في الثلاثين من نوفمبر عام 1934، عصفت موجة تسونامي بسواحل المكسيك على وجه الخصوص، في حادث طبيعي هزّ القارة الأمريكية بقوة وترك أثراً عميقاً في ذاكرة تلك الفترة الزمنية. كانت لحظة الاستيقاظ من النوم وجدت السكان في مفاجأة مروعة، حيث شهدوا هزة أرضية قوية جعلت الأرض تتمايل كالزورق في عرض البحر، تلك الهزة التي بلغت قوتها سبع درجات على مقياس ريختر، لم تكن مجرد هزة عابرة بل كانت البداية الصاخبة لمسلسل من الأحداث المروعة.
كانت اللحظات التالية مملوءة بالفزع والهلع، حيث أدرك الناس أن الخطر لم ينته بعد، بل تبعته موجات المد البحري الهائجة التي هبّت بقوة نحو السواحل، محملة بقوة الزلزال الذي أثارها في الأصل. كانت تلك الموجات العاتية تلتهم كل شيء في طريقها، تاركة وراءها الدمار والخراب، وما لبثت أن غمرت الأراضي الساحلية بفيضانات مدمرة، تجبر الناس على الفرار إلى المناطق الأعلى بأسرع ما يمكن، بحثاً عن مأوى يحميهم من شراسة الطبيعة المتمردة.
الأثر الذي خلفه هذا الحدث الطبيعي كان وخيماً للغاية، حيث بلغت حصيلة الخسائر بشرية مستويات مروعة، ولم تمتنع الدمارات عن الممتلكات والبنية التحتية فقط، بل تجاوزت ذلك لتطال أرواح الكثيرين الذين فقدوا حياتهم جراء هذا الكارثة الطبيعية القاسية. عانى الناس من جراء هذا الحادث لفترة طويلة بعد انحسار الموجات العاتية، حيث باتوا يواجهون تحدي إعادة بناء حياتهم وترميم ما تبقى من ممتلكاتهم، وإيجاد طرق للتعايش مع ذكريات الفاجعة التي لن تُنسى.
ومع أن الزمن قد مرّ على ذلك الحادث بمرور السنين، فإن ذكراه لا تزال حية في ذاكرة الشعب المكسيكي وفي قلوب الذين عانوا من وطأته، فلقد كانت تلك التجربة القاسية درساً مؤلماً في هشاشة البشر وقدرة الطبيعة على تحدينا واختبار صمودنا. ولعلها تذكير دائم بأننا بحاجة دائمة لليقظة والاستعداد لمواجهة غضب الطبيعة، وأن الوحدة والتكاتف هما السبيل للنجاة في وجه الكوارث الطبيعية القاسية التي قد تحل بنا في أي لحظة.