قوانين لعبة كرة الطائرة: دليل شامل للمفاهيم والتحكيم واللعب

تُعد لعبة كرة الطائرة واحدة من الرياضات الجماعية الأكثر شعبية في العالم، وتتمتع بجاذبية خاصة بفضل طابعها الديناميكي وسرعة أحداثها وتنوع مهاراتها. منذ نشأتها في أواخر القرن التاسع عشر، تطورت هذه اللعبة لتصبح رياضة أولمبية ذات قوانين دقيقة تهدف إلى ضمان التنافس العادل والتنظيم المحكم داخل الملعب. تستند قوانين كرة الطائرة إلى قواعد موحدة أقرها الاتحاد الدولي للكرة الطائرة (FIVB)، الذي يُعد الجهة التنظيمية العليا لهذه الرياضة على المستوى الدولي. وتقوم هذه القوانين بتنظيم كل تفصيلة في اللعبة، بدءًا من عدد اللاعبين وحتى المواقف الدقيقة داخل الملعب مثل التبديلات، واللمسات، وأسلوب تسجيل النقاط.

النشأة والتطور القانوني للعبة

ابتكر وليام مورغان، مدير التربية البدنية في جمعية الشبان المسيحية (YMCA) في ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية، لعبة كرة الطائرة في عام 1895، وكانت تعرف آنذاك باسم “mintonette”. في البداية كانت اللعبة تمثل مزيجًا من التنس وكرة السلة، لكنها تطورت لاحقًا بفضل تدخلات عديدة على مستوى القوانين والهيكلة. وفي عام 1947 تأسس الاتحاد الدولي للكرة الطائرة، الذي قام منذ ذلك الحين بتوحيد القوانين المعتمدة وتنظيم البطولات العالمية.

الملعب ومكوناته حسب القانون

ملعب كرة الطائرة مستطيل الشكل ويبلغ طوله 18 مترًا وعرضه 9 أمتار، يُقسم إلى نصفين متساويين يفصل بينهما شبكة بارتفاع مختلف بين الفرق الرجالية والنسائية، حيث يبلغ الارتفاع الرسمي للشبكة 2.43 مترًا للرجال و2.24 مترًا للنساء. وتُضاف مساحة المنطقة الحرة المحيطة بالملعب من جميع الجهات، وتُقدّر بـ3 أمتار على الأقل.

عناصر الملعب الأساسية:

عدد اللاعبين والمراكز

تتكوّن كل فرقة من ستة لاعبين أساسيين داخل الملعب، ويتم توزيعهم على منطقتين رئيسيتين:

1. اللاعبون الأماميون (منطقة الهجوم): 3 لاعبين يقفون على الخط الأمامي.

2. اللاعبون الخلفيون (منطقة الاستقبال والدفاع): 3 لاعبين يقفون خلف الخط الأمامي.

يُسمح للفرق بتبديل اللاعبين خلال المباراة، بحد أقصى ست تبديلات لكل شوط لكل فريق، كما يحق للفريق إشراك لاعب ليبرو، وهو لاعب متخصص في المهام الدفاعية ولا يُسمح له بالهجوم أو الإرسال أو محاولة صد الكرة.

طريقة اللعب وتسجيل النقاط

تُلعب كرة الطائرة بنظام الأشواط، والفريق الذي يُحرز ثلاثة أشواط أولاً هو الفائز في المباراة. يُحتسب الشوط لصالح الفريق الذي يصل إلى 25 نقطة أولًا بشرط وجود فارق نقطتين على الأقل. وإذا وصلت المباراة إلى شوط خامس حاسم (يُعرف بشوط التاي بريك)، فيُحسم عند 15 نقطة مع الحفاظ على شرط الفارق.

تبدأ كل لعبة بإرسال الكرة من خلف خط الإرسال من قِبل أحد لاعبي الفريق. يجب أن تمر الكرة فوق الشبكة دون أن تلامسها، ويُسمح للفريق المستقبل بلمس الكرة ثلاث مرات كحد أقصى قبل إعادتها إلى الفريق الآخر. لا يُسمح لأي لاعب بلمس الكرة مرتين متتاليتين، باستثناء اللمسة الأولى التي قد تكون مشتركة بين عدد من اللاعبين.

طرق تسجيل النقاط:

• سقوط الكرة في ملعب الفريق المنافس.

• ارتكاب أحد الفريقين خطأ (مثل لمس الشبكة أو تجاوز عدد اللمسات).

• خطأ في الإرسال أو استقبال الكرة خارج حدود الملعب.

• دوران غير قانوني أو تموضع غير صحيح.

الأخطاء وأنواعها

تعد الأخطاء جزءًا حاسمًا في تطبيق القانون، ويُؤدي ارتكاب أحدها إلى خسارة النقطة. ومن أبرز أنواع الأخطاء:

• لمس الشبكة من قبل أي لاعب أثناء محاولة الصد أو الهجوم.

• الخطأ في الدوران، وهو عدم التقيد بالتموضع الصحيح للاعبين أثناء الإرسال.

• الخطأ في الإرسال، كخروج الكرة خارج حدود الملعب أو ملامسة الشبكة.

• الاحتكاك بالكرة مرتين متتاليتين من قِبل نفس اللاعب.

• التمرير أو الإعداد المزدوج (Double contact).

• الدخول أو الخروج من الملعب من غير المنطقة المخصصة.

• الاعتراض على قرارات الحكم بشكل غير رياضي.

