كل ما تحتاج معرفته عن البسطرمة

البسطرمة: التاريخ، التحضير، والفوائد الصحية

البسطرمة هي واحدة من الأطعمة التي تمثل جزءًا أساسيًا من المطبخ العربي والتركي، وتمتاز بنكهتها القوية واللذيذة التي تجعلها محط إعجاب الكثير من محبي الأطعمة المدخنة. على الرغم من أنها كانت في البداية نوعًا من الأطعمة المحفوظة التي يتم تخزينها لفترات طويلة، إلا أن البسطرمة اليوم تعتبر من المأكولات الشعبية التي تتمتع بمكانة خاصة في الثقافة الغذائية للعديد من الشعوب. هذا المقال يستعرض تاريخ البسطرمة، طرق تحضيرها، بالإضافة إلى الفوائد الصحية التي قد تقدمها للمستهلكين، وأيضًا بعض النصائح المتعلقة بالحفاظ عليها وتخزينها.

أصل البسطرمة وتاريخها

البسطرمة ليست فقط طعامًا مميزًا، بل هي أيضًا جزء من تراث طويل يمتد إلى العصور القديمة. على الرغم من أن الكثيرين يعتقدون أن البسطرمة هي منتج تركي بحت، إلا أن تاريخها يعود إلى الإمبراطورية البيزنطية التي كانت تواكب العصور الرومانية. من هناك، انتقلت طريقة تحضيرها إلى العديد من المناطق في الشرق الأوسط، بما في ذلك بلاد الشام وتركيا، ومرت عبر الأزمان حتى أصبحت جزءًا من المأكولات التقليدية في معظم البلدان العربية.

في البداية، كانت البسطرمة وسيلة لحفظ اللحوم لفترات طويلة في المناطق التي تفتقر إلى تقنيات التبريد. كان يتم تحضيرها باستخدام التوابل مثل الثوم والفلفل الأسود والكمون، بالإضافة إلى طبقات من الملح الذي يساعد في الحفاظ على اللحم لمدة أطول. تحظى البسطرمة في تركيا، على سبيل المثال، بتاريخ طويل في تحضير اللحوم المجففة التي تحافظ على طراوتها وطعمها المميز.

طريقة تحضير البسطرمة

تحضير البسطرمة يعتبر فنًا يتطلب دقة وصبرًا في الإعداد. يبدأ التحضير باختيار قطع اللحم، وعادة ما يتم استخدام لحم البقر بسبب طراوته وقدرته على امتصاص التوابل بشكل جيد. تكون القطع المستخدمة في تحضير البسطرمة عادة هي “البرابر” أو “الكرش” التي تكتسب طراوتها بعد التجفيف والتمليح.

المرحلة الأولى: تمليح اللحم

تبدأ عملية التحضير بتمليح اللحم بشكل جيد لإزالة الرطوبة، مما يساعد على الحفاظ على اللحم لفترة طويلة. يتم تغليف اللحم بالملح ويتم تركه لفترة تتراوح بين عدة ساعات إلى عدة أيام، حسب حجم قطعة اللحم.

المرحلة الثانية: تجفيف اللحم

بعد عملية التمليح، يتم تجفيف اللحم عن طريق تعليقه في مكان بارد وجاف لفترة طويلة. الهدف من التجفيف هو التخلص من الرطوبة التي قد تؤدي إلى فساد اللحم وتكاثر البكتيريا.

المرحلة الثالثة: تحضير التوابل

يعد المزيج الخاص من التوابل هو العنصر الأساسي الذي يميز البسطرمة عن غيرها من أنواع اللحوم المجففة. يتكون هذا المزيج عادة من الثوم المفروم والفلفل الأسود والكمون والبابريكا، وأحيانًا بعض الأعشاب الأخرى مثل الزعتر أو الكزبرة. يتم خلط هذه التوابل مع بعض الزيت أو الخل لتكوين معجون متماسك يتم دهنه على سطح اللحم بعد تجفيفه.

