فوائد النشا للأطفال وتأثيره على صحتهم ونموهم

يُعد النشا من أهم المصادر الغذائية التي تدخل في تكوين العديد من الأطعمة اليومية، وهو نوع من الكربوهيدرات المعقدة التي تلعب دورًا محوريًا في تغذية الإنسان، وخاصة الأطفال في مراحل نموهم المختلفة. يمتاز النشا بكونه أحد المصادر الرئيسية للطاقة، كما أنه يسهم في دعم وظائف الجسم الحيوية. في هذا المقال المفصل، سنتناول فوائد النشا للأطفال من جوانب مختلفة تشمل التغذية، النمو، الجهاز الهضمي، والجوانب الصحية المرتبطة به، مع التركيز على أهميته ودوره الفعلي في بناء جسم الطفل وتقوية مناعته.

ماهية النشا وأهميته الغذائية للأطفال

النشا هو كربوهيدرات معقدة تتكون من جزيئات جلوكوز مترابطة بشكل كبير، ويتواجد بشكل طبيعي في العديد من النباتات مثل البطاطا، الأرز، الذرة، والقمح. عند تناول النشا، يتحول في الجهاز الهضمي إلى جلوكوز، الذي يعد المصدر الأساسي للطاقة التي يحتاجها جسم الطفل للقيام بجميع نشاطاته الحيوية.

النشا مهم جدًا في تغذية الأطفال لأنه يوفر طاقة مستدامة تفيدهم خصوصًا في مراحل النمو التي تتطلب نشاطًا بدنيًا وعقليًا متزايدًا. كما يساعد النشا على الشعور بالشبع لفترات أطول، مما يساعد في تنظيم الشهية وتوفير الغذاء المناسب للطفل دون الإسراف في الأطعمة ذات السعرات الحرارية الفارغة.

فوائد النشا للأطفال في النمو والتطور

النمو السليم للطفل يعتمد بشكل كبير على توافر الطاقة والمواد الغذائية الضرورية، والنشا يسهم بشكل مباشر في هذا الجانب. بالنظر إلى أن الأطفال في سن النمو يحتاجون إلى كميات كبيرة من الطاقة لتطوير العظام والعضلات والدماغ، فإن النشا يعمل كوقود رئيسي لهذه العمليات.

كما أن النشا، عندما يتم هضمه ببطء (كما هو الحال في النشويات المعقدة الموجودة في الحبوب الكاملة والخضروات النشوية)، يمد الجسم بالطاقة لفترات طويلة دون أن يسبب ارتفاعًا مفاجئًا في سكر الدم، مما يحافظ على استقرار مستوى الجلوكوز في الدم ويجنب الطفل مشاكل مثل التعب أو انخفاض التركيز.

النشا والجهاز الهضمي للأطفال

من الجوانب المهمة التي لا يغفل عنها النشا دوره في تحسين صحة الجهاز الهضمي عند الأطفال. حيث أن النشا النظيف وغير المعالج يساعد على تكوين طبقة واقية في المعدة والأمعاء، مما يحسن من امتصاص العناصر الغذائية ويقلل من تهيج جدران المعدة. إضافة إلى ذلك، توجد أنواع من النشا تُعرف بالنشا المقاوم، وهو نوع من النشا لا يهضم في الأمعاء الدقيقة ويصل إلى القولون، حيث يعمل كـ”بريبيوتيك” يغذي البكتيريا النافعة، فيساهم في تحسين توازن الفلورا المعوية، مما يقوي جهاز المناعة ويمنع بعض الاضطرابات الهضمية مثل الإمساك والانتفاخ.

فوائد النشا من ناحية صحية أخرى للأطفال

1. توفير الطاقة السريعة والمستدامة: النشا يمد الأطفال بالطاقة التي يحتاجونها لممارسة النشاطات اليومية من لعب ودراسة وحركة.

2. مساعدة في تنظيم الوزن: بفضل دور النشا في تعزيز الشعور بالشبع لفترات أطول، فإنه يساهم في منع الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالسكريات أو الدهون، مما يساعد في الحفاظ على وزن صحي للطفل.

3. تعزيز صحة الدماغ: الجلوكوز الناتج من هضم النشا هو المصدر الأساسي لطاقة الدماغ، ما يعزز من القدرات الذهنية والتركيز عند الأطفال.

