8 نصائح لتخفيف آلام التسنين عند الأطفال

تُعدّ مرحلة التسنين من أكثر المراحل تطورًا وتعقيدًا في حياة الطفل الصغير، فهي تجربة فسيولوجية طبيعية يمر بها كل رضيع في بداية نموه، لكنها في الوقت نفسه تُعدّ من أصعب الفترات التي يمكن أن تمر على الطفل وعلى والديه. تبدأ الأسنان اللبنية بالظهور عادةً ما بين عمر 4 إلى 7 أشهر، غير أن بعض الأطفال قد يبدأ لديهم التسنين مبكرًا أو متأخرًا عن ذلك. وتُصاحب هذه العملية مجموعة من الأعراض المزعجة والمؤلمة، كالبكاء المستمر، والتهيّج، وتورم اللثة، وفقدان الشهية، واضطرابات النوم، وحتى أحيانًا ارتفاع طفيف في درجة الحرارة.

إن فهم طبيعة هذه المرحلة والتعامل معها بوعي يُعدّ عنصرًا أساسيًا في التخفيف من حدة الأعراض المصاحبة للتسنين. وعلى الرغم من أن الألم المصاحب للتسنين لا يمكن منعه تمامًا، فإن هناك مجموعة من النصائح الفعالة التي يمكن للآباء اتباعها من أجل تهدئة الطفل وتخفيف الألم والانزعاج المرتبط بهذه الفترة الحساسة. وسنستعرض في هذا المقال الموسع ثماني نصائح عملية مدعومة بخبرة طبية وتوصيات أطباء الأطفال المتخصصين، تساعد على تسهيل مرحلة التسنين وتحسين جودة حياة الطفل وأسرته خلال هذه الفترة.

أولًا: تدليك اللثة بأطراف الأصابع النظيفة

يُعتبر تدليك لثة الطفل من أكثر الوسائل الفعالة التي ينصح بها الأطباء لتخفيف آلام التسنين. يتم ذلك عن طريق غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون ثم استخدام إصبع نظيف للضغط بلطف على لثة الطفل في المكان الذي يبدو منتفخًا أو مؤلمًا. إن هذا الضغط الخفيف يساعد على تهدئة الأعصاب الحسية الموجودة في اللثة، ويُخفّف من الشعور بالوخز والألم.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام قطعة شاش نظيفة وباردة لتدليك اللثة، حيث أن برودة القماش تضيف تأثيرًا مهدئًا يُساعد في تخفيف التهيج. ومن المهم أن يتم التدليك بحركات دائرية لطيفة دون التسبب في أي ضغط مفرط قد يؤدي إلى تفاقم الالتهاب أو التورم.

ثانيًا: تقديم حلقات التسنين الباردة

تُعدّ حلقات التسنين (Teething Rings) من الأدوات الشائعة التي تُستخدم لتخفيف الألم لدى الأطفال في هذه المرحلة. تعمل هذه الحلقات على إعطاء الطفل فرصة للعض بطريقة آمنة، مما يخفف من الضغط داخل اللثة. ويفضّل وضعها في الثلاجة لفترة قصيرة قبل إعطائها للطفل، حيث أن البرودة تساعد على تقليل الالتهاب وتهدئة الأعصاب.

يُحذّر من وضع الحلقات في الفريزر مباشرة، لأن درجة الحرارة المنخفضة جدًا قد تؤدي إلى تجمّد المادة داخل الحلقة وتُسبب إصابات في فم الطفل. كما يُنصح باختيار الحلقات المصنوعة من السيليكون الطبي الخالي من مادة “البيسفينول أ” (BPA-free) للحفاظ على سلامة الطفل.

ثالثًا: استخدام الأطعمة الباردة المهروسة

يمكن أن يكون تقديم الأطعمة الباردة والمهروسة وسيلة فعالة أخرى للتخفيف من آلام التسنين. وتعتبر الفواكه مثل الموز المهروس، والتفاح المبشور والمبرد، والزبادي الطبيعي الخالي من السكر من الخيارات الجيدة التي يُمكن تقديمها للطفل، بحسب عمره واستعداده لتناول الطعام الصلب.

تُساهم البرودة في تخفيف حدة الالتهاب، بينما يساعد المضغ الخفيف على تسكين الألم. ويُفضّل دائمًا تقديم هذه الأطعمة بكميات صغيرة ومراقبة الطفل أثناء تناولها لتجنب الاختناق، كما يجب تجنب الأطعمة السكرية أو المحتوية على مواد حافظة قد تزيد من حساسية اللثة أو تسبب تسوس الأسنان اللبنية في مراحل لاحقة.

رابعًا: الاهتمام بالنظافة الفموية

خلال مرحلة التسنين، تكون لثة الطفل معرضة للالتهابات البكتيرية نتيجة زيادة الإفرازات اللعابية وتكرار وضع الأشياء في الفم. لذا من الضروري جدًا الحرص على نظافة فم الطفل حتى قبل بروز الأسنان. يمكن تنظيف لثة الرضيع باستخدام قطعة شاش معقمة ومبللة بالماء المغلي الفاتر، وتُمرر برفق على اللثة مرتين يوميًا.