المرحلة الرابعة: الطبقات التوابل

بعد دهن اللحم بالمعجون التوابل، يتم تغليف اللحم بمزيد من التوابل لضمان امتصاص اللحم للمذاق الغني والمميز. وتستمر عملية التجفيف لفترة زمنية إضافية حتى يتم الحصول على النكهة المطلوبة.

المرحلة الخامسة: التدخين

في بعض الأحيان، قد يتطلب التحضير النهائي للبسطرمة تدخين اللحم باستخدام الخشب المدخن لإضافة نكهة مميزة له. يعتبر التدخين خطوة إضافية تزيد من غنى الطعم وعمق النكهة.

البسطرمة في المطبخ العربي

البسطرمة تعتبر من المأكولات التي يمكن تناولها في العديد من الأشكال في المطبخ العربي. يُمكن تناولها كما هي أو إضافتها إلى أطباق متنوعة. في مصر، على سبيل المثال، يمكن تناول البسطرمة في وجبة الإفطار بجانب البيض المقلي، وفي لبنان، تُضاف البسطرمة إلى المخبوزات مثل “السندويشات” أو يتم تناولها مع الخبز العربي الطازج.

الفوائد الصحية للبسطرمة

على الرغم من أن البسطرمة تعتبر من اللحوم المعالجة التي تحتوي على كميات كبيرة من الملح والدهون، إلا أن لها بعض الفوائد الصحية التي تجعلها تستحق مكانة خاصة في المطبخ عند تناولها باعتدال.

مصدر جيد للبروتين

البسطرمة تحتوي على كميات عالية من البروتين الذي يعد أساسًا لبناء الأنسجة وإصلاح الخلايا. تعد البروتينات أحد العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم للنمو والصحة العامة. كما أن البروتين يساهم في بناء العضلات ويعزز قوة الجهاز المناعي.

غنية بالحديد

تحتوي البسطرمة على كميات جيدة من الحديد، الذي يعد عنصراً مهماً في إنتاج الهيموجلوبين في الدم. يساعد الحديد في نقل الأوكسجين إلى خلايا الجسم ويمنع فقر الدم، وهو أمر ضروري للحفاظ على صحة الجسم ونشاطه.

الفيتامينات والمعادن

البسطرمة تحتوي على مجموعة من الفيتامينات والمعادن مثل فيتامين B12 والزنك. فيتامين B12 يساعد في تعزيز وظائف الدماغ والجهاز العصبي، بينما الزنك يعد من المعادن الضرورية التي تساهم في صحة الجلد والشعر.

المخاطر الصحية المرتبطة بتناول البسطرمة

على الرغم من فوائد البسطرمة العديدة، إلا أن هناك بعض المخاطر المرتبطة بتناولها بكميات كبيرة. يحتوي اللحم المجفف عادةً على مستويات عالية من الصوديوم والدهون المشبعة، مما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة مستويات الكوليسترول في الدم. أيضًا، بسبب طريقة تحضير البسطرمة واستخدام المواد الحافظة مثل النترات، فإن تناول كميات كبيرة منها قد يزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة.

النصائح حول تخزين البسطرمة

من أجل الحفاظ على البسطرمة طازجة ولذيذة لفترة أطول، يجب تخزينها في مكان بارد وجاف. يمكن تخزينها في الثلاجة لمدة تصل إلى عدة أسابيع، ولكن يفضل استخدامها في أقرب وقت للحصول على أفضل طعم. إذا تم تخزين البسطرمة بشكل صحيح، فإنها قد تبقى صالحة لفترات طويلة، ولكن يجب تجنب تركها في درجات حرارة مرتفعة أو رطبة حتى لا تفسد.

خاتمة

البسطرمة ليست مجرد طعام، بل هي جزء من تراث غني يعكس تاريخ العديد من الثقافات. من خلال تحضيرها بعناية وباستخدام التوابل الطبيعية، يمكن للبسطرمة أن تضيف نكهة مميزة إلى المأكولات وتوفير فوائد صحية عديدة. ومع ذلك، يجب استهلاكها باعتدال نظرًا للمخاطر الصحية المرتبطة باللحوم المعالجة.