مقال عن فيلم “باري” (Barry) 2016
فيلم “باري” هو واحد من الأعمال السينمائية التي تتناول فترة هامة في حياة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، حيث يسلط الضوء على سنواته الأولى في مرحلة الشباب قبل أن يصبح واحدًا من أبرز الشخصيات في التاريخ الأمريكي. عُرض الفيلم لأول مرة في 16 ديسمبر 2016، من إخراج المخرج الهندي فيكرام غاندي، ويقدم لنا لمحة عميقة عن رحلة أوباما في البحث عن هويته، وتفاعله مع القضايا الاجتماعية والثقافية التي شكلت ملامح شخصيته المستقبلية.
القصة: رحلة من البحث عن الهوية
تدور أحداث فيلم “باري” حول الشاب باراك أوباما في فترة دراسته الجامعية في مدينة نيويورك، حيث يعكس الفيلم تجربة أوباما في محاولته لفهم مكانه في العالم وسط ثقافات متنوعة وصراعات عرقية، بينما يحاول التوفيق بين حياته كطالب في جامعة كولومبيا وبين عالمه الداخلي المعقد. يُظهر الفيلم شخصية أوباما الشاب الذي يحاول بناء هويته الشخصية والاجتماعية في مجتمع مليء بالتحديات والصراعات، بما في ذلك قضايا العنصرية، والطبقات الاجتماعية المختلفة، والخلفيات الثقافية المتنوعة.
من خلال هذا الفيلم، يُعرض كيف كان باراك أوباما يسعى لفهم ذاته بشكل أعمق وسط بيئة تتناقض فيها الأعراق والثقافات، وكيف كانت تلك الفترات من حياته تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل شخصيته السياسية والفكرية في المستقبل.
الشخصيات الرئيسية في الفيلم
ديفون تيريل في دور باراك أوباما:
يؤدي الممثل الشاب ديفون تيريل دور باراك أوباما في شبابه بكفاءة عالية، حيث يظهر ببراعة الصراع الداخلي لشخصيته في تلك المرحلة المبكرة من حياته. يعتبر أداؤه في الفيلم من أبرز النقاط التي تجذب المشاهدين، حيث يعكس بطريقة دقيقة مشاعر العزلة والبحث عن الهوية التي عاشها أوباما أثناء تلك الفترة.
أنيا تايلور-جوي في دور “شيرا”:
تلعب الممثلة أنيا تايلور-جوي دور شيرا، وهي شخصية تمثل أحد التحديات التي يواجهها أوباما في محاولاته لفهم نفسه في عالم مختلف ثقافيًا. علاقتهما في الفيلم تكشف عن تأثير الحياة الاجتماعية والعاطفية على تطور أوباما.
جيسون ميتشل في دور “ياسمين”:
يجسد جيسون ميتشل شخصية ياسمين، صديق أوباما في الجامعة، ويظهر الفيلم تأثير هذه الصداقات على أوباما في تشكيل أفكاره وتوجهاته.
آشلي جاد في دور “أم باراك أوباما”:
تلعب آشلي جاد دور الأم، وهي واحدة من الشخصيات المحورية التي تقدم الدعم والمشورة لابنها في سعيه لفهم مكانه في العالم.
القضايا العرقية والثقافية
تُعد القضايا العرقية والثقافية من الموضوعات المركزية التي يعالجها الفيلم. فهو يعرض الحياة في مدينة نيويورك في فترة الثمانينات، حيث كان أوباما يواجه تحديات عديدة تتعلق بمسائل الهوية العرقية، والنضال المستمر للعثور على توازن بين خلفيته العائلية الإفريقية والتجربة الأمريكية التي كان يعيشها. يعكس الفيلم الكيفية التي كان يتعامل بها أوباما مع التحديات التي فرضتها عليه المجتمعات المختلفة التي كان يعيش فيها، سواء كان ذلك من خلال التعامل مع العنصرية في الحرم الجامعي أو التفاعل مع الزملاء في محيطه الدراسي.
الفهم العميق لشخصية أوباما
الفيلم يتيح للمشاهدين فرصة فريدة لفهم تفاصيل دقيقة عن شخصية باراك أوباما في فترة ما قبل أن يصبح سياسيًا بارزًا. يعرض “باري” العديد من لحظات التحول التي مر بها في شبابه والتي شكلت مسار حياته السياسية لاحقًا. من خلال تقديم جوانب متعددة من شخصيته، سواء كطالب في جامعة كولومبيا أو كشاب يعيش وسط صراع داخلي بين هويته العرقية والثقافية، يقدم الفيلم رؤية شاملة للظروف التي ساعدت في تشكيل مفاهيم أوباما حول العدالة، المساواة، وأهمية العمل الجماعي.
الإخراج والتصوير
قامت المخرجة فيكرام غاندي بتوجيه العمل بطريقة تعكس الأجواء الفوضوية والمعقدة التي كانت تسود حياة أوباما في تلك المرحلة من حياته. يتميز الفيلم بأسلوبه البصري الذي يعكس التوترات العرقية والثقافية في مدينة نيويورك، كما أن التصوير يعزز من الإحساس بالانعزال الذي كان يعيشه أوباما في تلك الفترة. يعتمد الفيلم بشكل كبير على مشاهد حوارية تركز على التفاعل بين الشخصيات وتطور العلاقة بين أوباما ورفاقه.
الخاتمة
فيلم “باري” يقدم تجربة فنية مميزة تستعرض جانبًا مهمًا من حياة باراك أوباما التي قادته إلى أن يصبح أحد أبرز القادة السياسيين في العالم. من خلال تسليط الضوء على فترات الصراع الداخلي والنضال من أجل فهم الهوية الشخصية، يقدم الفيلم رؤية فريدة تعزز من فهمنا لرحلة هذا الشخص الذي كان له تأثير هائل على التاريخ المعاصر.