قيادة الاجتماع: المرحلة الثانية – أثناء الاجتماع
المقدمة
تعد القيادة الفعالة للاجتماعات أحد المهارات الأساسية التي يحتاجها المديرون والقادة في مختلف المجالات لضمان سير العمل بفعالية وتحقيق الأهداف المنشودة. تتنوع مهارات القيادة في الاجتماع بين التحضير الجيد، إدارة الوقت، واتخاذ القرارات الحاسمة، وغيرها من الجوانب التي تساهم في تعزيز الإنتاجية وتوجيه أعضاء الفريق نحو الإنجاز. بينما تركز المرحلة الأولى من قيادة الاجتماع على التخطيط والإعداد المسبق، تركز المرحلة الثانية على كيفية إدارة الاجتماع أثناء حدوثه. هذه المرحلة تعد مفصلية في تحديد مدى فعالية الاجتماع ونجاحه، إذ يتعين على القائد أن يتعامل مع مختلف المواقف والمشاركة الفعالة لضمان سير النقاش بسلاسة وكفاءة.
1. بدء الاجتماع بشكل قوي
الطريقة التي يبدأ بها القائد الاجتماع تؤثر بشكل كبير على استجابة الحضور والمشاركة اللاحقة. يُعد البدء بتوضيح الهدف من الاجتماع والتوقعات منه أمرًا بالغ الأهمية. يجب على القائد أن يبدأ بمقدمة توضح سياق الاجتماع والأهداف المحددة، سواء كان الاجتماع مخصصًا لمناقشة مشكلة معينة، اتخاذ قرارات استراتيجية، أو تحديثات أسبوعية للمشروعات.
من الضروري أيضًا أن يكون القائد حازمًا في وضع القواعد الأساسية للاجتماع، مثل الالتزام بالوقت، احترام آراء الجميع، وتحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح. يشعر الحضور بالراحة عندما يعرفون بالضبط ما الذي يتوقع منهم.
2. إدارة الوقت بشكل فعال
يعد الوقت أحد الموارد الأكثر أهمية أثناء الاجتماعات، وفي غياب إدراة جيدة له، يمكن أن يتحول الاجتماع إلى عبء بدلًا من كونه أداة فعالة لتحقيق الأهداف. يبدأ القائد في هذه المرحلة بمراقبة الوقت بشكل دقيق لضمان تغطية جميع الموضوعات في الوقت المحدد. يمكن استخدام تقنية “الوقت المخصص” لكل بند من جدول الأعمال بشكل مرن ولكن مع الحرص على عدم الانحراف عن الموضوعات الأساسية.
يجب أن يمتلك القائد القدرة على التدخل إذا انحرف النقاش عن الموضوعات المحددة أو إذا أخذ النقاش وقتًا أطول من اللازم دون التوصل إلى نتيجة. التدخل المناسب من قبل القائد في هذه الحالات قد يكون حاسمًا للحفاظ على سير الاجتماع بشكل سلس وفعال.
إضافة إلى ذلك، يمكن للقائد استخدام تقنيات مثل التوقيت المنظم أو تقسيم الوقت بين الأعضاء بحيث يحصل الجميع على فرصة للمشاركة دون هدر الوقت في تبادل غير ذي قيمة.
3. تحفيز المشاركة الفعالة من الجميع
واحدة من أهم مهارات القائد في أثناء الاجتماع هي تعزيز المشاركة الفعالة من جميع الحضور. في الاجتماعات الجماعية، قد يتراجع بعض الأفراد عن المشاركة، إما بسبب الخوف من الظهور أمام الآخرين أو لعدم فهمهم لأهمية رأيهم في سياق المناقشات.
يجب على القائد أن يتأكد من أن الجميع يشعر بالراحة للمساهمة في النقاش. قد يتطلب هذا دعوة الأفراد بشكل مباشر للإدلاء بآرائهم أو طرح أسئلة محفزة. القائد الجيد يعرف متى يطرح أسئلة مفتوحة تتيح للأعضاء فرصة التفكير والمساهمة.
أحد أساليب القيادة الفعالة هو استخدام “التوقيت الدوار” حيث يوجه القائد الأسئلة إلى كل فرد في الاجتماع بشكل متسلسل، مما يتيح للجميع فرصة التعبير عن آرائهم ويساعد في منع هيمنة بعض الأشخاص على المناقشات.