4. تقوية جهاز المناعة: بفضل تحسين صحة الأمعاء، يساهم النشا المقاوم في تقوية مناعة الطفل ضد العديد من الأمراض المعدية.

5. دعم صحة العظام: بعض الأطعمة النشوية تكون غنية بالفيتامينات والمعادن المهمة مثل فيتامين ب، الحديد، والمغنيسيوم التي تدعم بناء العظام وتطورها عند الأطفال.

مصادر النشا الصحية المناسبة للأطفال

يمكن للأطفال الحصول على النشا من مصادر طبيعية صحية متنوعة ومتوازنة، منها:

• الحبوب الكاملة: مثل الأرز البني، الشوفان، والقمح الكامل، والتي تحتوي على النشا المعقد المفيد.

• الخضروات النشوية: البطاطا، البطاطا الحلوة، والجزر، التي توفر النشا إضافة إلى الألياف والفيتامينات.

• البقوليات: كالفاصولياء، العدس، والحمص التي تحتوي على نسب جيدة من النشا مع البروتين النباتي.

• الفواكه النشوية: مثل الموز الأخضر غير الناضج الذي يحتوي على نسبة عالية من النشا المقاوم.

ينصح بالتركيز على تناول النشا من هذه المصادر الطبيعية بدلاً من المنتجات المصنعة أو المكررة التي قد تفتقر إلى القيم الغذائية الأساسية وتحتوي على سكريات مضافة.

تأثير النشا المكرر على صحة الأطفال

على الرغم من فوائد النشا، يجب توخي الحذر عند اختيار نوع النشا المناسب للأطفال، حيث أن النشا المكرر أو النشويات المكررة مثل الدقيق الأبيض والأرز الأبيض قد تسبب بعض المشاكل الصحية إذا تم تناولها بكميات كبيرة، منها:

• ارتفاع سريع في سكر الدم: يسبب النشا المكرر ارتفاعًا حادًا في مستويات الجلوكوز، مما قد يؤدي إلى مشاكل في التحكم بالوزن وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري مستقبلاً.

• نقص الألياف والعناصر الغذائية: تقلل عملية التكرير من محتوى الألياف والفيتامينات والمعادن مما يجعل النشا المكرر أقل فائدة غذائية.

• زيادة الشعور بالجوع: يؤدي استهلاك النشا المكرر إلى انخفاض سريع في مستويات الطاقة، ما يحفز تناول المزيد من الطعام.

لذلك، من الضروري تشجيع تناول النشا من مصادر كاملة ومتكاملة لضمان استفادة الطفل من كافة العناصر الغذائية التي يحتاجها.

دور النشا في تحضير أطعمة الأطفال

يُستخدم النشا في تحضير أطعمة الأطفال بطرق متعددة، فهو يُضاف إلى بعض الأطعمة المهروسة أو الحساء ليعطيها قوامًا مناسبًا ويساعد في زيادة قيمتها الغذائية. كما يدخل النشا في بعض وصفات الحبوب المعززة التي توصف للأطفال خاصة في حالات ضعف الشهية أو نقص الوزن.

من ناحية أخرى، النشا له دور في صناعة الأطعمة الخاصة للأطفال الذين يعانون من اضطرابات هضمية، حيث يضاف النشا المهدرج أو المعدل كعامل مكثف يساعد في تحسين القوام والهضم.

جدول يوضح مقارنة بين مصادر النشا الصحية للأطفال

استنتاج

يعتبر النشا من المكونات الغذائية الأساسية التي يجب أن تحظى بأهمية كبيرة في تغذية الأطفال. له دور بارز في توفير الطاقة اللازمة للنمو البدني والذهني، وتحسين صحة الجهاز الهضمي، ودعم الجهاز المناعي. تناول النشا من مصادره الطبيعية الكاملة يضمن للأطفال الحصول على فوائده الكاملة دون التعرض لمخاطر النشا المكرر. لذلك، يجب الحرص على إدخال النشا بشكل متوازن في النظام الغذائي للطفل، مع تنويع مصادره لضمان تغذية متكاملة وصحية تدعم نموه وسلامته.

المصادر:

1. Anderson, J. W., et al. “Dietary fiber and health: an overview.” Nutrition Reviews, vol. 67, no. 6, 2009, pp. 188-205.

2. Slavin, J. L. “Dietary fiber and body weight.” Nutrition, vol. 21, no. 3, 2005, pp. 411-418.