حساسية السمسم: الأسباب، الأعراض، العلاج والوقاية
تُعتبر حساسية السمسم واحدة من بين أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعًا في العديد من أنحاء العالم، رغم أن نسبتها قد تختلف من منطقة إلى أخرى. يسبب السمسم، وهو من البذور الزيتية المشهورة في المطبخ العربي والعالمي، ردود فعل تحسسية لدى بعض الأفراد بسبب استجابة الجهاز المناعي لمركبات معينة توجد فيه. في هذا المقال، سنتناول كافة جوانب حساسية السمسم، بدءًا من الأسباب التي تؤدي إليها، مرورًا بالأعراض التي قد تظهر على الأشخاص المصابين، وصولًا إلى طرق التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى طرق الوقاية والتعامل مع هذه الحساسية.
ما هي حساسية السمسم؟
حساسية السمسم هي رد فعل غير طبيعي من جهاز المناعة تجاه البروتينات الموجودة في بذور السمسم. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من هذه الحساسية، يعتبر السمسم مادة مؤذية، مما يؤدي إلى تفعيل جهاز المناعة لمهاجمة تلك البروتينات، مما يتسبب في ظهور أعراض قد تتراوح من خفيفة إلى شديدة، وفي بعض الحالات، قد تؤدي إلى تهديد الحياة.
السمسم هو أحد النباتات التي تنتمي إلى عائلة البيدالية (Pedaliaceae) وتُزرع عادة في المناطق الاستوائية والحارة. تُعد بذور السمسم مصدرًا غنيًا بالزيوت النباتية، البروتينات، الألياف، والعديد من العناصر الغذائية الأخرى مثل الكالسيوم، الحديد، والمغنيسيوم. لذلك، يدخل السمسم في العديد من الأطعمة والمشروبات، مما يزيد من احتمالية تعرض الأشخاص المصابين بهذه الحساسية إلى تفاعل تحسسي.
أسباب حساسية السمسم
تحدث حساسية السمسم عندما يتعرف جهاز المناعة لدى الشخص المصاب على البروتينات الموجودة في بذور السمسم باعتبارها مواد غريبة تهدد الجسم، وبالتالي يطلق الجسم رد فعل تحسسي. يتم تحفيز هذا الرد التحسسي بسبب تعرض الجهاز المناعي لبروتينات معينة في السمسم، مثل السمسين (Ses i 1) و السمسين ب (Ses i 2)، وهما البروتينان الرئيسيان اللذان يسببان استجابة مناعية.
هذه البروتينات لا تضر الجسم بشكل مباشر، ولكن عند تعرض الأشخاص الذين لديهم حساسية للسمسم لها، فإن جهاز المناعة يبالغ في رد فعله، مما يؤدي إلى تفاعلات تحسسية تشمل إفراز الهيستامين والمواد الكيميائية الأخرى.
يُعتقد أن الوراثة تلعب دورًا في الإصابة بحساسية السمسم، فالأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع حساسية الطعام أو الحساسية بشكل عام أكثر عرضة للإصابة بها. كما أن العوامل البيئية مثل التعرض المفرط للسمسم في الطفولة قد تزيد من احتمالية الإصابة، خصوصًا في المناطق التي يكون فيها السمسم جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي.
أعراض حساسية السمسم
تتفاوت أعراض حساسية السمسم من شخص لآخر، وقد تتراوح بين أعراض بسيطة إلى ردود فعل شديدة قد تهدد الحياة في بعض الأحيان. تتضمن الأعراض الشائعة لحساسية السمسم ما يلي:
1. الأعراض الجلدية:
-
الطفح الجلدي: قد يظهر على الشخص المصاب حساسية في صورة طفح جلدي أحمر وحاك في مناطق مختلفة من الجسم.
-
الشرى (أرتيكاريا): وهو احمرار وتورم يظهر بشكل مفاجئ على الجلد، ويصاحبه شعور بالحكة.
-
الإكزيما: قد تزداد حالات الإكزيما عند الأشخاص المصابين بحساسية السمسم.
2. الأعراض التنفسية:
-
ضيق التنفس: قد يشعر الشخص بضيق في التنفس نتيجة لتورم في مجرى التنفس.
-
الصفير عند التنفس: وهو صوت عالٍ يصدر عند الزفير بسبب تضييق الشعب الهوائية.
-
السعال: قد يحدث سعال مفاجئ نتيجة التحسس.
3. الأعراض المعوية:
-
الغثيان والقيء: تعتبر من الأعراض الأكثر شيوعًا بين المصابين بحساسية السمسم.
-
الإسهال: قد يعاني الشخص المصاب من إسهال شديد بعد تناول السمسم.
