فيلم بيت كروكيد: جريمة وغموض

فيلم “بيت كروكيد” (Agatha Christie’s Crooked House): تحفة تشويقية من إبداع أغاثا كريستي

يعتبر فيلم “بيت كروكيد” (Agatha Christie’s Crooked House) من الأعمال السينمائية المثيرة التي تعكس بمهارة أسلوب أغاثا كريستي في كتابة الروايات البوليسية المليئة بالغموض والإثارة. هذا الفيلم الذي أخرجه المخرج الفرنسي جيل باكيه-برينير، يجمع بين عناصر الجريمة، التشويق، والتحقيقات البوليسية التي اشتهرت بها أغاثا كريستي. تم عرض الفيلم لأول مرة في عام 2017، وهو يعتمد على رواية تحمل نفس الاسم للكاتبة الشهيرة، ويتميز بمشاركة نخبة من النجوم مثل غلين كلوز، تيرينس ستامب، ماكس إيرونز، وجيليان أندرسون.

القصة والأحداث

تدور أحداث “بيت كروكيد” في إطار بوليسي تشويقي، حيث يحقق المحقق تشارلي فيرون (الذي يؤديه ماكس إيرونز) في وفاة جده صاحب الثروة الكبيرة، الذي توفي في ظروف غامضة. كانت علاقة المحقق مع حفيدة الرجل المتوفي قديمة، ويعود إليها بعد سنوات طويلة من الفراق ليكتشف أسرارًا عميقة عن العائلة التي كانت تحيط بالجدة. كل فرد من أفراد العائلة يمتلك سلوكًا غريبًا، مما يجعل التحقيق في الجريمة أمرًا معقدًا ويثير الشكوك حول الحقيقة.

العائلة التي يتمركز حولها التحقيق تتسم بالعديد من التوترات والصراعات الخفية. كل شخصية في الفيلم تحمل أسرارًا تهدد بالكشف عن أبعاد قاتلة. فكلما اقترب المحقق من حل لغز الجريمة، كلما تتكشف له حقائق مروعة ومؤلمة عن علاقة أفراد العائلة ببعضهم البعض.

الممثلون والأداء

الفيلم يضم طاقمًا رائعًا من الممثلين الذين أبدعوا في تقديم الشخصيات المعقدة والمتشابكة. في المقدمة، قدمت غلين كلوز دور الأم الثرية والمبتهجة، التي تبدو عليها مظاهر الرفاهية لكنها تحمل بداخلها الكثير من الأسرار. أما تيرينس ستامب، فقد أضاف براعته المعهودة في تجسيد شخصية الرجل المسن والمتوتر، الذي يبدو وكأنه يحاول إخفاء شيء ما عن المحقق.

ماكس إيرونز، الذي لعب دور المحقق الشاب، نجح في تقديم شخصية تتسم بالذكاء والحذر، حيث يواجه التحديات التي تضعه في صراع مع العائلة ذات النفوذ. أما جيليان أندرسون التي قامت بدور شخصية غامضة ومتذبذبة عاطفيًا، فقد أضفت على الفيلم مزيدًا من الإثارة من خلال ظهورها المستمر في المشهد.

الإخراج والتصوير

الإخراج الذي قدّمه جيل باكيه-برينير يمتاز بالقدرة على بناء جو من الغموض والتشويق. مع استخدامه للمناظر الطبيعية الغنية وأسلوب التصوير الكلاسيكي، ينجح المخرج في إضفاء لمسة فنية على المشاهد، مما يخلق تأثيرًا مرئيًا متكاملًا يدعم القصة. يعزز الفيلم بجو من الغموض والتوتر من خلال اللقطات الطويلة والمشاهد التي تركز على تعبيرات الوجوه والأماكن المغلقة.

الأجواء الموسيقية

أما الموسيقى التصويرية للفيلم فقد جاءت متوافقة تمامًا مع الأجواء المشوقة. استعملت فيها الأنغام الكلاسيكية لتتناسب مع الفترة الزمنية التي تجري فيها أحداث القصة، مما جعل المشاهد أكثر تشويقًا وإثارة. تضفي الموسيقى لمسة درامية على الحوارات وتكملها بشكل مبدع، مما يعزز من تأثير الفيلم.

تقييم الفيلم

يعد فيلم “بيت كروكيد” من الأعمال التي تندرج تحت فئة الأفلام البوليسية المليئة بالغموض والإثارة. يتميز بمزيج من الحوارات الذكية، الشخصيات المعقدة، والمشاهد الغامضة التي تشد انتباه الجمهور وتبقيه في حالة ترقب طوال الوقت. تنجح أغاثا كريستي، من خلال هذا العمل، في تقديم فيلم معاصر يعكس بذكاء شديد قوة تأثير عائلات النخبة وملابسها المعقدة.

من حيث الأداء، قدم طاقم العمل أداءً رائعًا ومتماسكًا. لعبت كل شخصية دورًا محوريًا في تطور القصة وأدى تنوع الشخصيات إلى خلق جو مشوق يجعل من الفيلم مثيرًا للتفكير بعد مشاهدته.

الخاتمة

بالمجمل، يُعد “بيت كروكيد” فيلمًا يستحق المشاهدة لكل محبي أفلام الجريمة والتشويق. من خلال سرد قصته المليئة بالأسرار والدراما العائلية، يقدم الفيلم رؤية جديدة لأسلوب أغاثا كريستي المشهور في الكتابة البوليسية، مما يجعل من هذا العمل السينمائي تحفة فنية تجمع بين الغموض والإثارة بأسلوب سينمائي مميز.

إنه ليس مجرد فيلم جريمة عادي، بل هو رحلة مثيرة في عالم العائلات الغنية والمليئة بالأسرار، حيث تتكشف الحقيقة تدريجيًا، ليظل الجواب النهائي مبهما حتى النهاية، كما هي العادة في معظم أعمال أغاثا كريستي.