الأم.. ذلك الكائن النادر الذي يحمل في طياته معنى الحياة ومصدر الحنان الأبدي، هي القلب الذي ينبض بلا توقف، واليد التي تمسك بنا في أعقد اللحظات، والوجه الذي يحمل أجمل تعبير عن الحب والرحمة. لا يمكن حصر كلمات الخاطرة لوصف عظمة الأم ودورها الذي لا يمكن تجاهله أو التقليل من قيمته، فهي ليست مجرد كلمة نرددها، بل هي حياة كاملة تتجسد في حضورها وحبها وتضحياتها.
الأم هي البداية التي تنطلق منها كل الأشياء الجميلة، فهي من تحتضن الطفل في بطنها، وتتحمل آلام الحمل والولادة، ثم تتفانى في تربيته وحمايته وتعليمه. في كل خطوة يخطوها الإنسان، تتواجد الأم كداعم وحامي ومُلهِم. لا تكتفي بالأدوار التقليدية، بل هي مدرسة الحياة الأولى، تعلمنا كيف نكون، كيف نحب، وكيف نواجه مصاعب الحياة بعزيمة وصبر.
خاطرة عن الأم تعبر عن هذا الارتباط الفريد الذي لا يشبه أي علاقة أخرى. حين نفكر في الأم، نتصور الحضن الدافئ الذي يحتوينا، والهمسات الهادئة التي تريح أرواحنا، والأيادي التي تمسح دموعنا عندما تنهمر، والأقدام التي لا تكلّ في السير خلف أحلامنا، لتساندنا بكل ما تملك من قوة وعطاء. هي الحنان المتجسد، والحكمة المتراكمة، والمصباح الذي لا ينطفئ في ظلام الدنيا.
الحب الذي تقدمه الأم لا ينتظر مقابلاً، هو حب صامت، نقي، يُشعّ دفئاً في كل زاوية من زوايا القلب. مهما تحدثنا أو كتبنا، تظل الكلمات عاجزة عن نقل حقيقة هذا الحب المجرد من الشروط، الحب الذي يدفعها للتضحية بنفسها من أجل سعادة أبنائها. الأم تمنح بلا حدود، وتنسى ذاتها في سبيل توفير أفضل حياة لمن تحب.
تتجاوز الأم دورها داخل البيت، فهي القوة الصامتة التي تبني المجتمعات، واليد التي تزرع القيم في الأجيال القادمة، وتبني أساس المستقبل. حين نرى الأم تعاني أو تكافح، ندرك مقدار الصبر والإرادة التي تمتلكها، فهي تتحمل الضغوط والألم بصمت، ولا تسمح لأنفسها بالانكسار أمام أبنائها، بل تظهر بمظهر القوية التي لا تعرف الانكسار.
تجربة الأمومة تمثل رحلة مليئة بالتحديات والمكافآت، فهي تتعامل مع مشاعر متضاربة بين الفرح والقلق، الحب والتعب، لكنها تظل راسخة في عزمها، تشق طريقها دون تردد نحو بناء مستقبل أبنائها. وفي كل لحظة من تلك الرحلة، تقدم دروساً في الإيثار والوفاء، والرحمة والتفاني.
في أعماق كل أم، يوجد عالم كامل من الأحلام التي لم تتحقق، وأماني لم تبوح بها، لكنها تحملها في صمت لتمنحها لأطفالها. ربما لا تجد الأم من يعبر عن امتنانها أو يقدر جهودها حق قدرها، لكنها تبقى مخلصة لدورها العظيم، تستمد قوتها من حبها الصامت وعزيمتها الصلبة.
الأم ليست مجرد علاقة عائلية، بل هي قصة حياة متكاملة، حب لا ينضب، ودفء لا يفنى، وملجأ لا يخون. مهما بلغنا من العلم أو تقدمنا في تقنيات الحياة، تبقى الأم هي الأصل، هي الجذر الذي منه نبتت أصولنا، وهي السند الذي لا يميل مهما ثقل الزمن.
كل نظرة من الأم تحمل ألف معنى، وكل كلمة منها تنبعث من أعماق القلب لتؤكد أن وجودنا في الحياة هو هديتها الأثمن. هي التي تتعب ولا تظهر التعب، تبكي في الخفاء حتى لا تثقل على قلوبنا، وتضحك لتزرع الأمل في دروبنا. هي التي تعرف أن لا شيء يوازي سعادة أبنائها، لذلك تبذل كل ما لديها لتجعلهم سعداء وآمنين.
لقد كانت وما تزال الأم مصدراً لا ينضب من الحب والعطاء، ومنبعاً للحياة بكل ما فيها من معانٍ. هذا العطاء الذي لا ينتظر شكرًا أو مقابلًا، هو سر بقائها متألقة في قلوبنا، وجسر التواصل الأبدي بين الأجيال.
وفي النهاية، إن كتابة خاطرة عن الأم ليست سوى محاولة متواضعة لتكريم هذا الكائن الإنساني العظيم، الذي يعجز الكلام عن وصفه، وتقصّر الكلمات في التعبير عنه. فالأم هي عنوان الحب بلا شروط، ووجه الخير الذي لا يغيب، وهي النبض الدافئ الذي يبقى في القلب مهما بعدت المسافات وتغيرت الظروف.