4. الأعراض التنموية العامة:
-
تورم الشفاه واللسان: قد يؤدي التفاعل التحسسي إلى تورم في الأجزاء الداخلية من الفم.
-
الشعور بالدوار أو الإغماء: نتيجة لتسارع ضربات القلب أو انخفاض ضغط الدم.
-
الصداع: قد يصاحب حساسية السمسم صداع نصفي أو عام.
5. الصدمة التأقية (Anaphylaxis):
وهي أخطر أنواع ردود الفعل التحسسية، وتحدث عندما تكون استجابة الجهاز المناعي شديدة للغاية. تتسبب الصدمة التأقية في انخفاض مفاجئ في ضغط الدم، ضيق مجرى التنفس، فقدان الوعي، والصداع الحاد. إذا لم يتم علاجها بشكل فوري، فإنها قد تكون مهددة للحياة.
كيفية تشخيص حساسية السمسم
يتم تشخيص حساسية السمسم من خلال سلسلة من الفحوصات التي تشمل:
1. التاريخ الطبي للمريض:
يجب على الطبيب أن يتعرف على التاريخ الطبي للمريض، بما في ذلك أي تاريخ عائلي للحساسية أو أي حالات سابقة من الحساسية تجاه الأطعمة.
2. اختبار الجلد (Skin Prick Test):
يتم من خلاله وضع قطرة صغيرة من مستخلص السمسم على الجلد، ثم يتم وخز الجلد بإبرة رفيعة. إذا كان الشخص يعاني من الحساسية، فإن مكان الوخز سيظهر تورمًا أو احمرارًا.
3. اختبارات الدم:
يمكن قياس مستويات الأجسام المضادة IgE التي تفرزها الخلايا المناعية عندما يتعرض الشخص للمادة المسببة للحساسية.
4. اختبار التحدي الغذائي (Oral Food Challenge):
يتم تحت إشراف طبي حيث يتم إعطاء المريض كميات صغيرة من السمسم تدريجيًا لمعرفة ما إذا كان يسبب رد فعل تحسسي.
علاج حساسية السمسم
حاليًا، لا يوجد علاج نهائي لحساسية السمسم. لكن يمكن إدارة الأعراض من خلال عدة طرق:
1. تجنب السمسم:
-
يعتبر تجنب السمسم والمأكولات التي تحتوي عليه هو العلاج الأساسي والفعال. يجب على الأشخاص المصابين بحساسية السمسم أن يتجنبوا تناول أي طعام يحتوي على السمسم أو مكوناته.
2. الأدوية المضادة للهستامين:
-
تُستخدم أدوية مضادة للهستامين مثل الديفنهايدرامين و اللوراتادين لتخفيف الأعراض مثل الحكة والطفح الجلدي.
3. أدوية الإبينفرين (الأدرينالين):
-
في حالة حدوث رد فعل تحسسي شديد، يتم حقن الأدرينالين (الإبينفرين) لعلاج الصدمة التأقية. يجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ من ردود الفعل التحسسية الشديدة أن يحملوا معهم قلم الإبينفرين.
4. الأدوية الستيرويدية:
-
قد تُستخدم في بعض الحالات لتخفيف الالتهاب الشديد في حال كانت الأعراض شديدة.
الوقاية من حساسية السمسم
لا يمكن الوقاية من الحساسية بشكل كامل، لكن هناك بعض الخطوات التي يمكن اتباعها لتقليل خطر التفاعل التحسسي:
-
قراءة المكونات بعناية: على المصابين بحساسية السمسم أن يتأكدوا من قراءة المكونات الغذائية بعناية لضمان عدم وجود السمسم أو أي منتجات تحتوي عليه.
-
الطعام في المطاعم: يجب توخي الحذر عند تناول الطعام في المطاعم، حيث يمكن أن يحتوي الطعام على سمسم أو يتلوث به أثناء التحضير.
-
التعليم والوعي: من المهم أن يكون الشخص المصاب بحساسية السمسم على دراية تامة بحالته وأعراض الحساسية، وكذلك تعليمه للأصدقاء والعائلة حول كيفية التعامل مع التفاعلات التحسسية.
-
حمل قلم الإبينفرين: على الأشخاص الذين يعانون من حساسية شديدة أن يحملوا قلم الإبينفرين مع كل وجبة خارجية أو سفر.
خاتمة
حساسية السمسم هي حالة صحية متزايدة الوعي في العديد من المجتمعات، وتسبب ردود فعل تحسسية تتراوح بين الأعراض البسيطة إلى الحالات المهددة للحياة. من خلال الوعي، التشخيص المبكر، وتجنب المسببات، يمكن التحكم في هذه الحساسية بشكل فعال، مما يساهم في تحسين حياة المصابين بها. في حالة ظهور الأعراض الشديدة، يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة لتفادي الأضرار المحتملة.
