أسباب العقم عند المرأة

يُعد العقم من أبرز المشكلات الصحية التي تواجه العديد من النساء حول العالم، وهو حالة تعجز فيها المرأة عن الحمل رغم ممارسة العلاقة الزوجية بشكل طبيعي ودون استخدام وسائل منع الحمل لفترة لا تقل عن سنة. يمكن أن يكون العقم نتيجة لعدة عوامل مختلفة تؤثر على الجهاز التناسلي للمرأة. وتختلف الأسباب التي قد تؤدي إلى العقم من امرأة لأخرى، فبعض هذه الأسباب قد تكون فسيولوجية، بينما قد تكون أسباب أخرى ناتجة عن مشاكل صحية أو وراثية. في هذا المقال، سنتناول أسباب العقم عند المرأة بشكل مفصل، ونستعرض العوامل التي قد تؤثر على القدرة على الحمل.

1. مشاكل في التبويض

يعد التبويض أحد العوامل الأساسية التي تؤثر في قدرة المرأة على الحمل. يتضمن التبويض عملية إطلاق البويضة من المبيض خلال الدورة الشهرية. إذا كانت هناك مشاكل في عملية التبويض، فإنها قد تؤدي إلى العقم.

1.1. اضطرابات في الهرمونات

تتداخل العديد من الهرمونات في تنظيم عملية التبويض، وأي خلل في هذه الهرمونات يمكن أن يعيق التبويض. من أبرز الاضطرابات الهرمونية التي تؤدي إلى العقم:

• متلازمة تكيس المبايض (PCOS): هي حالة هرمونية شائعة لدى النساء، تؤدي إلى عدم نضوج البويضات بشكل صحيح أو إطلاقها من المبايض. تتميز هذه المتلازمة بوجود أكياس صغيرة في المبايض وارتفاع مستويات الهرمونات الذكورية.

• خلل في هرمون البرولاكتين: يمكن أن يسبب ارتفاع مستويات البرولاكتين في الدم (هرمون الحليب) انقطاع التبويض، مما يعيق الحمل.

• قصور الغدة الدرقية: عندما لا تنتج الغدة الدرقية كميات كافية من الهرمونات، فقد يحدث اضطراب في الدورة الشهرية ويؤثر على التبويض.

• الإفراز الزائد لهرمون الأندروجين: يمكن أن يسبب الإفراز المفرط لهذا الهرمون مشكلات في التبويض، مما يجعل الحمل صعباً.

1.2. ضعف احتياطي المبايض

من أهم أسباب العقم عند المرأة هو انخفاض جودة أو عدد البويضات المتاحة في المبيضين. مع تقدم العمر، تنخفض قدرة المبايض على إنتاج بويضات ذات جودة عالية، وهو ما يساهم في العقم عند النساء في سن متقدمة.

2. مشاكل في قناة فالوب

تعد قناة فالوب المسار الذي يمر عبره البويضة بعد إطلاقها من المبيض باتجاه الرحم. إذا كانت هذه القنوات مسدودة أو مصابة بالتهاب أو تلف، فإنها تعيق وصول البويضة إلى الرحم، مما يؤدي إلى العقم.

2.1. انسداد قنوات فالوب

يمكن أن يحدث انسداد في قنوات فالوب نتيجة للإصابة بعدوى أو التهاب سابق في الأعضاء التناسلية مثل مرض التهاب الحوض، الذي قد يؤدي إلى تشكيل الندبات أو الأنسجة التالفة داخل القناة. هذه الندبات تعيق حركة البويضة عبر القناة أو تعرقل إتمام عملية التخصيب.

2.2. التهاب الحوض

التهاب الحوض هو عدوى في الأعضاء التناسلية العليا مثل الرحم والمبايض وقنوات فالوب. قد يكون نتيجة لعدوى منقولة جنسياً مثل الكلاميديا أو السيلان، أو عدوى غير جنسية تؤثر على الجهاز التناسلي. في حال لم يتم علاج هذه العدوى بشكل مناسب، فإنها قد تؤدي إلى العقم بسبب تلف الأنسجة أو الانسداد في قنوات فالوب.

2.3. التصاقات الحوض

التصاقات الحوض هي عبارة عن نسيج ندبي غير طبيعي يتشكل داخل الحوض نتيجة للإصابة أو العدوى. يمكن أن تتسبب هذه الالتصاقات في صعوبة في مرور البويضة أو التقاء البويضة بالحيوان المنوي.

3. مشاكل في الرحم

الرحم هو المكان الذي ينمو فيه الجنين بعد التخصيب. لذا فإن أي مشكلة في الرحم قد تؤثر بشكل مباشر على قدرة المرأة على الحمل. تتضمن بعض المشكلات التي قد تسبب العقم:

3.1. الأورام الليفية الرحمية

الأورام الليفية هي أورام غير سرطانية تنمو في جدار الرحم. رغم أنها غالباً ما تكون غير مؤلمة، إلا أنها قد تؤثر على قدرة الرحم على استقبال البويضة المخصبة، أو قد تسبب مشاكل في تدفق الدم إلى الرحم مما يعيق الحمل.

