فوائد سكر النبات للرضع

فوائد سكر النبات للرضع

يُعد سكر النبات أحد أنواع السكريات الطبيعية المشتقة من قصب السكر أو البنجر، ويتميّز بتركيبته البلورية الكبيرة وطعمه الحلو الخفيف. ويشتهر استخدامه منذ القدم في الطب الشعبي لعلاج العديد من الحالات المرتبطة بالجهاز التنفسي والهضمي، كما يُستخدم كمحلٍ بديل في تحضير بعض المشروبات والمأكولات التقليدية. ومع شيوع الحديث عن فوائده في بعض المجتمعات العربية، بات العديد من الأهل يستخدمونه كعلاج طبيعي للرضع بهدف تهدئتهم أو علاج بعض الأعراض الشائعة في مراحل الطفولة الأولى. لكن هل لسكر النبات فوائد مثبتة علمياً للرضع؟ وما مدى أمان استخدامه في هذه المرحلة الحرجة من النمو؟

يهدف هذا المقال إلى تقديم عرض موسّع وشامل حول فوائد سكر النبات للرضع، مستندًا إلى مصادر طبية وعلمية موثوقة، مع بيان الاحتياطات التي ينبغي اتخاذها قبل إدخاله في النظام الغذائي للأطفال الرضّع.

أولاً: التركيب الغذائي لسكر النبات

سكر النبات يتكوّن بشكل رئيسي من السكروز النقي، وهو نفس المكوّن الكيميائي لسكر المائدة الأبيض، لكن يتم بلورته ببطء ما يمنحه شكلاً مميزًا وملمسًا هشًا. يحتوي سكر النبات على:

• سكريات كربوهيدراتية بسيطة (سكروز)

• طاقة حرارية عالية نسبيًا

• آثار ضئيلة جدًا من المعادن إن وُجدت

• خلو تام من الفيتامينات، الألياف، أو البروتينات

وبناءً على ذلك، فإن القيمة الغذائية لسكر النبات تكاد تقتصر على توفير الطاقة السريعة فقط، دون أي دعم غذائي حقيقي للنمو أو المناعة.

ثانيًا: الاستخدامات الشعبية لسكر النبات للرضع

في بعض الثقافات العربية والآسيوية، شاع استخدام سكر النبات للرضع بطرق متعددة، ومن أبرز استخداماته الشائعة:

• تهدئة الطفل وبكائه المفرط

• تخفيف الغازات وآلام المغص

• علاج السعال والتهابات الحلق

• تسهيل التبرز وتليين المعدة

• تحفيز النوم والراحة

ويُقدَّم غالبًا على شكل محلول مذاب في الماء، أو يُضاف إلى الحليب الطبيعي أو الصناعي، أو يُستخدم كمادة مُحلِّية في بعض المشروبات التي تُعطى للطفل، مثل اليانسون أو الكراوية.

لكن رغم هذه الاستخدامات المتوارثة شعبيًا، يجب التريث قبل تعميم فوائد هذا المنتج على الرضّع، خصوصًا في ظل غياب الدراسات العلمية الصارمة التي تؤكد سلامة وأمان هذا النوع من السكر في أول سنة من عمر الطفل.

ثالثًا: فوائد سكر النبات المحتملة للرضع وفق الطب الشعبي

1. تهدئة الجهاز الهضمي

يُعتقد أن سكر النبات يساعد على تخفيف التقلصات المعوية لدى الرضع، وذلك عندما يُذاب في كمية صغيرة من الماء الدافئ ويُقدّم للطفل. ويفسّر بعض الطب الشعبي هذا التأثير بكون السكريات تساهم في تخفيف التهيج في الجهاز الهضمي، مما يقلل من الغازات والمغص.

2. تخفيف السعال وتحسين الصوت

يُستخدم سكر النبات تقليديًا كمهدئ للسعال، ويُقال إنه “يطري” الحلق ويقلل من خشونته، وخصوصًا عندما يُذاب مع الزنجبيل أو الحليب. ويُستند إلى استخدامه كمكمل طبيعي للتخفيف من أعراض نزلات البرد الخفيفة.

3. تحسين النوم

من الاستخدامات المتكررة لسكر النبات عند الرضع هو تهدئة الطفل ومساعدته على النوم. ويُعتقد أن تأثيره السكري قد يُشعر الطفل بالرضا المؤقت، ما يُسهم في تحسين جودة النوم لفترة قصيرة.

4. تنشيط حركة الأمعاء

يرى البعض أن إضافة كمية صغيرة من سكر النبات إلى ماء الطفل قد تساعد في تنشيط حركة الأمعاء وتليين البراز، خصوصًا عند الرضع الذين يعانون من الإمساك أو قلة عدد مرات التبرز.

