كيف يتكون الثلج والجليد

تُعد ظاهرة تكون الثلج والجليد من العمليات الطبيعية الهامة التي تحدث ضمن دورة الماء في الطبيعة، وتشكل جزءاً أساسياً من النظام البيئي والمناخي على كوكب الأرض. لفهم كيفية تشكل الثلج والجليد، يجب دراسة الظروف الفيزيائية والكيميائية التي تسمح بتغيير حالة الماء من السائل إلى الحالة الصلبة، إضافة إلى العوامل الجوية والبيئية المؤثرة في هذه العملية. يتناول هذا المقال شرحاً مفصلاً وعميقاً لكيفية تكون الثلج والجليد، مع التركيز على المفاهيم العلمية المرتبطة بها، والظروف التي تؤدي إلى تشكلهما، بالإضافة إلى الفروقات بينهما ودورهما في البيئة.

التحول الفيزيائي للماء: من السائل إلى الصلب

يبدأ فهم تكون الثلج والجليد بدراسة خصائص الماء، الذي هو مادة فريدة من نوعها تتميز بقدرتها على التواجد في ثلاث حالات: الصلبة، السائلة، والغازية. عند درجة حرارة 0 درجة مئوية (32 درجة فهرنهايت) تحت الضغط الجوي القياسي، يبدأ الماء بالتحول من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة، وهذه الظاهرة تعرف بالتجمد.

عندما ينخفض درجة حرارة الماء إلى ما دون نقطة التجمد، تبدأ جزيئات الماء بفقدان الطاقة الحركية تدريجياً، مما يجعلها ترتبط ببعضها البعض بشكل أكثر ثباتاً في بنية بلورية منتظمة تعرف بالثلج. عملية التبلور هذه تحدث في حالتين رئيسيتين: الأولى تكون على سطح الأرض أو في الهواء، والثانية في حالة تكون الجليد الذي يشمل الثلج المتراكم والجليد الصلب.

كيفية تكون الثلج

تكوين بلورات الثلج في الغلاف الجوي

الثلج هو عبارة عن بلورات مائية صلبة تتكون في الغلاف الجوي عندما تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي، وتبدأ بخار الماء في التجمّد. تحدث هذه العملية غالباً في السحب التي تحتوي على بخار الماء والرذاذ المائي.

عندما يرتفع الهواء الرطب إلى طبقات عليا في الغلاف الجوي حيث تكون درجات الحرارة منخفضة جداً، يبدأ بخار الماء بالتحول مباشرة من الحالة الغازية إلى الحالة الصلبة دون المرور بالحالة السائلة، وهي ظاهرة تعرف بالتصعيد أو التجمّد المباشر (Deposition). تبدأ جزيئات الماء بالتجمع على جسيمات صغيرة جداً موجودة في الهواء تسمى “نوى التبلور” والتي قد تكون جسيمات غبار، أو أملاح، أو ملوثات.

تنمو هذه البلورات بشكل سداسي متماثل نتيجة للخصائص الجزيئية للماء، وتختلف أشكالها من بلورات إبرية رفيعة إلى بلورات معقدة تتفرع كالأشجار الصغيرة، مما يؤدي إلى تشكل الثلوج ذات الأشكال الهندسية المتنوعة التي نراها خلال العواصف الثلجية.

عوامل تؤثر على تكوين الثلج

1. درجة الحرارة: تلعب درجة الحرارة الدور الأساسي في تحديد نوع البلورات التي تتكون، فدرجات الحرارة القريبة من الصفر تؤدي إلى بلورات كبيرة ومعقدة، في حين درجات الحرارة الأقل تؤدي إلى بلورات صغيرة وبسيطة.

2. الرطوبة النسبية: كلما زادت كمية بخار الماء في الهواء زادت سرعة نمو بلورات الثلج.

3. نوى التبلور: توفر الجسيمات العالقة في الهواء مكانًا لتجمّع بخار الماء والتبلور عليه.

