من العناوين المميزة في عالم العلوم، يبرز كتاب “Of Moths and Men: An Evolutionary Tale” للكاتبة Judith Hooper، والذي يستكشف قصة نموذجية للتطور البيولوجي من خلال قصة الفراشات المخططة في إنجلترا. ويعتبر هذا الكتاب واحدًا من الأعمال المميزة التي تسلط الضوء على تاريخ العلم والأبحاث البيولوجية.
في فترة الخمسينات من القرن الماضي، توجه الطبيب وعالم الحشرات الهاوي البريطاني “ه. ب. د. كيتلويل” إلى الغابات لاستخدام فراشات “الفلفل المخطط” لالتقاط “التطور في العمل”. كان يسعى لإثبات أن الفراشات تتطور إلى لون أسمنتي رمادي أغمق استجابة لتلوث الصناعي، مما يضيف التأكيد النهائي على نظرية داروين. لكن كما تكشف جوديث هوبر في هذا العمل الرائد، كانت طموحات كيتلويل تتجاوز قوة علمه، وتحولت قصة “الفراشة المخططة” إلى واحدة من أشهر الأساطير في تاريخ علم التطور البيولوجي.
وقبل حوالي قرن من الزمان، عندما ظهرت صورة مظلمة (“ميلانيك”) من الفراشة المخططة في المدن الصناعية المدخنة في جزر بريطانيا، اقترح بعض الناس أن نظرية التطور قد تفسر لماذا. فبينما كانت تتوقف هذه الفراشات الميلانيكية على الخلفيات الملوثة بالدخان، كانت تكاد تكون غير مرئية للطيور، وبالتالي تتجنب أن تكون فريسة لها. وبالتالي، كانت المزيد منها تنجو للتكاثر. في المناطق الريفية، كان الأمر عكس ذلك تمامًا. في لغة داروينية، كانت الانتقاء الطبيعي يفضل الفراشات السوداء في المدن الملوثة بالغبار الصناعي والفراشات الفاتحة في الغابات الريفية غير الملوثة. لعقود عديدة، كان هذا فقط نظرية، حتى وصل كيتلويل. نجح بأبعاد تجاوزت توقعات أي شخص، ليصبح بطل الانتقاء الطبيعي، شخصية محتفاة في ألوهية نادرة من العلماء من الدرجة العالمية، لإثباته لـ “الميلانين الصناعي”.
وراء قصة النجاح هذه، كانت تكمن قصة أكثر ظلامة. يروي “Of Moths and Men”، استنادًا إلى وثائق أصلية ومقابلات مع علماء من الجانبين الأطلسيين بالإضافة إلى الأصدقاء والأقارب للشخصيات الرئيسية، الصراعات المريرة، والغيرة الأكاديمية، والعلم المضطرب، والكسر العاطفي للعلماء المتورطين. تم جذب كيتلويل إلى الدوائر الداخلية لجامعة أكسفورد من قبل الجينتيكي المشهور “إدموند بريسكو فورد” – راوي رائع، وأكاديمي متهور بشكل متوحش، ومتعصب في كثير من الأحيان، يسعى لتأسيس نظرياته حول كيفية عمل التطور وهزيمة جميع الخصوم. على الرغم من أن تجربة كيتلويل أصبحت الجوهرة في تاج مملكة فورد في أكسفورد – وتجربة جائزة التطور – إلا أن العلاقة بين الرجلين أصبحت مضطربة. في اللحظة التي كانت فيها تجارب الفراشات المخططة تؤسس لعلماء أكسفورد كسادة في عالمهم، كانت علاقاتهم الشخصية والمهنية تتفكك في غمامة من التلميحات الزائفة