رابعًا: مخاطر استخدام سكر النبات للرضع

رغم الاستخدام الشعبي الواسع، إلا أن معظم الأطباء وخبراء التغذية يحذّرون من تقديم سكر النبات – أو أي نوع من السكريات المضافة – للأطفال الرضّع، خاصة في العام الأول من العمر، وذلك للأسباب التالية:

1. زيادة خطر التسوس المبكر للأسنان

حتى قبل بزوغ الأسنان، قد تُسبب السكريات تلفًا في اللثة وتخلق بيئة ملائمة لنمو البكتيريا، ما يؤدي لاحقًا إلى التسوس المبكر للأسنان اللبنية.

2. اضطراب في التوازن الغذائي

تقديم السكر للرضيع يقلل من رغبته في تناول الحليب الطبيعي أو الصناعي، وبالتالي يضعف حصوله على المغذيات الأساسية كالكالسيوم، الحديد، البروتينات، والدهون الصحية.

3. زيادة احتمالية السمنة المبكرة

إدخال السكر في غذاء الطفل قبل عامه الأول قد يرتبط بزيادة مخاطر السمنة في مرحلة الطفولة، وقد يتسبب في تفضيل الطفل للطعام الحلو لاحقًا، وهو ما يُعرف ببرمجة التذوق الغذائي المبكر.

4. الحساسية أو التهيج المعوي

رغم ندرة هذه الحالة، إلا أن بعض الأطفال قد يُظهرون تحسسًا من منتجات معينة أو يصابون بتهيج معوي عند إدخال مواد غير مألوفة في نظامهم الغذائي، بما في ذلك سكر النبات.

خامسًا: رأي المنظمات الطبية في إعطاء السكر للرضع

توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) بعدم تقديم أي نوع من السكريات المضافة للأطفال دون عمر السنة. وتشمل هذه التوصيات كل من:

• الامتناع عن المحليات الصناعية والطبيعية

• عدم إضافة السكر إلى الحليب أو الماء

• عدم استخدام الأعشاب المحلاة بالسكر كمشروبات يومية

وتركّز هذه الجهات على اعتماد الحليب (الطبيعي أو الصناعي) كمصدر رئيسي للغذاء حتى عمر 6 أشهر، ومن ثم البدء بالأطعمة التكميلية تدريجيًا بعد استشارة الطبيب، دون إدخال السكريات.

سادسًا: جدول توضيحي للفروق بين سكر النبات وسكر المائدة في الاستخدام عند الرضع

سابعًا: متى يمكن إعطاء الطفل سكر النبات؟

رغم أن سكر النبات قد يكون أقل ضررًا من بعض المحليات الصناعية أو الأطعمة المصنعة، إلا أن المنظمات الصحية العالمية تتفق على ضرورة تأخير تقديم السكريات للأطفال حتى بعد عمر السنتين، وعدم تضمينها في النظام الغذائي للرضيع خلال عامه الأول.

بعد بلوغ الطفل سن الثانية، يمكن – بشكل محدود ومدروس – استخدام كميات ضئيلة من سكر النبات في بعض المأكولات، مع الحفاظ على توازن النظام الغذائي وتجنب الإفراط في تقديم السكريات.

ثامنًا: بدائل طبيعية لتهدئة الرضع بدلًا من سكر النبات

إذا كان الهدف من استخدام سكر النبات هو تهدئة الرضيع أو علاج أعراض شائعة مثل المغص أو السعال، فمن الأفضل اتباع بدائل طبيعية وآمنة ومدعومة علميًا، مثل:

• حمل الطفل وتهدئته عبر التواصل الجسدي واللف بلُطف

• تدليك البطن بزيت طبيعي دافئ مثل زيت الزيتون

• استخدام مشروبات الأعشاب المناسبة للرضع فقط بعد عمر 6 أشهر وبعد استشارة الطبيب (مثل شاي الشمر أو الكراوية)

• توفير بيئة نوم هادئة ومظلمة

• استخدام حمام دافئ لتهدئة الطفل قبل النوم

• مراجعة أسباب المغص أو البكاء مع الطبيب المختص وعدم الاعتماد على العلاجات الشعبية فقط

تاسعًا: خلاصة علمية

سكر النبات هو مادة سكّرية طبيعية لا تحتوي على مغذيات حيوية لنمو الرضع، وقد يكون استخدامه في الأعوام الأولى من حياة الطفل مضراً أكثر من كونه نافعاً، خصوصًا إذا تم تقديمه قبل عمر السنة. لا توجد أدلة علمية كافية تؤكد فائدته للرضع، في حين أن هناك إجماع طبي عالمي على ضرورة تجنّب تقديم السكريات المضافة للأطفال الرضّع.

النهج الأفضل هو الالتزام بالتغذية الطبيعية السليمة، وتفادي استخدام المواد المحلاة مهما كانت طبيعية أو شائعة الاستخدام في الأعراف الشعبية، حتى يكتمل نمو الجهاز الهضمي والمناعي للطفل بشكل صحي وآمن.

المراجع:

1. American Academy of Pediatrics. (HealthyChildren.org)

2. World Health Organization. (Guidelines on Sugar Intake in Infants and Children)