في يوم الخميس، الموافق للثامن والعشرين من شهر أكتوبر لعام 1960، كانت شركة “نورثويست أورينت إيرلاينز” تعانق سماء الغرب الأمريكي برحلة مأمونة تنقل الركاب بين مدينتي سبوكان وميسولا، حيث كانت تلك الرحلة متجهة إلى مدينة ميسولا بولاية مونتانا. ومع أنه كانت الظروف الجوية غير مثالية بسبب تساقط الثلوج، إلا أن الطاقم الطيراني لم يكن يعتقد أن الأمور ستتطور بسرعة إلى ما لا يمكن السيطرة عليه.
على متن الطائرة من طراز “دوغلاس C-54A-DC” والتي كانت مسجلة برقم التسجيل N48762، كانت تقلّ على متنها 12 شخصًا، لكن القدر لم يكن محسومًا لصالحهم في تلك اليوم المأساوي. ففي تمام الساعة الحادية عشرة والتسعة وثلاثين دقيقة صباحًا، وبينما كانت الطائرة في مرحلة الهبوط إلى ميسولا، وجدت نفسها تتعرض لظروف جوية صعبة بسبب تساقط الثلوج.
حينها بدأت الأمور تتدهور بسرعة مذهلة، حيث انحرفت الطائرة عن مسارها المخطط ودخلت في منحنى بنكر شديد لليسار، ورفعت أنفها بشكل واضح في محاولة يائسة للتحليق والخروج من الوادي المتقاطع الذي كانت تعبره. إلا أن المحاولات باءت بالفشل، حيث استمرت الطائرة في الانخفاض باتجاه الأرض، وبدأت بالانقلاب تمامًا على جانبها الأيسر، قبل أن تتحطم بشكل مروع وتنكسر على جبال ميسولا.
وكانت تحقيقات الحادث تشير إلى أن سبب الكارثة يعود إلى فشل الطيار في الاستمرار بما ينص عليه خطته الطيرانية الأدنى العند الطيران بالأدوات، حيث حاول الطيار الهبوط بصورة بصرية وهو ما يُعرف بالتحليق البصري في ظروف جوية تتطلب استخدام الأجهزة الإلكترونية للتوجيه. وبهذا الفشل، فقد حدثت الكارثة التي آلمت القلوب وأودت بحياة جميع من كانوا على متن الطائرة، حيث بلغ عدد الضحايا الذين فقدوا حياتهم في تلك اللحظات المريرة اثنا عشر شخصًا.
ومع أن الأمل كان يبدو قد تلاشى بالفعل مع تحطم الطائرة وفقدان كل من كانوا على متنها، إلا أن الدروس المستفادة من تلك الكارثة تبقى حية في ذاكرة الطيران، حيث تُذكّرنا هذه الفاجعة بأهمية الالتزام بالإجراءات الأمنية والتحليق بحذر في ظروف الطقس السيئة، وعدم المغامرة بالاعتماد على الرؤية البصرية في ظل ضرورة استخدام الأدوات الإلكترونية للتوجيه في مثل تلك الظروف الجوية الصعبة.
وبهذه الكارثة، تضاف صفحة جديدة مؤلمة إلى سجل الحوادث الجوية، مُذكّرة العالم بأهمية الحذر واليقظة دائمًا في عالم الطيران، حيث يبقى السلامة وسلامة الركاب هما الأمران الأهمان على الإطلاق.