4. التعامل مع التحديات والمواقف الصعبة
أثناء الاجتماع، قد تظهر تحديات عديدة تتطلب من القائد التدخل واتخاذ القرارات المناسبة بسرعة. على سبيل المثال، يمكن أن يواجه الاجتماع صراعات أو نقاشات حادة بين الأعضاء حول موضوع معين. في مثل هذه الحالات، يجب على القائد أن يبقى هادئًا وموضوعيًا، ويسعى لتوجيه النقاش نحو نقاط الاتفاق والابتعاد عن التصعيد.
إحدى الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها هي “التلخيص والتأكيد”، حيث يقوم القائد بتلخيص النقاط الرئيسية التي تم الاتفاق عليها والتأكد من أن جميع الأطراف قد فهموا ما تم مناقشته. هذا يساهم في تهدئة النقاش ويمنع التوترات.
أيضًا، في حال وجود أعضاء يتحدثون كثيرًا دون أن يتركوا المجال للآخرين، ينبغي على القائد التدخل بلطف ودبلوماسية لضبط توزيع الوقت بين الأفراد.
5. مراقبة ديناميكيات المجموعة
إحدى المسؤوليات الرئيسية للقائد هي مراقبة ديناميكيات المجموعة أثناء الاجتماع. إذ يجب أن يكون القائد حريصًا على ملاحظة الأفراد الذين قد يتصرفون بشكل غير معتاد، مثل أولئك الذين يبدون غير مهتمين أو الذين يتجنبون التواصل البصري. هذا يشير إلى أنه ربما تكون هناك مشكلة تحتاج إلى معالجة، سواء كانت متعلقة بالموضوع نفسه أو بالعلاقة بين الأعضاء.
من الأدوات الفعالة التي يمكن للقائد استخدامها هي الملاحظات غير اللفظية. مثلًا، عندما يلاحظ القائد أن أحد الأعضاء غير مرتاح أو غير مشارك، يمكنه توجيه سؤال مباشر لهذا الشخص لتحفيزه على المشاركة. في حالات أخرى، يمكن للقائد تغيير طريقة عرض المعلومات (مثلاً الانتقال من عرض تقديمي إلى نقاش تفاعلي) لتعزيز التفاعل.
6. اتخاذ القرارات الحاسمة
قد يكون اتخاذ القرارات الحاسمة أثناء الاجتماع جزءًا أساسيًا من عملية القيادة. غالبًا ما يتطلب الاجتماع من القائد اتخاذ قرارات صعبة بناءً على المعلومات المقدمة من الأعضاء. في هذه المرحلة، يجب أن يكون القائد قادرًا على تلخيص المواقف، تحليل البيانات، والاستماع إلى آراء الحضور، ثم اتخاذ القرار الأنسب.
أحد الأساليب الجيدة التي يمكن استخدامها هي “التصويت”، حيث يتم جمع آراء جميع الأعضاء حول خيار معين ومن ثم اتخاذ القرار بناءً على الأغلبية. لكن، لا ينبغي أن يكون القرار مفروضًا على الأعضاء بشكل قسري؛ بل يجب أن يتم التواصل بشأنه بوضوح لتجنب حدوث أي مشاعر سلبية.
7. ضمان وضوح الأهداف والخطوات التالية
في ختام الاجتماع، يجب أن يكون لدى الجميع فكرة واضحة عن الأهداف التي تم تحقيقها والخطوات التالية التي يجب اتخاذها. يجب على القائد التأكد من أن كل شخص يعرف ما هو متوقع منه بعد الاجتماع وكيفية المتابعة مع المهام المعطاة. يمكن أن يتضمن ذلك تحديد مواعيد نهائية للمهام، وتوضيح أدوار كل فرد، وتحديد الشخص المسؤول عن كل نقطة من النقاط التي تم مناقشتها.
واحدة من الطرق التي يمكن أن تساعد في هذا المجال هي استخدام “الملخصات الختامية”، حيث يقوم القائد في نهاية الاجتماع بتوضيح النقاط الرئيسية والقرارات التي تم اتخاذها، بالإضافة إلى ما يجب على كل شخص فعله بعد الاجتماع.
8. اختتام الاجتماع بطريقة منظمة
اختتام الاجتماع بشكل منظم يعد جزءًا أساسيًا من قيادته. يمكن أن يتضمن ذلك إعادة التأكيد على الأهداف التي تم تحقيقها، تحديد الخطوات التالية، وتقديم الشكر للمشاركين. يجب على القائد أن يتأكد من أن كل فرد يفهم ما هو المطلوب منه بعد الاجتماع، سواء كان ذلك تقريرًا مكتوبًا، اجتماعًا آخر، أو تنفيذًا لخطوات معينة.
من خلال الختام الجيد، يتم تعزيز شعور الحضور بالإنجاز والتوجيه الصحيح، مما يسهل عملية المتابعة بعد الاجتماع.
