سبب رائحة العرق عند الأطفال

تُعتبر رائحة العرق من الظواهر الطبيعية التي تحدث لجميع البشر، بمن فيهم الأطفال. وعلى الرغم من أن رائحة العرق في الأطفال قد لا تكون شائعة أو واضحة كما في البالغين، إلا أن وجود رائحة كريهة للعرق عند الأطفال يثير قلق الكثير من الأهل، ويستدعي فهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة، والتمييز بين الحالات الطبيعية وتلك التي تستدعي التدخل الطبي.

تكوين العرق وأسبابه

العرق في الأساس هو سائل شفاف تفرزه الغدد العرقية في الجلد بهدف تنظيم درجة حرارة الجسم من خلال تبخره. تنقسم الغدد العرقية إلى نوعين رئيسيين:

• الغدد العرقية الإفرازية (Eccrine glands): تنتشر في معظم أنحاء الجسم وتفرز سائلاً مائيًا يحتوي على ماء وأملاح معدنية بشكل أساسي، وهذا العرق عادة لا يصدر عنه رائحة مميزة.

• الغدد العرقية الإفرازية الخاصة (Apocrine glands): تتواجد بشكل رئيسي في مناطق معينة مثل تحت الإبطين، منطقة الأربية، وحول الحلمات، وتفرز عرقًا غنيًا بالدهون والبروتينات، والذي عندما تتكاثر عليه البكتيريا الموجودة على الجلد، ينتج رائحة العرق المميزة أو الكريهة.

في الأطفال، تكون الغدد الإفرازية الخاصة أقل نشاطًا مقارنة بالبالغين، لذا فإن رائحة العرق لديهم عادة ما تكون أقل حدة، لكن هذا لا يعني غيابها تمامًا، حيث يمكن أن تظهر رائحة كريهة أحيانًا لأسباب متعددة.

أسباب رائحة العرق عند الأطفال

1. النشاط البكتيري

البكتيريا التي تعيش على سطح الجلد تلعب دورًا أساسيًا في تحويل العرق الذي تفرزه الغدد الإفرازية الخاصة إلى مركبات ذات رائحة كريهة. عند تراكم العرق في مناطق معينة من جسم الطفل، خاصةً في الطيات الجلدية مثل تحت الإبطين، وبين الأصابع، ومنطقة الأربية، تتكاثر البكتيريا وتفرز إنزيمات تحلل البروتينات والدهون، مما يسبب ظهور رائحة مميزة.

2. التغيرات الهرمونية

تبدأ الغدد العرقية الخاصة بالطفل في النضج مع اقتراب سن البلوغ، لكنها قد تنشط أحيانًا في سن مبكرة نسبيًا عند بعض الأطفال، وخاصة في سن ما قبل البلوغ أو أثناء مرحلة البلوغ المبكر (البلوغ السابق لأوانه). هذه التغيرات تؤدي إلى زيادة إفراز العرق الغني بالبروتينات والدهون، مما يزيد من احتمال ظهور رائحة العرق.

3. العوامل الغذائية

تلعب الأطعمة التي يتناولها الطفل دورًا في تغيير رائحة العرق. بعض الأطعمة مثل الثوم، البصل، التوابل الحارة، اللحوم الحمراء، والمشروبات الغازية يمكن أن تؤثر على رائحة العرق عند الأطفال. تراكم المواد الكيميائية من هذه الأطعمة في الجسم قد يفرز عبر العرق، مما يسبب رائحة مختلفة أو مزعجة.

4. سوء النظافة الشخصية

من أكثر الأسباب شيوعًا لظهور رائحة العرق عند الأطفال هو عدم الاهتمام الكافي بالنظافة الشخصية. تراكم العرق والبكتيريا على الجلد بدون غسل أو تنظيف منتظم يؤدي إلى تفاقم الرائحة. خصوصًا في المناطق التي تتجمع فيها العرق مثل تحت الإبطين، ومنطقة الأربية، وبين الأصابع.

5. الملابس غير المناسبة

ارتداء الملابس المصنوعة من الألياف الصناعية مثل البوليستر أو النايلون التي لا تسمح بمرور الهواء بسهولة يمكن أن يؤدي إلى زيادة التعرق واحتباس الرطوبة على الجلد، مما يوفر بيئة ملائمة لنمو البكتيريا وتكاثرها، وبالتالي ظهور رائحة العرق الكريهة.