تكون الجليد

الجليد هو الحالة الصلبة للماء التي تتشكل عندما يتجمد الماء السائل سواء على سطح الأرض أو في المياه السطحية. يمكن أن يتكون الجليد بعدة أشكال وحالات، منها:

جليد السطح

يظهر هذا النوع من الجليد عندما تنخفض درجة حرارة المياه السطحية في البحيرات، الأنهار، أو البرك إلى ما دون الصفر المئوي، فيتجمد سطح الماء مكوناً طبقة صلبة من الجليد. في هذه الحالة، يظل الماء تحت سطح الجليد سائلاً بسبب الضغط والخصائص الفيزيائية للماء، مما يسمح للكائنات الحية بالاستمرار في حياتها.

الجليد الأرضي والجليد المتراكم

يتكون الجليد المتراكم عندما تتساقط الثلوج وتترسب على سطح الأرض وتتراكم عبر الزمن، ويحدث هذا عادة في المناطق القطبية أو المرتفعات الجبلية. هذه الطبقات من الثلج تتحول تدريجياً إلى جليد صلب نتيجة لضغط الطبقات العليا، حيث تتحول حبيبات الثلج إلى بلورات جليدية متماسكة وكثيفة.

الفروق الأساسية بين الثلج والجليد

العوامل المؤثرة في تكوين الثلج والجليد

الضغط الجوي وتأثيره

الضغط الجوي يؤثر بشكل كبير على درجة حرارة تجمد الماء، حيث يزداد تأثير الضغط مع الارتفاعات الجوية. في طبقات الجو العليا يكون الضغط منخفضاً، مما يسهل تجمد بخار الماء وتحوله إلى بلورات ثلجية.

الظروف الجوية الموسمية

تتغير كمية وتوقيت تكون الثلج والجليد حسب المواسم، ففي الشتاء تزداد فرصة تكون الثلوج والجليد نتيجة لانخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة. في المناطق القطبية والمناطق الجبلية العالية تكون الظروف مناسبة لتراكم الثلوج وتكوين الجليد على مدى سنوات طويلة.

التلوث الجوي ودوره في تكون الثلج

تؤدي الملوثات الجوية إلى زيادة عدد نوى التبلور، مما قد يؤثر على حجم وشكل بلورات الثلج. بعض الجسيمات تساعد على تكوين ثلوج أكثر، في حين يمكن للملوثات الكيميائية أن تغير من خواص الثلج.

أهمية الثلج والجليد في النظام البيئي والمناخي

يلعب الثلج والجليد دوراً محورياً في تنظيم حرارة الأرض عبر عكس أشعة الشمس (الالبهيدو)، مما يساعد في الحفاظ على برودة الكوكب. كما يشكلان مخزوناً هائلاً من المياه العذبة التي تعتمد عليها العديد من الأنهار والمجتمعات البشرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مناطق الثلج والجليد تدعم أنظمة بيئية فريدة من نوعها، وتؤثر في دورة المياه العالمية وتوازن المناخ.

الخلاصة

تتكون الثلوج والجليد نتيجة لتحولات فيزيائية دقيقة تتم عبر تغيرات في درجة الحرارة والرطوبة والضغط، حيث يبدأ الماء في التحول من الحالة السائلة أو الغازية إلى الحالة الصلبة في صورة بلورات ثلجية أو جليدية. تكوينهما يتأثر بعدة عوامل بيئية وجوية تلعب دوراً أساسياً في شكلهما وخصائصهما. تعد عملية تكون الثلج والجليد جزءاً لا يتجزأ من النظام البيئي والمناخي للأرض، ولهما تأثير مباشر على حياة الكائنات وموارد المياه المتجددة.

المراجع:

1. Meteorology Today – C. Donald Ahrens, 11th Edition, 2012.

2. Physical Geography: The Global Environment – H.J. de Blij, Peter O. Muller, 12th Edition, 2014.