فوائد الاستاكوزا: كنز غذائي من أعماق البحار
تُعدّ الاستاكوزا، أو ما يُعرف بالكركند أو جراد البحر، واحدة من أكثر المأكولات البحرية تميزًا وثراءً من حيث القيمة الغذائية، وهي تحظى بإقبال واسع حول العالم نظراً لنكهتها الفاخرة وملمسها اللحمي الغني. لا تقتصر الاستاكوزا على كونها طبقاً شهياً يُقدَّم في المطاعم الراقية، بل إنها تشكل أيضًا مصدرًا غذائيًا ذا فوائد صحية كبيرة ومتعددة، تجعل منها خيارًا ممتازًا لمن يسعى إلى تعزيز صحته العامة. يتم صيد الاستاكوزا عادة من المحيطات والبحار الباردة، وتتسم بأنها غنية بالبروتين، منخفضة الدهون، ومليئة بالعناصر النادرة.
في هذا المقال المطول، نغوص في أعماق الفوائد الصحية والعناصر الغذائية المهمة التي تجعل من الاستاكوزا طعاماً جديراً بأن يكون جزءاً من النظام الغذائي الصحي المتوازن.
1. مصدر غني بالبروتين عالي الجودة
تُعتبر الاستاكوزا من أغنى المصادر البحرية بالبروتين النقي الذي يحتاجه الجسم لبناء العضلات وصيانة الأنسجة. كل 100 غرام من لحم الاستاكوزا تحتوي على حوالي 20 غرامًا من البروتين الكامل، والذي يضم كافة الأحماض الأمينية الأساسية.
البروتين الموجود في الاستاكوزا يتميز بسهولة هضمه وامتصاصه، ما يجعله مثالياً للرياضيين والأشخاص في فترات التعافي بعد الأمراض أو العمليات الجراحية، وكذلك لكبار السن الذين يحتاجون إلى دعم الكتلة العضلية. كما أن هذا النوع من البروتين يساهم في تعزيز الشعور بالشبع، مما يساعد في إدارة الوزن والحد من الإفراط في تناول الطعام.
2. دعم صحة القلب والشرايين
تلعب الاستاكوزا دورًا كبيرًا في دعم صحة القلب، بفضل احتوائها على مجموعة من العناصر التي تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. لحم الاستاكوزا يحتوي على أحماض أوميغا-3 الدهنية، التي أثبتت الدراسات قدرتها على تقليل مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وزيادة الكوليسترول الجيد (HDL)، بالإضافة إلى خفض ضغط الدم المرتفع وتحسين وظائف الأوعية الدموية.
كذلك، تحتوي الاستاكوزا على معدن السيلينيوم، والذي يُعد من مضادات الأكسدة القوية التي تحمي الخلايا من الأضرار التأكسدية المرتبطة بأمراض القلب. ومن خلال احتوائها على فيتامين B12، تساهم الاستاكوزا في تقليل مستويات الهوموسيستين، وهو حمض أميني مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب إذا ارتفع في الدم.
3. تعزيز صحة الدماغ والجهاز العصبي
تعتبر الاستاكوزا غذاءً مهمًا للدماغ، حيث تحتوي على كميات جيدة من فيتامين B12 والكولين والفسفور، وهي عناصر ضرورية للحفاظ على وظائف الجهاز العصبي وتحسين القدرات المعرفية والذاكرة. الكولين، بشكل خاص، هو مركب يلعب دوراً أساسياً في تكوين النواقل العصبية وتنظيم الإشارات بين الخلايا العصبية.
كما تسهم أحماض أوميغا-3 الموجودة في الاستاكوزا، خاصةً DHA، في تحسين التركيز وتقليل الالتهابات العصبية التي ترتبط بالأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر وباركنسون. وقد أشارت دراسات سريرية إلى أن تناول أطعمة بحرية غنية بأوميغا-3 بشكل منتظم يساهم في خفض خطر التدهور المعرفي المرتبط بالعمر.
4. دعم وظائف الغدة الدرقية والمناعة
الاستاكوزا مصدر غني بمعدن اليود، الذي يعد ضرورياً لوظائف الغدة الدرقية الطبيعية، حيث يدخل في تركيب هرمونات الثيروكسين (T4) وثلاثي يود الثيرونين (T3). هذه الهرمونات تتحكم في معدل التمثيل الغذائي وتؤثر في العديد من العمليات الحيوية، مثل تنظيم درجة حرارة الجسم، ومستويات الطاقة، ونمو الخلايا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستاكوزا تحتوي على نسبة جيدة من السيلينيوم، الذي يساهم بدوره في تعزيز وظائف الجهاز المناعي. السيلينيوم يساعد في تنشيط الخلايا المناعية مثل الخلايا التائية والبلاعم، كما أنه يلعب دوراً في الوقاية من الالتهابات، خاصة الفيروسية منها، وذلك بفضل خصائصه المضادة للأكسدة.