6. الحالات المرضية

في بعض الحالات النادرة، قد تكون رائحة العرق عند الأطفال علامة على وجود مشاكل صحية، مثل:

• العدوى الجلدية: مثل التهابات الفطريات أو البكتيريا التي تسبب رائحة كريهة ومصاحبة لأعراض أخرى مثل الاحمرار أو الحكة.

• الاضطرابات الأيضية: بعض الأمراض الأيضية النادرة مثل فرط التعرق الوليدي أو مرض الفينيل كيتونوريا قد تؤدي إلى ظهور رائحة عرق مميزة.

• التهابات المسالك البولية: التي قد تؤثر أحيانًا على رائحة الجسم.

7. التوتر والقلق

التوتر العاطفي أو النفسي يمكن أن يؤدي إلى زيادة إفراز العرق من الغدد الإفرازية الخاصة، مما قد يسبب ظهور رائحة العرق في الأطفال في بعض الحالات، خاصة أثناء فترات الدراسة أو الاختبارات أو المشاعر القوية.

مراحل ظهور رائحة العرق عند الأطفال

عادة لا تظهر رائحة العرق لدى الأطفال الرضع والأطفال الصغار، بسبب قلة نشاط الغدد العرقية الخاصة. لكن مع تقدمهم في العمر، وخاصة خلال مرحلة الطفولة المتأخرة، قد تبدأ الرائحة في الظهور ببطء.

في فترة ما قبل البلوغ، عادة تكون الرائحة خفيفة أو غير ملحوظة. لكن مع بداية البلوغ، تزداد إفرازات الغدد الإفرازية الخاصة ويصبح العرق أكثر غنى بالمواد العضوية التي تحللها البكتيريا مسببة الرائحة المميزة.

كيفية التعامل مع رائحة العرق عند الأطفال

النظافة الشخصية المنتظمة

الاستحمام اليومي بالماء الفاتر واستخدام صابون لطيف مناسب لبشرة الأطفال يساعد على إزالة العرق والبكتيريا المسببة للرائحة. تنظيف المناطق التي تتعرق بشكل مكثف مثل تحت الإبطين ومنطقة الأربية مهم جدًا.

اختيار الملابس المناسبة

ارتداء ملابس قطنية تسمح بمرور الهواء تساعد في تقليل التعرق والاحتفاظ بالرطوبة، مما يحد من نمو البكتيريا. يجب تغيير الملابس الداخلية والخارجية بشكل منتظم خاصة بعد ممارسة الرياضة أو الأنشطة التي تزيد من التعرق.

النظام الغذائي المتوازن

تقليل الأطعمة الغنية بالتوابل أو التي قد تسبب رائحة غير محببة في العرق، والتركيز على تناول الأغذية الصحية التي تحتوي على مضادات الأكسدة والفيتامينات التي تحسن من صحة الجلد.

استخدام مزيلات العرق الآمنة

في بعض الحالات، قد يُسمح باستخدام مزيلات العرق الخاصة بالأطفال، ولكن بعد استشارة الطبيب، خاصةً إذا كانت الرائحة قوية أو مستمرة، ولتفادي الحساسية أو التهيج الجلدي.

استشارة الطبيب في الحالات الخاصة

إذا كانت رائحة العرق عند الطفل قوية جدًا أو مصحوبة بأعراض أخرى مثل الحمى، التهاب الجلد، أو مشاكل صحية أخرى، يجب التوجه للطبيب للفحص والتشخيص المناسب، حيث قد يكون السبب مرضيًا يحتاج لعلاج طبي.

الجدول التالي يوضح أسباب رائحة العرق عند الأطفال وطرق التعامل معها:

الخلاصة

رائحة العرق عند الأطفال ليست ظاهرة نادرة، وهي غالبًا ما تكون نتيجة تفاعل طبيعي بين العرق والبكتيريا على الجلد، إضافة إلى عوامل أخرى مثل التغيرات الهرمونية والعوامل الغذائية والنظافة الشخصية. فهم الأسباب والتعامل معها بشكل مناسب يساعد في تقليل المشكلة أو علاجها إن كانت مرتبطة بحالة مرضية. من الضروري متابعة الطفل والحرص على النظافة الجيدة واختيار الملابس المناسبة، مع الانتباه إلى أي أعراض غير معتادة قد تشير إلى ضرورة زيارة الطبيب.

المراجع:

1. Mayo Clinic Staff. “Body odor in children: Causes and treatments.” Mayo Clinic.

2. American Academy of Pediatrics. “Sweat and body odor in children.” Pediatrics Journal.