فيلم “Right Here Right Now”: رحلة غير متوقعة في ليلة رأس السنة
يعتبر فيلم “Right Here Right Now” (2018) من إخراج جاكوب لاس، واحدًا من الأفلام التي تجمع بين الكوميديا والدراما، بالإضافة إلى لمسة من الأفلام المستقلة التي تعكس الفوضى والغرابة التي يمكن أن تحدث في ليلة رأس السنة. تدور أحداث الفيلم في إطار غير تقليدي، حيث يجتمع الأصدقاء والأعداء والموسيقيون في ملهى ليلي في ليلة رأس السنة، وكل منهم يحمل معه قصصه وأزماته الشخصية. يُعد هذا الفيلم تجربة سينمائية تحمل الكثير من التوتر والتسلية، بالإضافة إلى مشاهد مليئة بالدهشة والتحولات غير المتوقعة.
قصة الفيلم:
الفيلم يدور حول مالك ملهى ليلي يمر بتجربة فشل تجاري وفني في مشروعه الذي لطالما كان يهواه. وبينما يواجه الخسارة، يقرر أن ينظم حفلة ضخمة في ليلة رأس السنة، كانت بمثابة “الفرصة الأخيرة” لإنقاذ ملهى الليل. يُشهر هذا الحدث اللامتناهي والمجتهد فرصة أخيرة للأشخاص المختلفين – الأصدقاء، الأعداء، والغرباء – للالتقاء في مكان واحد مع بعضهم البعض. لكن الحفلة التي بدأها لم تكن مجرد احتفال؛ بل تحولت إلى حالة من الفوضى والارتباك، حيث تحدث مواقف غير متوقعة.
يتعامل الفيلم مع موضوعات مختلفة مثل الأزمات الشخصية، الفشل، والأمل الذي قد يبدو ضئيلًا في بعض الأحيان. بينما يجسد الأشخاص المشاركون في الحفلة الشخصيات المختلفة، يمكننا ملاحظة الكيفية التي يظهر بها العنف والإحباط بطريقة فكاهية وواقعية في نفس الوقت.
الأداء التمثيلي:
يجمع الفيلم مجموعة من الممثلين الموهوبين مثل نيكلاس بروهن، ديفيد شوتير، وتنكا فورست، حيث يؤدي هؤلاء الممثلون أدوارًا معقدة تمزج بين الشخصيات الكوميدية والتراجيدية. فكل شخصية في الفيلم تبدو مستقلة في طبائعها ولكنها تتقاطع بشكل غير متوقع في الحفل.
أما بالنسبة للممثلة الشهيرة كورينا هارفوش، فقد أدت دورًا مميزًا يبرز قدرتها في التنقل بين الأبعاد الدرامية والشخصية للفيلم، وكذلك كان لبالا ب. فيلزينهايمر تأثير كبير على تطور الأحداث.
تشارك العديد من الوجوه في الفيلم، مما يجعل كل شخصية تضيف طابعًا فريدًا للجو العام للفيلم.
التوجهات السينمائية:
إخراج جاكوب لاس يتسم بتوظيفه المبدع للكاميرا والتسلسل الزمني في تقديم الأحداث. فالمشاهد تتنقل بسلاسة بين الماضي والحاضر، وتُظهر التفاعل بين الشخصيات في الوقت الفعلي والذكريات المتشابكة. يقدم الفيلم إحساسًا بالقلق والفوضى المستمرة، ممزوجًا بلحظات فكاهية وفجائية ترفع من وتيرة الإثارة.
الطابع الفني والسينمائي:
يتميز “Right Here Right Now” بكونه فيلمًا مستقلًا يعكس نظرة حرة للواقع المجتمعي والإنساني. يلامس هذا النوع من الأفلام النبض الفعلي للأحداث اليومية، ويقدم بشكل واقعي تصويرًا لعدة مواقف اجتماعية غير متوقعة. التوتر الذي يتولد بين الشخصيات في الفيلم يعكس التحديات التي يواجهها الكثيرون في الحياة، سواء على الصعيد العاطفي أو الاجتماعي.
أما عن تصميم السينما، فقد كانت الألوان والإضاءة جزءًا مهمًا في تكوين الجو الكئيب والفوضوي للحفل الذي يجمع الشخصيات. وتُظهر الإضاءة الخافتة والمؤثرات الصوتية تجسيدًا للفوضى الذهنية والعاطفية التي يعيشها الأبطال في تلك الليلة.
الموسيقى:
تعد الموسيقى أحد العوامل المؤثرة في تجسيد الطابع العام للفيلم، حيث أنها تُعتبر سمة بارزة في الحفل الذي يظل يطغى عليه الارتباك والغموض. من خلال المزج بين الأنماط الموسيقية المختلفة، يُسلّط الضوء على المشاعر المتناقضة في اللحظات غير المتوقعة.
الاستقبال والنقد:
على الرغم من أن “Right Here Right Now” قد يبدو للبعض فيلمًا غرائبيًا ومليئًا بالعشوائية، إلا أن النقاد أشاروا إلى أنه يحمل في طياته عمقًا كبيرًا في موضوعاته. يعكس الفيلم جوانب من الواقع التي قد تكون بعيدة عن متناول الجمهور، لكنه في الوقت نفسه يتيح لهم التفاعل مع مختلف الشخصيات بتفاصيلها الدقيقة.
وفيما يتعلق بالمشاهدين، كانت آراء بعضهم متباينة. فالبعض أشاد بالفيلم باعتباره انعكاسًا دقيقًا للأزمات الإنسانية والشخصية، بينما اعتبره البعض الآخر بعيدًا عن الواقعية المعهودة في الأفلام الكوميدية المعتادة.
الخلاصة:
يُعد فيلم “Right Here Right Now” من أبرز الأفلام التي تتميز بالفوضى الجمالية، حيث يتشابك فيها العديد من الشخصيات والأحداث بطريقة مدهشة. يجمع بين الحلم بالنجاح والفشل والخيبة، وبين الأمل في تحقيق شيء يظل بعيدًا. ويعد هذا الفيلم بمثابة تسليط الضوء على محاولات الإنسان للتغلب على الفشل، لا سيما في مواجهة تجارب الحياة القاسية.
وبغض النظر عن الفوضى التي تحيط بهذه الليلة الحاسمة، يظل الفيلم يترك للمشاهد مساحة للتأمل في العديد من القضايا الإنسانية التي قد تمرّ بها جميع الشخصيات.