فوائد عرق السوس للشعر: بين الاستخدامات التقليدية والدعم العلمي

يُعد عرق السوس (Glycyrrhiza glabra) من الأعشاب الطبية ذات الجذور العميقة في ممارسات الطب التقليدي في مختلف الثقافات، مثل الهندية، الصينية، والعربية. تُستخدم جذوره منذ آلاف السنين لعلاج مجموعة واسعة من الحالات الصحية، بفضل مركباته الحيوية الفعالة. ولكن، في السنوات الأخيرة، بدأ الاهتمام العلمي والطبي يتوجه نحو دراسة إمكانيات استخدام عرق السوس في مجال العناية بالشعر، لما له من خصائص مهدئة، مضادة للالتهاب، مضادة للبكتيريا، ومنشطة لفروة الرأس. تتنوع فوائد عرق السوس للشعر، وتشمل الوقاية من تساقطه، تحفيز نموه، مكافحة القشرة، تهدئة التهيجات، والمساعدة في علاج بعض أنواع الصلع.

التركيب الكيميائي لعرق السوس وأهميته للشعر

يكمن سر فعالية عرق السوس في تركيبته الكيميائية الفريدة، التي تضم مجموعة من المركبات النشطة بيولوجياً، مثل:

• الغليسيريزين (Glycyrrhizin): وهو مركب ذو خصائص مضادة للالتهاب ومهدئة، يمكنه تقليل التهيج الجلدي وتهيئة فروة الرأس لنمو صحي للشعر.

• الفلافونويدات (Flavonoids): تمتاز هذه المركبات بخصائصها المضادة للأكسدة، وتعمل على حماية بصيلات الشعر من الضرر الناتج عن الجذور الحرة.

• السابونينات (Saponins): تُساهم في تنظيف فروة الرأس بلطف، دون تجفيفها، مما يجعلها مثالية للاستخدام في منتجات العناية بالشعر.

• الفيتوستيرولات (Phytosterols): تساعد على ترطيب فروة الرأس وتنظيم إفراز الدهون.

فوائد عرق السوس للشعر

1. تعزيز نمو الشعر

أحد أبرز فوائد عرق السوس تكمن في قدرته على تنشيط الدورة الدموية في فروة الرأس، الأمر الذي يعزز وصول الأكسجين والعناصر الغذائية إلى بصيلات الشعر. تحتوي جذور عرق السوس على مركبات تعزز من تدفق الدم وتدعم نمو الشعر بطريقة صحية. كما أن خصائصه المضادة للالتهاب تساعد على تهدئة فروة الرأس وتهيئ بيئة مثالية لنمو شعر جديد.

2. الحد من تساقط الشعر

التساقط المزمن للشعر قد يكون ناتجاً عن أسباب متعددة مثل الالتهاب، الإجهاد التأكسدي، أو ضعف التغذية. وهنا يأتي دور عرق السوس، الذي يعمل كمضاد التهاب طبيعي، مما يخفف من التحسس والتهيجات التي يمكن أن تؤدي إلى ضعف البصيلات وتساقط الشعر. كما تشير بعض الدراسات الأولية إلى أن بعض المركبات الموجودة في عرق السوس قد تؤثر بشكل إيجابي على مستقبلات الأندروجين، ما قد يكون له دور في الحد من تساقط الشعر المرتبط بالهرمونات.

3. علاج قشرة الرأس

القشرة غالباً ما تنجم عن نمو غير طبيعي للفطريات أو خلل في إفراز الدهون بفروة الرأس، وقد تُصاحبها حكة مزعجة واحمرار. نظراً لاحتوائه على مركبات مضادة للبكتيريا والفطريات، يمكن لعرق السوس أن يساهم في تنظيف فروة الرأس وتهدئة الالتهابات المصاحبة، وبالتالي التقليل من القشرة.

4. تهدئة فروة الرأس الجافة والحساسة

بفضل تأثيره المهدئ، يُستخدم عرق السوس منذ قرون لعلاج الإكزيما، الصدفية، والجفاف الجلدي. تنعكس هذه الخصائص أيضاً على فروة الرأس، حيث يساعد استخدامه المنتظم على ترطيب الجلد وتهدئة الحكة الناتجة عن الجفاف أو الالتهاب.

5. الوقاية من الصلع الوراثي أو البقعي

رغم أن الدراسات لا تزال في مراحلها الأولية، إلا أن بعض التجارب المخبرية أظهرت قدرة بعض مستخلصات عرق السوس على تحفيز نمو الشعر في المناطق المصابة بالصلع البقعي، وهو نوع من تساقط الشعر الناتج عن اضطرابات مناعية. يُعتقد أن هذا التأثير يعود إلى خواصه المثبطة للمناعة جزئياً، بالإضافة إلى قدرته على تعزيز الدورة الدموية.

