فيلم “The Ruthless” (الوحشي): قصة صعود مافيا ‘ندرانغيتا في ميلانو
يعتبر فيلم “The Ruthless” أو “الوحشي” من الأفلام التي تلقي الضوء على واحدة من أخطر وأكثر المافيا الإيطالية شهرة في الثمانينات، وهي مافيا ‘ندرانغيتا. الفيلم، الذي أخرجه المخرج الإيطالي ريناتو دي ماريا، يعكس الصراع الداخلي والخارجي لشخصية شابة تنشأ في عالم الجريمة، لتصبح واحدة من أبرز الشخصيات في هذه المنظمة الإجرامية.
نبذة عن الفيلم
فيلم “The Ruthless” هو دراما إيطالية فرنسية من إنتاج عام 2019، يدور حول شخصية شاب يُدعى “سانتو”، الذي يمر بتجربة حياتية صعبة تجعله يتحول من مراهق متمرد إلى أحد أكبر المجرمين في ميلانو خلال الفترة الذهبية لمافيا ‘ندرانغيتا في الثمانينات. يسلط الضوء على الصراع النفسي والظروف التي تجذب هذا الشاب إلى عالم الجريمة، في حين يعرض أيضًا النظام المعقد والمُحكم الذي يسود تلك المنظمات الإجرامية.
التوجيه الفني والتمثيل
الفيلم من إخراج ريناتو دي ماريا، وهو مخرج إيطالي معروف بتقديم أعماله التي تتناول الجريمة والنزاعات الداخلية بين الأفراد والجماعات. نجح دي ماريا في خلق جوٍ من التوتر والميلودراما المظلمة، ما جعل الفيلم يعكس بدقة أجواء التوتر والاغتراب التي كان يعيشها الشباب في تلك الحقبة.
أما فيما يتعلق بالأداء التمثيلي، فقد قدم “ريكاردو سكامايو”، الذي يجسد دور “سانتو”، أداءً قويًا وعاطفيًا، حيث تمكن من تجسيد التوتر الداخلي للشخصية، التي تتأرجح بين الولاء لعائلتها ومجموعة “المافيا” من جهة، والشكوك التي تساور الشخصيات الأخرى التي تعيش في الظل من جهة أخرى. كما شارك في التمثيل “سارة سيرايكو”، و”أليسيو براتيكو”، و”أليساندرو تيدسكي”، و”ماري-أجي كاستا”، وجميعهم قدموا أداءً رائعًا في تجسيد الشخصيات التي تتراوح بين الضحايا والجلادين في هذا العالم القاسي.
قصة الفيلم والمضمون
تدور أحداث الفيلم حول شخصية “سانتو”، وهو شاب نشأ في الأحياء الفقيرة في ميلانو، وتحديدًا في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، حيث تتسلل الجريمة المنظمة إلى كل زاوية من حياته. في بداية الفيلم، نرى “سانتو” وهو مراهق متمرد، يواجه صعوبة في فهم العالم من حوله. ولكن مع مرور الوقت، يجد نفسه يغرق في عالم الجريمة، حيث يُعتبر الانتماء إلى عصابة ‘ندرانغيتا هو السبيل الوحيد للنجاح والاعتراف.
ما يميز الفيلم هو تصويره العميق والمعقد للعلاقات داخل هذه العصابة، حيث يتم التركيز ليس فقط على العنف والخوف، ولكن أيضًا على العلاقات الإنسانية المعقدة. تظهر الشخصيات في الفيلم لا ككائنات جامدة، بل كأفراد يعانون من قراراتهم الخاطئة، والتي تقودهم إلى مواجهة مصائرهم المظلمة.
تتجسد الحرب بين الولاء والمصلحة الشخصية في تصرفات “سانتو”، الذي يسعى لتحقيق النجاح الشخصي على حساب الآخرين. في الوقت نفسه، يعكس الفيلم التحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها إيطاليا في تلك الفترة، مما يضفي على العمل بعدًا تاريخيًا وفنيًا مميزًا.
التصوير والموسيقى
لقد كان التصوير في فيلم “The Ruthless” عاملًا أساسيًا في نقل أجواء الفيلم المظلمة. التقطت كاميرات الفيلم بدقة ملامح الحياة في ميلانو في تلك الفترة، حيث تم التركيز على الأماكن الحضرية المهجورة والشوارع المظلمة التي تعكس روح الجريمة والعنف. كانت الموسيقى التصويرية أيضًا عنصرًا مؤثرًا في تعزيز الأجواء الدرامية، حيث استخدم المخرج الموسيقى العاطفية التي تتماشى مع تصاعد الأحداث وتعقيد المشاعر الداخلية للشخصيات.
الجانب الاجتماعي والسياسي
علاوة على كونه فيلمًا عن الجريمة، فإنه يسلط الضوء على واقع اجتماعي وسياسي معقد. في إيطاليا خلال الثمانينات، كانت مافيا ‘ندرانغيتا تزداد قوة وتنظيمًا، مما جعلها واحدة من أخطر المنظمات الإجرامية في البلاد. يعكس الفيلم تأثير هذه العصابات على المجتمع الإيطالي، وكيف تتشابك السياسة والاقتصاد مع الجريمة في تربة خصبة لنمو مثل هذه المجموعات.
التقييم والإشادة
منذ عرضه، لاقى فيلم “The Ruthless” إشادة كبيرة من النقاد والجماهير على حد سواء. تم تقديره من ناحية الأداء التمثيلي والكتابة، كما عُرف بجوهره الواقعي الذي يظهر فيه العالم المظلم للمافيا الإيطالية. حصل الفيلم على تقييم TV-MA، مما يوضح احتوائه على مشاهد عنيفة وأسلوب سرد بالغ الجدية. وقد استمر الفيلم في جذب الانتباه ليس فقط بسبب قصته المثيرة ولكن أيضًا من خلال قدرته على تسليط الضوء على جانب مظلم من تاريخ إيطاليا.
الخاتمة
بإجمال، يقدم فيلم “The Ruthless” تجربة سينمائية فريدة من نوعها عن الجريمة المنظمة في إيطاليا. إنه ليس مجرد فيلم عن المافيا؛ بل هو نظرة عميقة في عالم معقد مليء بالصراعات الداخلية والخارجية، يسير فيه الإنسان بين الظل والنور. من خلال تصويره للمافيا والواقع الاجتماعي، ينجح الفيلم في تقديم دراسة نفسية واجتماعية حول كيفية نشوء وإزدهار مثل هذه المنظمات، ويمثل علامة بارزة في السينما الإيطالية الحديثة.