في عام 1751، وتحديدًا في يوم 25 مايو، شهدت منطقة وسط تشيلي حدثًا طبيعيًا مدمرًا للغاية، إذ ضرب زلزال عنيف بقوة 8.5 درجة على مقياس ريختر، أحدث اهتزازات قوية هزت الأرض وأثارت موجة مد عاتية. وقع الزلزال في تمام الساعة 5:30 صباحًا بالتوقيت المحلي، ليتبعه بعد نصف ساعة تقريبًا انحسار مياه المحيط، وبعد ذلك بدأ سكان مدينة كونسيبسيون المذعورين في التجمع على التلال المجاورة حيث شاهدوا اقتراب موجة بحرية هائلة تتجه نحو الشاطئ.
تسببت الموجة البحرية الهائلة في فيضان المدينة وغمرها تمامًا، حيث جرفت معها أنقاض المباني وأدوات الأسر المنزلية. وبعد سبع دقائق فقط، عاد المحيط بقوة هائلة، حيث ارتفع منسوب المياه بشكل لا يصدق، وتسابقت الأمواج لتغمر المدينة بسرعة هائلة تفوق سرعة الخيل الركض، مما أدى إلى غمرها تمامًا بالمياه. وعمت المياه الأنهار والمناطق المجاورة، مما أسفر عن فيضان منازل حتى على الأراضي الأعلى. وتمت ملاحظة ظاهرة غريبة حيث تم جرف قوارب وقوارب صغيرة إلى داخل كنيسة سان فرانسيسكو، التي كانت تقع على بعد 400-500 متر من الشاطئ.
وبعد هذه الفيضانات المدمرة – التي كانت الرابعة والأشد في تاريخ المدينة – تم إعادة بناء كونسيبسيون بعيدًا عن الشاطئ، وفيما بعد تم استخدام موقعها القديم لبناء مدينة جديدة تدعى بنكو. ولقد تم تسجيل الموجة البحرية أيضًا في فالبارايسو.
وبلغت آثار هذه الموجة البحرية الجزيرة خوان فرنانديز، حيث جرفت مستوطنة بأكملها وغرقت سفينة مرسوة في ميناء الجزيرة. وللأسف، لقي حاكم الجزيرة وعائلته مع 35 شخصًا آخرين حتفهم في هذه الكارثة.
وفيما يتعلق بالخسائر البشرية، فقد غمرت الموجة المدينة بشكل كبير وتسببت في وفاة بين 25 إلى 30 شخصًا، وفيما يتعلق بالخسائر المادية، فقد وصفت بأنها كبيرة للغاية، حيث أدت إلى تدمير مئات المنازل والممتلكات العامة والخاصة.
وتأثرت سواحل جزيرة هونشو الجنوبية بالموجة البحرية، حيث غمرت المنازل في أوتسوكي على شبه جزيرة دجيكا وفي كيسينوما حتى فوق الأرضيات، ولكن لم يتم تسجيل أي حالات وفاة في تلك المنطقة.
وفي الختام، يمكن القول إن هذا الزلزال والتسونامي الذي نتج عنه كانا من أحداث الطبيعة القاسية التي شهدتها المنطقة، والتي خلفت خسائر بشرية ومادية فادحة، ودفعت بالسكان إلى إعادة بناء مدنهم وتغيير مواقعها لتفادي مثل هذه الكوارث في المستقبل.