.

التوقعات والتعافي من الذهان

تختلف التوقعات والتعافي من الذهان بناءً على السبب والعلاج. في حالات الذهان الناتج عن اضطرابات نفسية مثل الفصام، قد يكون المرض مزمنًا ويستدعي العلاج المستمر. أما في حالات الذهان الناجم عن التسمم أو الإدمان، فيمكن أن يكون العلاج أكثر فعالية، خاصة إذا تم التدخل في وقت مبكر.

خاتمة