3.2. تشوهات الرحم

تشوهات الرحم الخلقية أو المكتسبة مثل الرحم ذو القرنين أو الحاجز الرحمي قد تؤدي إلى صعوبة في حمل الجنين. في بعض الحالات، يمكن أن تتسبب التشوهات الخلقية في العقم أو حالات الإجهاض المتكرر.

3.3. التهاب بطانة الرحم

التهاب بطانة الرحم أو التهاب الرحم الداخلي قد يتسبب في تلف الخلايا التي قد تتأثر أيضاً بتغيرات هرمونية، مما قد يعيق عملية الإخصاب أو الحمل.

4. العوامل المناعية

قد تكون بعض حالات العقم ناتجة عن مشكلات في جهاز المناعة، حيث يقوم الجهاز المناعي للمريضة بمهاجمة الحيوانات المنوية باعتبارها أجساماً غريبة، مما يعيق عملية الإخصاب.

4.1. الأجسام المضادة للحيوانات المنوية

قد تتطور الأجسام المضادة التي تهاجم الحيوانات المنوية نتيجة خلل في جهاز المناعة، مما يعوق قدرة الحيوانات المنوية على الوصول إلى البويضة أو اختراقها.

4.2. الأمراض المناعية الذاتية

قد تؤثر بعض الأمراض المناعية الذاتية مثل الذئبة الحمراء أو التصلب المتعدد على القدرة على الحمل من خلال التأثير على وظائف الأعضاء التناسلية.

5. العوامل النفسية والبيئية

5.1. التوتر والإجهاد

تشير الدراسات إلى أن التوتر المزمن يمكن أن يؤثر على الهرمونات التي تتحكم في الدورة الشهرية والتبويض، مما يزيد من احتمالات العقم.

5.2. التلوث البيئي

التعرض للمواد الكيميائية السامة مثل المواد المسرطنة أو السموم البيئية قد يؤدي إلى اختلالات هرمونية تؤثر على قدرة المرأة على الحمل. الدراسات أظهرت أن التعرض للتلوث البيئي قد يزيد من فرص الإصابة ببعض أنواع العقم، مثل تضرر المبايض.

5.3. السمنة

السمنة يمكن أن تؤثر على مستويات الهرمونات في الجسم وتسبب مشاكل في التبويض. النساء اللواتي يعانين من السمنة قد يواجهن صعوبة في الحمل بسبب تأثيراتها السلبية على مستويات الهرمونات مثل الأنسولين والأندروجين.

6. العمر

العمر من العوامل المؤثرة بشكل كبير على خصوبة المرأة. مع تقدم المرأة في السن، تنخفض جودة وكمية البويضات في مبايضها. بعد سن الثلاثين، يبدأ معدل الخصوبة في الانخفاض بشكل تدريجي، وتزداد المخاطر الصحية المتعلقة بالحمل مثل الإجهاض أو الحمل غير المكتمل.

7. العوامل الوراثية

تلعب الوراثة دورًا مهمًا في تحديد خصوبة المرأة. بعض الحالات الوراثية قد تؤدي إلى مشاكل في التبويض أو تسبب تشوهات في الرحم أو المبايض. كما أن بعض النساء قد يحملن جينات قد تؤثر في عمل الجهاز التناسلي.

8. أسلوب الحياة والعادات الصحية

8.1. التدخين

يؤثر التدخين بشكل كبير على الخصوبة، حيث يمكن أن يسبب مشاكل في التبويض، ويقلل من جودة البويضات. كما يزيد التدخين من خطر الإصابة بأمراض مزمنة تؤثر على الصحة الإنجابية.

8.2. شرب الكحول

يمكن أن يؤثر الكحول على مستويات الهرمونات، مما يقلل من فرص الحمل. الشرب المفرط للكحول قد يعيق قدرة المرأة على التبويض بشكل منتظم.

8.3. نقص النشاط البدني

قلة النشاط البدني قد تؤدي إلى زيادة الوزن أو السمنة، مما يؤثر على خصوبة المرأة. ممارسة الرياضة بشكل منتظم يمكن أن تحسن من التوازن الهرموني وتساعد في الحفاظ على الوزن الصحي.

9. العوامل الطبية الأخرى

9.1. الأمراض المنقولة جنسياً

تعد بعض الأمراض المنقولة جنسياً، مثل الكلاميديا والسيلان، من الأسباب الشائعة للعقم عند المرأة. قد تتسبب هذه العدوى في تلف الأنسجة التناسلية وتؤدي إلى التصاقات في قنوات فالوب أو الرحم.

9.2. العلاجات الطبية

بعض العلاجات الطبية مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي قد تؤثر على الخصوبة، حيث تضر الخلايا التناسلية أو تضعف القدرة على الحمل.

خاتمة

تعد مشكلة العقم عند المرأة من القضايا الصحية المعقدة التي تتداخل فيها عوامل متعددة، منها الهرمونات، التلوث البيئي، نمط الحياة، والأسباب الطبية والوراثية. تتطلب معالجة العقم فحصاً دقيقاً لتحديد السبب أو الأسباب المحتملة، ومن ثم تقديم العلاجات المناسبة التي تتنوع من الأدوية إلى التدخلات الجراحية أو تقنيات المساعدة على الإنجاب.