عدد سكان السعودية 2025

عدد سكان السعودية: تحليل ديموغرافي شامل

تُعدّ المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر الدول العربية والإسلامية من حيث المساحة والتأثير الاقتصادي والسياسي، كما تُعدّ من الدول المحورية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. وتمتاز السعودية بنمو سكاني مستمر وتنوع ديموغرافي يعكس التركيبة السكانية الفريدة التي تجمع بين المواطنين السعوديين والمقيمين من مختلف الجنسيات. يتناول هذا المقال تحليلًا دقيقًا وموسعًا لعدد سكان المملكة العربية السعودية، ويغطي مختلف الجوانب المرتبطة بالنمو السكاني، التوزيع الجغرافي، التركيبة العمرية، بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالكثافة السكانية.

عدد السكان في المملكة العربية السعودية 2025

بحسب تقديرات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، بلغ عدد سكان السعودية في منتصف عام 2025 حوالي 36.3 مليون نسمة، موزعين بين المواطنين السعوديين والمقيمين الأجانب. ويمثل المواطنون السعوديون حوالي 62.5% من إجمالي السكان، أي ما يقارب 22.7 مليون نسمة، بينما يُشكّل المقيمون غير السعوديين 37.5% تقريبًا، أي ما يعادل 13.6 مليون نسمة.

تستند هذه البيانات إلى مسوح ميدانية وسجلات رسمية حديثة، تأخذ في الاعتبار معدلات النمو الطبيعي والوافدين والمغادرين، كما تعكس السياسات الحكومية الجديدة في ما يتعلق بالتوظيف، العمالة الأجنبية، والتوطين.

النمو السكاني ومعدلات الزيادة الطبيعية

شهدت السعودية خلال العقود الثلاثة الماضية نموًا سكانيًا مستمرًا، إذ تضاعف عدد السكان منذ عام 1990 نتيجة للزيادة الطبيعية (الفرق بين معدلات الولادة والوفاة) بالإضافة إلى النمو الناتج عن تدفقات العمالة الوافدة. وفيما يلي استعراض لمعدلات النمو:

• معدل النمو السكاني السنوي: يتراوح بين 1.5% إلى 2.3% خلال الأعوام الأخيرة.

• معدل الخصوبة الكلي (2024): 2.4 مولود لكل امرأة.

• معدل الوفيات: منخفض نسبيًا بفضل التقدم في الرعاية الصحية، ويبلغ حوالي 3.3 وفاة لكل 1,000 نسمة.

• معدل المواليد: يقدّر بحوالي 18.7 مولود لكل 1,000 نسمة.

تمثل هذه المعدلات استمرارًا للنمط الديموغرافي النامي في دول الخليج، مع فارق أن السعودية تمتلك كتلة سكانية محلية أكبر مقارنة ببقية دول مجلس التعاون الخليجي.

التوزيع الجغرافي للسكان

تُظهر الخريطة السكانية للمملكة تركز السكان في مناطق معينة دون غيرها، نتيجة العوامل المناخية، الاقتصادية، والبنى التحتية. وتُعدّ المناطق التالية الأكثر اكتظاظًا بالسكان:

هذا التوزيع يعكس الأهمية الاقتصادية الكبرى لمناطق مثل الرياض (العاصمة السياسية والاقتصادية)، مكة والمدينة (الوجهات الدينية المقدسة)، والمنطقة الشرقية (المركز الصناعي والنفطي الأهم في البلاد).

التركيبة الديموغرافية: الجنس والعمر

تعكس التركيبة العمرية للسكان مجتمعًا فتيًا إلى حد كبير، حيث إن نسبة كبيرة من السكان تقع ضمن الفئات العمرية الشابة، وهو ما يشكل تحديًا وفرصة في آنٍ واحد. أما من حيث توزيع الجنس، فيُلاحظ وجود توازن نسبي بين الذكور والإناث بين المواطنين، مقابل تفوق واضح لعدد الذكور ضمن المقيمين، نتيجة طبيعة العمالة الوافدة التي يغلب عليها الذكور.

• الأعمار أقل من 15 عامًا: 28% من السكان.

• الأعمار بين 15-64 عامًا: 67% من السكان.

• الأعمار 65 عامًا فأكثر: 5% فقط.

• الذكور مقابل الإناث (إجمالي): 54% ذكور، 46% إناث.

تعكس هذه الأرقام مجتمعًا شابًا يفرض تحديات على البنية التحتية التعليمية والصحية، ويستلزم استراتيجيات فعالة لاستثمار الموارد البشرية مستقبلًا.