6. تقوية بصيلات الشعر وتحسين سماكة الشعرة

يحتوي عرق السوس على عناصر مغذية تعمل على تغذية جذور الشعر وتعزيز صحتها، ما يؤدي إلى شعرة أكثر قوة ولمعاناً. كما أن تأثيره الترطيبي يمنع تكسر الشعر ويقلل من تقصفه.

7. تحسين صحة الشعر المصبوغ أو المعالج كيميائياً

يُعاني الكثير ممن يستخدمون صبغات الشعر أو المعالجات الكيميائية من تلف في فروة الرأس أو هشاشة في الشعرة نفسها. يمتاز عرق السوس بكونه من المكونات الطبيعية التي يمكن أن تساهم في ترميم الشعر التالف من خلال خصائصه المغذية والمجددة.

طرق استخدام عرق السوس للعناية بالشعر

زيت عرق السوس

يُصنع عبر نقع مسحوق جذور عرق السوس في زيت ناقل مثل زيت جوز الهند أو زيت الزيتون لمدة أسبوع، ثم يُصفى ويُستخدم كزيت للشعر. يُفضل تدليكه على فروة الرأس وتركه لعدة ساعات قبل غسله.

ماسك الشعر من عرق السوس

يمكن خلط مسحوق عرق السوس مع الزبادي أو جل الصبار، وتطبيقه على فروة الرأس لمدة 30-60 دقيقة، مرة إلى مرتين أسبوعياً.

ماء شاي عرق السوس

يمكن غلي جذور عرق السوس في الماء، وتبريد السائل لاستخدامه كغسول نهائي بعد غسل الشعر بالشامبو. هذا الغسول يُساعد في تنظيف فروة الرأس وتهدئتها.

منتجات تحتوي على عرق السوس

بدأت العديد من شركات العناية بالشعر في إضافة مستخلصات عرق السوس إلى الشامبوهات والبلسم، خاصة تلك التي تستهدف فروة الرأس الحساسة أو الشعر التالف.

الاحتياطات والتحذيرات

رغم الفوائد المتعددة لعرق السوس، إلا أن هناك بعض المحاذير التي ينبغي التنبه لها:

• فرط الاستخدام الموضعي قد يؤدي إلى تحسس الجلد، لذلك يُفضل اختباره على جزء صغير من الجلد قبل استخدامه.

• تناول مكملات عرق السوس أو مستخلصاته عن طريق الفم بجرعات عالية قد يؤدي إلى آثار جانبية مثل ارتفاع ضغط الدم أو انخفاض البوتاسيوم، لذا يجب استشارة الطبيب في حال استخدامه داخلياً.

• يُفضل تجنبه عند الحوامل والمرضعات، خاصة بشكل داخلي.

• عند شراء منتجات تحتوي على عرق السوس، يجب التأكد من جودة المصدر وخلو المنتج من الشوائب أو المواد الكيميائية الضارة.

جدول يوضح الفوائد الرئيسية لعرق السوس للشعر وطرق الاستخدام المقترحة:

التوصيات والدراسات العلمية

في دراسة نُشرت في Journal of Dermatological Treatment، تم فحص تأثير مستخلص عرق السوس على مرضى يعانون من تساقط الشعر الناتج عن الالتهابات الجلدية. أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في كثافة الشعر خلال فترة استخدام موضعي منتظم لمستخلص عرق السوس بنسبة 5%.

كما أشارت دراسة أُجريت عام 2020 في Phytotherapy Research إلى أن مستخلص عرق السوس يحتوي على مركبات يمكنها التأثير في مستقبلات الأندروجين في فروة الرأس، ما قد يجعله مفيداً في حالات الصلع الوراثي (Androgenic Alopecia).

الخلاصة العلمية

عرق السوس ليس مجرد مكون عشبي تقليدي، بل يمتلك خصائص علاجية وتجميلية متعددة تجعله خياراً واعداً في مجال العناية بالشعر. يساعد في تحقيق فروة رأس صحية، يقوي البصيلات، ويخفف من المشاكل المزمنة مثل القشرة والتساقط. ومع أنه يُستخدم منذ قرون، إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة بدأت تثبت فعاليته من منظور طبي أكثر دقة. ينبغي عند استخدامه التوازن بين الفعالية والسلامة، واعتماد طرق استخدام طبيعية مدروسة للحصول على أقصى الفوائد.

المراجع

1. [Phytotherapy Research Journal, 2020]

2. [Journal of Dermatological Treatment, 2019]