في يوم السابع عشر من ديسمبر، عام 1977، وقعت واحدة من أكثر الكوارث الجوية فظاعة في تاريخ الطيران التجاري. كانت طائرة الرحلة رقم 3015 التابعة لشركة الطيران البلغارية البلقانية تحمل على متنها 165 راكبًا، ومعظمهم كانوا يسعى للعودة إلى بيوتهم وعائلاتهم بعد رحلة من العبادة في مدينة جدة المقدسة بالمملكة العربية السعودية.
كانت الرحلة المقررة للهبوط في مطار بنغازي الدولي بليبيا، ولكن بسبب الضباب الكثيف الذي كان يلف المنطقة، عجزت الطائرة عن الهبوط بأمان. في محاولة يائسة للعثور على مطار بديل، بدأ الطاقم في البحث عن مدرج قريب يمكنهم الهبوط فيه. لكن، وسط الضباب الكثيف وانخفاض مستوى الوقود، لم يكن لدى الطاقم القدرة على تحديد الموقع الصحيح لأي مطار، مما أدى إلى نفاد الوقود تدريجياً.
بينما كانت الطائرة تحاول البحث عن مهبط آمن، بدأت الوقود بالنفاد تماماً، مما أدى إلى فقدان السيطرة على الطائرة. وبلا خيار سوى الهبوط الاضطراري، اصطدمت الطائرة بقوة في منطقة قرب مدينة البيضاء في لبنان.
بسبب الارتطام العنيف، لقى 59 شخصا حتفهم في الحادث، بينما لم يصب أي شخص على الأرض بأذى. تحولت المنطقة الهادئة في الجبال إلى موقع للفوضى والحزن، حيث انتشرت فرق الإنقاذ للبحث عن ناجين واستخراج الجثث من تحت أنقاض الطائرة.
تم فتح تحقيق شامل في أسباب الحادث، وكشف عن العديد من الخروقات في إجراءات السلامة والتخطيط للرحلات. تقدمت شركة الطيران بتحقيق داخلي لتحليل سلوك الطاقم والإجراءات التشغيلية، في حين أجرت السلطات اللبنانية والليبية تحقيقاتها الخاصة لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث المأساوية في المستقبل.
بعد الحادث، اتخذت السلطات اللبنانية والليبية إجراءات صارمة لتحسين نظام الإنذار المبكر للظروف الجوية السيئة، وتعزيز إجراءات السلامة في المطارات، وتحسين تدريب الطواقم على التعامل مع حالات الطوارئ بفعالية أكبر. كما أدت هذه الكارثة الجوية المأساوية إلى زيادة الوعي بأهمية الامتثال لقواعد السلامة في صناعة الطيران، ودفعت بشركات الطيران حول العالم إلى إعادة النظر في إجراءاتها وسياساتها لضمان سلامة ركابها وطواقمها وتفادي وقوع مثل هذه الكوارث المأساوية في المستقبل.