العوامل المؤثرة في التعداد السكاني

1. الهجرة والعمالة الوافدة

تمثل الهجرة الاقتصادية العامل الأهم في نمو عدد السكان غير السعوديين. فقد شكل العمال الأجانب شريحة كبيرة من سكان السعودية، خاصة في قطاعات مثل البناء، الصناعة، والخدمات. إلا أن برامج “السعودة”، أي توطين الوظائف، قلصت إلى حدٍ ما من أعداد العمالة الوافدة في السنوات الأخيرة.

2. السياسات الحكومية

شهدت السنوات الماضية تحولًا استراتيجيًا ضمن “رؤية السعودية 2030″، مما أثّر على مؤشرات السكان. تم تعزيز دور المرأة في سوق العمل، وتحسين جودة التعليم والصحة، وهو ما ينعكس بشكل غير مباشر على مؤشرات الإنجاب والهجرة.

3. التحولات الاقتصادية

أدت تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط إلى نمو قطاعات جديدة، مثل السياحة والترفيه، ما يتطلب قوى عاملة متنوعة من الداخل والخارج، وبالتالي يؤثر في تكوين المجتمع السكاني.

الكثافة السكانية في السعودية

نظرًا إلى المساحة الشاسعة التي تبلغ حوالي 2.15 مليون كيلومتر مربع، فإن الكثافة السكانية في السعودية تُعد منخفضة عمومًا، وتبلغ في المتوسط 17 نسمة لكل كيلومتر مربع. غير أن هذه الكثافة تختلف جذريًا بين المناطق الحضرية والريفية:

• الكثافة في مدينة الرياض: تزيد على 1,500 نسمة/كم².

• الكثافة في مكة المكرمة: حوالي 1,200 نسمة/كم².

• الكثافة في المناطق الصحراوية أو الجبلية: أقل من 5 نسمة/كم².

هذه الفروق تعكس التباين الكبير في التوزيع السكاني والجغرافي، وهو ما يستدعي سياسات تنموية متوازنة لتحسين العدالة المكانية وتخفيف الضغط على المدن الكبرى.

التحولات المستقبلية في السكان

يتوقع أن يشهد عدد السكان في السعودية زيادات تدريجية خلال العقود القادمة، بحيث يصل إلى حوالي 39 مليون نسمة بحلول عام 2030 وفق التقديرات الرسمية. وسيكون لهذه الزيادة آثار مباشرة على السياسات العامة، لا سيما في القطاعات التالية:

• التعليم: الحاجة إلى إنشاء المزيد من المدارس والجامعات.

• الصحة: توسيع وتطوير الخدمات الصحية والبنية التحتية.

• الإسكان: زيادة الطلب على الوحدات السكنية، خصوصًا للفئات الشابة.

• الطاقة والمياه: الضغط المتزايد على الموارد الطبيعية نتيجة ارتفاع الاستهلاك.

• العمل: ضرورة توفير فرص عمل تناسب التركيبة السكانية المتغيرة.

التحديات المرتبطة بالنمو السكاني

تطرح الزيادة السكانية في السعودية مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:

1. ضغط على الموارد والخدمات العامة مثل النقل، الطاقة، والمياه.

2. تزايد الطلب على الوظائف في سوق العمل المحلي، خاصة لفئة الشباب.

3. ارتفاع تكلفة المعيشة والسكن في بعض المدن الكبرى نتيجة الكثافة السكانية العالية.

4. تفاوت التنمية بين المناطق، ما يؤدي إلى هجرة داخلية غير متوازنة.

5. الحاجة إلى سياسات سكانية شاملة توازن بين التطور الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.

جدول يلخص تطور عدد السكان في السعودية (1990 – 2025)

يشير الجدول إلى وجود تراجع طفيف في معدل النمو السنوي، وهو أمر شائع في المجتمعات التي تشهد تحسنًا في مستوى التعليم والرعاية الصحية وزيادة في متوسط العمر المتوقع.

الخلاصة الإحصائية

إن عدد سكان المملكة العربية السعودية في عام 2025 يُقدّر بنحو 36.3 مليون نسمة، مع تركيبة ديموغرافية شابة وغنية بالتنوع الثقافي والاجتماعي. وتشير المؤشرات إلى استمرار الزيادة السكانية بوتيرة معتدلة خلال العقد القادم، ما يتطلب من صناع القرار تطوير سياسات فعالة للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. من المهم أن تُدار هذه الزيادة من خلال استراتيجيات متكاملة تشمل التوظيف، التعليم، والإسكان، لضمان بقاء السعودية في طليعة الدول المستقرة اقتصاديًا وسكانيًا في المنطقة.

المصادر

1. الهيئة العامة للإحصاء – المملكة العربية السعودية (www.stats.gov.sa)

2. تقرير التوقعات السكانية العالمية – الأمم المتحدة، قسم السكان (World Population Prospects 2024)