قوانين الإرسال والاستقبال

يبدأ كل شوط بإرسال من الفريق الذي فاز بالنقطة السابقة. ويجب على اللاعب المرسل أن يؤدي الإرسال في خلال 8 ثوانٍ من إعلان الحكم للعب. تُعتبر الكرة صالحة إذا عبرت الشبكة وسقطت داخل حدود الملعب، أو إذا لمسها أحد اللاعبين المنافسين.

أما في حال ارتكب اللاعب خطأ في الإرسال (كالوقوف على خط الإرسال أو الإرسال خارج الملعب)، تُحتسب النقطة للفريق المنافس، وينتقل الدور في الإرسال إليه.

التناوب (الدوران) وتغيير المراكز

كلما استلم فريق الكرة من الفريق الآخر بعد كسب نقطة، يجب على اللاعبين أن يُغيروا مواقعهم في اتجاه عقارب الساعة. ويُعدّ هذا التناوب إلزاميًا للحفاظ على التوازن والتكافؤ بين اللاعبين في الأداء الدفاعي والهجومي.

مراكز اللاعبين عند التناوب:

1. المركز 1: خلفي – على اليمين (يبدأ الإرسال من هنا).

2. المركز 2: أمامي – على اليمين.

3. المركز 3: أمامي – في الوسط.

4. المركز 4: أمامي – على اليسار.

5. المركز 5: خلفي – على اليسار.

6. المركز 6: خلفي – في الوسط.

قوانين التبديل واللاعب الليبرو

يسمح القانون لكل فريق بإجراء ست تبديلات لكل شوط، مع إمكانية إعادة دخول اللاعب المستبدل مرة واحدة فقط مكان اللاعب الذي دخل بدلاً منه. وتتم التبديلات بإذن من الحكم الثاني وتحت مراقبته.

أما الليبرو، فهو لاعب مميز يرتدي قميصًا بلون مختلف عن باقي زملائه. تتمثل وظيفته في تعزيز الدفاع، ولا يُسمح له بأداء أي عملية هجومية أو تنفيذ الإرسال أو الصد. يستطيع الليبرو الدخول والخروج من الملعب بحرية دون قيد عدد التبديلات، ولكن يجب أن يتم ذلك خلال توقف اللعبة، ومن المنطقة الخاصة بذلك.

التحكيم والطاقم الفني

تُدار مباريات كرة الطائرة بواسطة طاقم تحكيمي يتكون من:

• الحكم الأول: يقف على منصة عالية على جانب الشبكة، ويتولى القرارات النهائية.

• الحكم الثاني: يقف على الجانب الآخر، ويراقب الأخطاء التي تقع أسفل الشبكة وخطوط الملعب.

• المسجل: مسؤول عن تسجيل النقاط، التبديلات، وأخطاء الدوران.

• مساعد المسجل: يتابع إحصاءات الشوط والملاحظات.

• حكام الراية (4): يقفون على أركان الملعب لمراقبة حدود الكرة أثناء اللعب.

تقنية الفيديو والتحقق (Challenge System)

اعتمد الاتحاد الدولي استخدام تقنية الفيديو (Challenge) في البطولات الكبرى، حيث يحق للمدربين طلب مراجعة لقطات مشكوك فيها تتعلق بلمس الكرة أو خروجها عن الحدود أو أخطاء الشبكة. يحق لكل فريق عدد معين من التحديات في كل شوط، وإذا ثبت صحة التحدي لا يُخصم من الفريق.

القوانين الخاصة بالبطولات المختلفة

رغم أن القواعد الأساسية موحدة عالميًا، إلا أن بعض البطولات المحلية أو الفئات العمرية قد تُجري تعديلات خاصة على القوانين مثل تقليص ارتفاع الشبكة أو تقليص عدد الأشواط، وتُحدّد هذه القواعد بناءً على توجيهات الاتحادات الوطنية المعنية.

القوانين الخاصة بكرة الطائرة الشاطئية

رغم تشابه اللعبة في روحها، إلا أن كرة الطائرة الشاطئية تخضع لقواعد مختلفة أبرزها:

• يتكون الفريق من لاعبين فقط.

• يُلعب على أرضية رملية بأبعاد أصغر (16×8 متر).

• لا يوجد دوران، ويحق لأي لاعب أن يؤدي الإرسال.

• لا يُسمح بأي لمسة مزدوجة على الكرة، حتى عند التمرير.

أهمية فهم القوانين للمدربين واللاعبين

يلعب الإلمام الكامل بقوانين كرة الطائرة دورًا محوريًا في تطوير أداء اللاعبين وتحسين قرارات المدربين خلال المباريات، كما يسهم في تقليل الأخطاء الفنية، وتعزيز القدرة على التعامل مع ضغوط المنافسة. وتمثل هذه القوانين الركيزة الأساسية التي يستند إليها كل من يطمح إلى الاحتراف في اللعبة، أو المساهمة في تدريب الفرق وقيادتها بفعالية.

الخلاصة

قوانين كرة الطائرة تمثل نظامًا دقيقًا مصممًا لضمان النزاهة والعدالة والاحترافية في اللعبة. ولا تقتصر هذه القوانين على مجرد قواعد اللعب داخل الملعب، بل تمتد لتشمل تفاصيل التحكيم، تنظيم البطولات، وإدارة الفرق. ومن خلال فهم عميق لهذه القوانين، يمكن للاعبين والمدربين والحكام على حد سواء الارتقاء بمستوى اللعبة والوصول بها إلى أقصى درجات التميز.

المراجع

1. الاتحاد الدولي للكرة الطائرة (FIVB) – https://www.fivb.com

2. دليل التحكيم الرسمي للكرة الطائرة – النسخة الأخيرة المعتمدة من FIVB