أما بعد ظهور أول سن، فيجب استخدام فرشاة أسنان صغيرة ناعمة مصممة خصيصًا للأطفال دون استخدام معجون في الأشهر الأولى. هذا الإجراء لا يساهم فقط في الحفاظ على صحة الفم بل يقلل من الألم الناتج عن التهيج الجرثومي ويساعد على التئام الأنسجة الملتهبة بسرعة أكبر.

خامسًا: توفير بيئة هادئة ومطمئنة

إن الألم الجسدي المرتبط بالتسنين لا ينفصل عن الجانب النفسي للطفل. فالرضيع، رغم عدم قدرته على التعبير بالكلمات، يشعر بالطمأنينة أو الانزعاج وفقًا للبيئة المحيطة به. ومن هنا تبرز أهمية توفير جو هادئ ومريح للطفل خلال فترات الألم.

يُساعد الحضن الدافئ والغناء بصوت ناعم واستخدام الأضواء الخافتة على تخفيف التوتر النفسي للطفل، مما ينعكس إيجابًا على تقبله للألم. كما أن تقليل المحفزات الخارجية مثل الأصوات العالية أو التغيرات المفاجئة في الروتين اليومي يُقلل من حالات التهيج والانفعال التي قد تفاقم شعور الطفل بعدم الارتياح.

سادسًا: استخدام مسكنات موضعية أو فموية (تحت إشراف طبي)

في الحالات التي لا تستجيب فيها الطرق الطبيعية لتخفيف الألم، يمكن استشارة طبيب الأطفال لاستخدام بعض أنواع الجل أو الكريمات الموضعية الخاصة بالتسنين. تحتوي هذه المنتجات غالبًا على مواد مخدّرة خفيفة مثل “الليدوكائين” أو “البنزوكائين”، وتُستخدم لتخدير موضعي مؤقت للثة.

كما قد يُوصي الطبيب باستخدام جرعة مناسبة من خافضات الحرارة أو مسكنات الألم مثل الباراسيتامول للأطفال، خاصة إذا كان الطفل يعاني من ارتفاع بسيط في درجة الحرارة أو اضطرابات شديدة في النوم. ويُمنع استخدام أي دواء دون استشارة الطبيب لتفادي الآثار الجانبية أو الجرعات غير المناسبة لسن الطفل ووزنه.

سابعًا: تقليل الاعتماد على اللهاية في فترات الألم الشديد

اللهاية أو المصّاصة تُعد وسيلة شائعة لتهدئة الأطفال، لكنها قد لا تكون الخيار الأفضل خلال فترات التسنين الشديدة. ففي بعض الأحيان، تؤدي اللهاية إلى زيادة الاحتكاك مع اللثة الملتهبة، مما يزيد من التهيج بدلاً من التخفيف. كما أن استخدامها المستمر قد يعيق نمو الأسنان بشكل طبيعي، خصوصًا عند استخدامها بشكل مفرط بعد بلوغ الطفل عمر السنة.

إذا كان الطفل متعلقًا جدًا باللهاية، يُفضل تقليل وقت استخدامها خلال ساعات النهار، وتعويضها بحلقات التسنين أو الألعاب الآمنة المخصصة للمضغ. كما يمكن تنظيف وتبريد اللهاية قليلاً قبل إعطائها للطفل لتوفير تأثير مهدئ.

ثامنًا: التحلي بالصبر وفهم طبيعة المرحلة

يُعدّ الصبر والوعي من أهم ما يحتاجه الوالدان خلال مرحلة التسنين. فالطفل لا يستطيع تفسير الألم الذي يشعر به، ولا يمتلك وسيلة للتعبير سوى البكاء والانفعال. ومن المهم جدًا أن يدرك الوالدان أن هذا السلوك ليس ناتجًا عن دلال مفرط أو عناد، بل هو استجابة فطرية لشعور حقيقي بعدم الارتياح.

الاحتواء العاطفي، والاهتمام، والمراقبة الدقيقة للأعراض، وعدم الانسياق خلف القلق الزائد، كلها عوامل تساعد على عبور هذه المرحلة بأقل قدر من المعاناة. ومن المفيد أيضًا توثيق مواعيد ظهور الأسنان ومتابعة التطور مع طبيب الأطفال لتقييم أي تغيرات قد تكون غير طبيعية.

جدول توضيحي: الأعراض الشائعة للتسنين مقابل التدخل المناسب

المصادر والمراجع

1. American Academy of Pediatrics. “Teething: 5 Things Parents Should Know.” HealthyChildren.org

2. Mayo Clinic Staff. “Teething: Symptoms and Remedies.” Mayo Clinic, https://www.mayoclinic.org

تهدف هذه النصائح إلى تسهيل عملية التسنين من خلال اعتماد أساليب علمية، مجرّبة وآمنة، تُخفف من ألم الطفل وتمنح الأهل الراحة النفسية خلال هذه المرحلة الدقيقة من نمو الرضيع.