5. تحسين صحة البشرة والعظام
بفضل محتواها العالي من الزنك والفيتامينات الضرورية مثل فيتامين B12 وفيتامين E، تساهم الاستاكوزا في الحفاظ على صحة الجلد وتعزيز نضارته. الزنك يعمل على تحفيز إنتاج الكولاجين، الذي يمنح البشرة مرونتها ويحد من ظهور التجاعيد. كما يساعد على التئام الجروح والتقليل من الالتهابات الجلدية.
من جانب آخر، تحتوي الاستاكوزا على الفوسفور والكالسيوم، وهما عنصران مهمان لصحة العظام والأسنان. الفوسفور يعمل بالتكامل مع الكالسيوم في تقوية الهيكل العظمي، خاصة مع التقدم في العمر، كما يساهم في دعم وظائف العضلات ونقل الإشارات العصبية.
جدول القيمة الغذائية التقريبية لـ100 غرام من الاستاكوزا
| العنصر الغذائي | الكمية التقريبية |
|---|---|
| السعرات الحرارية | 90 سعرة حرارية |
| البروتين | 19-20 غرام |
| الدهون الكلية | 1-2 غرام |
| أحماض أوميغا-3 | 200-300 ملغ |
| الكوليسترول | 120-140 ملغ |
| فيتامين B12 | 4-5 ميكروغرام |
| السيلينيوم | 35-40 ميكروغرام |
| الفوسفور | 200 ملغ |
| الزنك | 2-3 ملغ |
| الكولين | 60-70 ملغ |
محاذير تناول الاستاكوزا
رغم فوائدها المتعددة، يجب الانتباه لبعض النقاط عند تناول الاستاكوزا:
-
ارتفاع الكوليسترول: تحتوي الاستاكوزا على نسبة عالية من الكوليسترول، لذا يُفضل أن يتناولها من يعاني من اضطرابات الدهون في الدم باعتدال وتحت إشراف طبي.
-
الحساسية: قد يعاني البعض من حساسية تجاه المحاريات، مما يتطلب تجنبها تماماً لتفادي ردود الفعل التحسسية الشديدة.
-
نسبة الصوديوم: بعض أنواع الاستاكوزا المحفوظة أو المجمدة تحتوي على نسب مرتفعة من الصوديوم، والذي قد يضر بمرضى الضغط أو الكلى إذا تم استهلاكه بكثرة.
استخدامات متنوعة للاستاكوزا في الطهي
تتميز الاستاكوزا بمرونة في الطهي، حيث يمكن تقديمها بطرق متعددة تناسب الأذواق المختلفة:
-
مسلوقة مع الزبدة والثوم: تُعتبر من الطرق الكلاسيكية التي تُبرز نكهة اللحم الطري.
-
مشوية مع الأعشاب: لإضفاء طابع صحي وطعم مدخّن.
-
داخل الباستا أو الريزوتو: لإضفاء فخامة وغنى على الأطباق الإيطالية.
-
حساء الكركند الكريمي: يُعد من أشهر أطباق المقبلات في المطاعم الفرنسية الراقية.
الخلاصة العلمية
الاستاكوزا ليست مجرد مأكول بحري فاخر، بل هي عنصر غذائي متكامل يدعم العديد من وظائف الجسم الحيوية، من تقوية القلب والمناعة إلى دعم الدماغ وصحة العظام. غناها بالبروتينات عالية الجودة، والأحماض الدهنية المفيدة، والمعادن النادرة يجعل منها خياراً مثالياً في النظام الغذائي الصحي، شرط الانتباه إلى المحاذير المتعلقة بالحساسية أو ارتفاع الكوليسترول. إدخال الاستاكوزا ضمن قائمة الطعام الأسبوعية يمكن أن يكون خطوة فعالة نحو تعزيز الصحة والوقاية من العديد من الأمراض المزمنة.
المراجع:
-
Institute of Medicine (IOM) – Dietary Reference Intakes.
-
U.S. Department of Agriculture (USDA) FoodData Central.
