كتاب “A Child Called It: One Child’s Courage to Survive” هو سيرة ذاتية مؤثرة كتبها ديفيد ج. بيلزر، تتناول تجربته القاسية والمرعبة كطفل تعرض لأحد أشد حالات إساءة معاملة الأطفال في تاريخ ولاية كاليفورنيا. نُشر الكتاب لأول مرة في سبتمبر 1995 بواسطة دار نشر “Health Communications Inc”، ويُعتبر من بين الكتب الأكثر تأثيرًا وانتشارًا في فئة العلاقات الأسرية وإساءة المعاملة.
يروي بيلزر في هذا الكتاب قصة معاناته مع والدته التي كانت تعاني من اضطراب نفسي وإدمان الكحول، والتي حولت طفولته إلى جحيم حقيقي من خلال تعذيبه بطرق لا يمكن تصديقها. في سياق هذه السيرة الذاتية، يصف الكاتب كيف تحولت والدته من أم عادية إلى شخصية عدوانية وقاسية، ترى في ابنها مجرد “شيء” يمكن تعذيبه وسلب كرامته.
لم يكن ديفيد مجرد ضحية لإساءات جسدية فحسب، بل عانى أيضًا من إساءات نفسية مدمرة. فقدت والدته مشاعر الأمومة تجاهه تمامًا، وبدلاً من أن تعامله كابن، عاملته كعبد وكائن أقل من البشر. أُجبر على النوم في قبو المنزل على سرير قديم، وكانت ملابسه مهترئة وقذرة، وإذا ما سُمح له بتناول الطعام، كان ذلك فقط بقايا متعفنة لا تصلح حتى للحيوانات.
يصف بيلزر بتفاصيل مؤلمة كيف كانت والدته تمارس ألعابًا نفسية وجسدية قاسية عليه، حيث كان عليه أن يتعلم كيفية “اللعب” مع والدته للبقاء على قيد الحياة. كان هذا الوضع بالنسبة له كابوسًا مستمرًا لم يعرف عنه أحد شيئًا خارج جدران المنزل. لم يكن هناك أي شخص يلجأ إليه أو مكان يشعر فيه بالأمان. ومع ذلك، كانت أحلامه بالهروب وبأن يكون له شخص يهتم به ويعامله كابن حقيقي هي التي أبقته على قيد الحياة.
الكتاب ليس مجرد سرد لقصة شخصية، بل هو شهادة على قوة الروح البشرية وقدرة الأطفال على التحمل في مواجهة أقسى الظروف. من خلال كلماته الصادقة، ينجح بيلزر في نقل شعور العزلة والخوف واليأس الذي عاشه كطفل، لكنه يبرز أيضًا جانبًا آخر من شخصيته يتمثل في الأمل والإصرار على النجاة.
أصبح “A Child Called It” مصدر إلهام للعديد من الأشخاص الذين مروا بتجارب مشابهة، وأدى إلى زيادة الوعي بمشكلة إساءة معاملة الأطفال. يُعد الكتاب جزءًا من سلسلة كتب كتبها ديفيد بيلزر حول تجربته وحياته بعد النجاة من هذه الإساءة، حيث يسلط الضوء على مراحل تعافيه وكيف تمكن من بناء حياة جديدة رغم الصعوبات.
ساهم الكتاب أيضًا في تعزيز المناقشات حول أهمية التدخل المبكر في حالات إساءة معاملة الأطفال، وحث المجتمع على أن يكون أكثر وعيًا وتحملًا للمسؤولية تجاه حماية الأطفال من مثل هذه الأوضاع المأساوية.
تلقى “A Child Called It” استحسانًا واسعًا من القراء والنقاد، وأصبح من بين الكتب الأكثر مبيعًا لفترات طويلة. على الرغم من صعوبة الموضوع الذي يتناوله، إلا أن الكتاب يظل قراءة ضرورية لمن يسعى لفهم عمق تأثير إساءة معاملة الأطفال على حياتهم وكيفية تحويل التجربة الأليمة إلى قوة دافعة نحو الشفاء والتعافي.