“في أعماق المحيط” هي رواية للكاتبة جاكلين ميتشارد التي نُشرت لأول مرة في يونيو عام 1996 عن طريق دار النشر “فايكينغ”. تركز الرواية على لحظة مأساوية في حياة عائلة كابادورا، حيث تبدأ القصة عندما تطلب بيث كابادورا من ابنها الأكبر فينسينت، الذي يبلغ من العمر سبع سنوات، أن يراقب شقيقه الصغير بن، بينما هي منهمكة في تسجيل الوصول لحضور لمّ شمل مدرسي في شيكاغو.
مع انشغال بيث لبضع دقائق فقط، تلتفت فجأة لتجد أن ابنها بن، البالغ من العمر ثلاث سنوات، قد اختفى دون أثر. هنا تبدأ الكابوس الحقيقي الذي يواجهه كل والدين: فقدان طفل دون أي أثر يذكر. تنقلب حياة بيث رأساً على عقب، وتبدأ رحلة البحث المحمومة عن بن، التي لا تقتصر على الشرطة المحلية فقط، بل تتحول إلى هوس وطني يمتد لعدة سنوات.
خلال السنوات التسع التالية، تعيش بيث في حالة من العذاب المستمر، وهي معلقة على حافة من الألم المكبوت الذي يعزلها عن الحياة الطبيعية. يفشل زواجها من بات، الزوج الذي يتمتع بلطف نادر، في تحمل الضغط الهائل الناجم عن فقدان ابنهما، حيث يصبح بات عاجزاً عن استعادة بن أو حتى تقديم العزاء الكافي لبيث. من جهة أخرى، يتحول فينسينت، الابن الأكبر، إلى مراهق مضطرب يسعى إلى جذب الانتباه بطرق مدمرة، في محاولة لكسر جدار الصمت والشك الذي يحيط بعائلته.
تأخذ الرواية منعطفاً مفاجئاً عندما تعود العائلة إلى شيكاغو لبدء مشروع مطعم عائلي جديد. حدث غير متوقع يحدث بعد هذه العودة، ويغير كل ما كان يبدو مؤكداً أو ممكناً في حياة العائلة. ربما، وبطريقة ما، يفتح هذا الحدث باباً لبيث لاستعادة ما اعتقدت أنه فقد إلى الأبد: الأمل في الحياة مجدداً.
تتناول الرواية مواضيع عميقة تتعلق بالفقدان، والألم النفسي، وتأثير الأزمات على العلاقات الأسرية. تسلط الضوء على قدرة الإنسان على التحمل في مواجهة الأزمات، وكيف يمكن لحادثة واحدة أن تغير مسار حياة العائلة بشكل لا رجعة فيه. تقدم جاكلين ميتشارد من خلال هذه الرواية صورة حية ومعقدة لكيفية تعامل الناس مع الفجيعة، وكيف يمكن للأمل أن ينبعث من أحلك اللحظات.
بأسلوبها السردي المؤثر والمشحون بالعواطف، تبرز “في أعماق المحيط” كواحدة من تلك الروايات التي تترك أثراً عميقاً في نفوس قرائها، حيث تتناول جوانب الإنسان الضعيفة والقوية في آن واحد، مقدمة قصة تجمع بين الحزن العميق والأمل المتجدد.