في نيسان/أبريل من عام 2004، صدر كتاب بعنوان “فك شيفرة دان براون: الحقائق خلف خيال كتاب شيفرة دا فينشي” من تأليف إيمي ويلبورن. يُعد هذا الكتاب دراسة نقدية تهدف إلى تسليط الضوء على النظريات والادعاءات التي قدمها دان براون في روايته الشهيرة “شيفرة دا فينشي”، من خلال تحليل كيف أن هذه النظريات قد أغفلت أو أساءت تفسير المعلومات المتاحة كما يُفهم في التقاليد الكاثوليكية.
تتناول الرواية “شيفرة دا فينشي” مواضيع مثيرة للجدل تتعلق بأصول المسيحية وتاريخ الكنيسة، ويدور محور الرواية حول مؤامرات مزعومة، وحقائق تاريخية مزيفة، وادعاءات مثيرة عن علاقة بين عيسى المسيح ومريم المجدلية. وقد أثارت الرواية جدلاً واسعاً وخلقت اهتماماً كبيراً بين القراء، ولكنها أيضاً أثارت انتقادات من قِبَل المؤرخين واللاهوتيين على حد سواء. في هذا السياق، يأتي كتاب “فك شيفرة دان براون” كأداة توضيحية تسعى إلى توضيح الحقائق وراء الخيال المقدم في الرواية.
تبدأ إيمي ويلبورن كتابها بمقدمة تناولت فيها أهمية التحقق من الحقائق التاريخية واللاهوتية التي تُعرض في الروايات الشعبية. وتقدم الويلبورن عرضاً شاملاً للأفكار التي يطرحها دان براون، والتي تشمل، من بين أمور أخرى، فكرة أن الكنيسة الكاثوليكية قد أخفت معلومات حيوية عن هوية عيسى المسيح وعلاقته بمريم المجدلية. كما تتناول الرواية فكرة أن أصول المسيحية قد تكون مبنية على مؤامرات وأسرار قديمة.
في تحليلها، تسلط إيمي ويلبورن الضوء على كيفية تجاهل أو تحريف المعلومات التاريخية والتقليدية التي تم توثيقها عبر القرون. فإحدى النقاط الرئيسية التي تناقشها هي الطريقة التي تتعامل بها الرواية مع المصادر التاريخية والكنسية. تشير ويلبورن إلى أن الرواية تعتمد على مصادر غير موثوقة أو مشوهة لتدعيم نظرياتها، وتغفل السياق التاريخي والتقاليد التي تُفسر بها تلك المصادر.
من خلال فحص كل من النصوص الدينية والتاريخية، تسعى ويلبورن إلى تقديم تصحيح للأخطاء التي ارتكبتها الرواية. وتعرض الأدلة التي تثبت أن العديد من الادعاءات التي تروج لها “شيفرة دا فينشي” لا تتوافق مع ما هو معروف ومتفق عليه في الأوساط الأكاديمية والدينية. على سبيل المثال، تسلط الضوء على تحليل دقيق لنصوص مسيحية مبكرة وتقاليد كنسية تثبت وجود تباين بين ما تعرضه الرواية والواقع التاريخي.
أحد المحاور الأساسية في الكتاب هو تحليل كيف أن الرواية قد استغلت الغموض حول بعض القضايا التاريخية والدينية لتقديم سرد درامي وشيق. ومع ذلك، توضح ويلبورن أن هذا السرد لا يعكس الحقيقة بل هو محض خيال تم استخدامه لأغراض تجارية وأدبية. من خلال هذا التحليل، تهدف ويلبورن إلى إعادة التركيز على الحقائق التاريخية الحقيقية وتعزيز فهم أفضل للتاريخ المسيحي كما هو موثق ومعترف به.
في نهاية الكتاب، تقدم ويلبورن دعوة للقارئ للتفكير النقدي والبحث عن المصادر الموثوقة عند التعامل مع الموضوعات التاريخية والدينية. كما تشجع على مراجعة الأدلة والحقائق بدلاً من قبول الروايات المثيرة التي قد تحتوي على معلومات مضللة أو محرفة.
بوجه عام، يُعد كتاب “فك شيفرة دان براون” من إيمي ويلبورن محاولة جادة لتصحيح المعلومات المضللة التي قدمتها رواية “شيفرة دا فينشي”، وتقديم فهم دقيق للتاريخ المسيحي من خلال استعراض الأدلة التاريخية والتقليدية. يُعتبر الكتاب مرجعاً هاماً لأولئك الذين يسعون لفهم القضايا التاريخية والدينية بشكل أكثر دقة، بعيداً عن التأثيرات الأدبية والتجارية التي قد تؤدي إلى تشويه الحقائق.