لماذا نرى البرق قبل سماع الرعد؟
البرق والرعد هما ظاهرتان طبيعيتان تترافقان في العادة مع العواصف الرعدية، حيث يعتبر البرق بمثابة الإضاءة السريعة التي تضيء السماء، بينما يرافقه الرعد الذي يمثل الصوت الناتج عن تلك الظاهرة. ورغم كونهما جزءًا من نفس الحدث، فإننا عادةً ما نلاحظ البرق أولًا قبل سماع الرعد، وهو أمر قد يثير التساؤلات حول السبب الكامن وراء هذه الظاهرة الطبيعية المثيرة للاهتمام.
تعود هذه الظاهرة إلى الفروقات بين سرعة الضوء وسرعة الصوت. وفي هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل أسباب هذا الاختلاف، وكذلك بعض المعلومات العلمية المتعلقة بكل من البرق والرعد، وكيفية حدوثهما.
ما هو البرق؟
البرق هو تفريغ كهربائي يحدث بين السحب أو بين السحب والأرض. في الأساس، يحدث هذا التفريغ نتيجةً لتراكم شحنات كهربائية داخل السحب. وعندما يصبح الفرق بين الشحنات كبيرًا جدًا، يتفجر الهواء المسبب في الوميض الذي نراه كـ “برق”. هذا التفريغ ينتج عنه حرارة هائلة تصل إلى درجة حرارة تزيد عن 30,000 درجة مئوية، أي ما يقارب خمس مرات حرارة سطح الشمس.
ما هو الرعد؟
الرعد هو الصوت الذي نسمعه نتيجة للبرق. حيث إن التفريغ الكهربائي الناتج عن البرق يسبب تمددًا مفاجئًا في الهواء المحيط، مما يؤدي إلى حدوث موجة صوتية تشبه الانفجار. تنتشر هذه الموجة الصوتية عبر الأجواء بسرعة معينة، وبالتالي نسمعها على شكل صوت متقطع أو مستمر، يختلف باختلاف المسافة بيننا وبين موقع البرق.
الفرق بين سرعة الضوء وسرعة الصوت
السبب الأساسي الذي يجعلنا نرى البرق أولًا قبل سماع الرعد يكمن في الفروقات بين سرعة الضوء وسرعة الصوت. الضوء ينتقل بسرعة فائقة تبلغ حوالي 300,000 كيلومتر في الثانية، بينما تنتقل الموجات الصوتية بسرعة أقل بكثير، إذ تبلغ سرعتها في الهواء حوالي 343 مترًا في الثانية. وبالتالي، فإن الضوء الذي نراه خلال حدوث البرق يصل إلينا في لحظات، بينما الصوت يستغرق وقتًا أطول للوصول إلينا.
كيف تؤثر المسافة في سماع الرعد؟
كلما كانت المسافة بيننا وبين مكان البرق أكبر، كلما استغرقنا وقتًا أطول لسماع الرعد بعد رؤية البرق. وهذه الظاهرة يمكن أن تُفسر بسهولة من خلال معادلة بسيطة: إذا كنت بعيدًا عن مكان حدوث البرق، سيتعين على الصوت أن يسافر مسافة أطول ليصل إليك، وبالتالي ستستغرق عملية سماع الرعد وقتًا أطول.
فمثلًا، إذا كنت على بعد كيلومتر واحد من مكان حدوث البرق، فستستغرق الموجة الصوتية حوالي ثلاث ثوانٍ للوصول إليك. إذا كنت على بعد 10 كيلومترات، فستستغرق الموجة الصوتية حوالي 30 ثانية. وهذا يعني أنه كلما زادت المسافة، زادت فترة الزمن بين البرق والرعد.
كيف يمكن تحديد المسافة بيننا وبين البرق؟
هناك طريقة بسيطة يمكن من خلالها تقدير المسافة بيننا وبين موقع البرق بناءً على الفارق الزمني بين رؤية البرق وسماع الرعد. حيث يمكن استخدام قاعدة “خمس ثوانٍ لكل كيلومتر”. على سبيل المثال، إذا كنت ترى البرق ثم تسمع الرعد بعد 15 ثانية، فهذا يعني أن المسافة بينك وبين مكان البرق هي حوالي 3 كيلومترات.
لماذا البرق أقوى في بعض الأحيان؟
تتفاوت شدة البرق بناءً على عدة عوامل، منها حجم السحابة وتراكم الشحنات الكهربائية فيها. بعض السحب تحمل شحنات كهربائية أكثر من غيرها، مما يؤدي إلى حدوث تفريغات كهربائية أكثر قوة أو أكثر تكرارًا. كما أن عوامل أخرى مثل الظروف الجوية والرياح قد تؤثر أيضًا في شدة البرق.
تأثير البرق على البيئة
يمكن أن يكون للبرق تأثيرات بيئية خطيرة، منها:
-
الحرائق: البرق يمكن أن يؤدي إلى إشعال الحرائق في الغابات أو الأراضي الزراعية، خاصة إذا كانت السحب تحمل شحنات كهربائية قوية.
-
التلف في الأبنية: في بعض الحالات، يمكن للبرق أن يضرب المباني، مما يؤدي إلى تلف في الأنظمة الكهربائية أو حتى انهيار المباني في بعض الحالات النادرة.
-
الخطر على الإنسان: قد يتسبب البرق في صدمات كهربائية شديدة للإنسان في حال تعرضه مباشرة لحدث البرق، مما يؤدي إلى إصابات خطيرة أو حتى الوفاة.
العلاقة بين البرق والرعد في الثقافات المختلفة
البرق والرعد كانا دائمًا مصدرًا للدهشة والخوف في العديد من الثقافات حول العالم. في العصور القديمة، كان يتم تصوير البرق كعلامة على غضب الآلهة، كما كان الرعد يُنظر إليه على أنه صوت تلك الآلهة. في العديد من الأساطير، يُعتقد أن البرق هو سلاح الآلهة أو تجسيد لقوة خارقة للطبيعة.
الرعد والبرق في العلوم الحديثة
في العصر الحديث، وبعد تقدم العلوم، أصبحنا نفهم أن البرق والرعد ظاهرتان طبيعيّتان ناتجتان عن تفاعلات في الغلاف الجوي. ومع ذلك، يظل البرق والرعد من الظواهر التي تثير الإعجاب لدى العلماء والمواطنين على حد سواء.
في الختام، تبقى ظاهرة البرق والرعد من أكثر الظواهر الجوية إثارةً للدهشة. ورغم أننا قد نرى البرق أولًا قبل سماع الرعد، إلا أن فهمنا لهذه الظواهر، وخاصة السرعة الفائقة للضوء مقارنةً بسرعة الصوت، يعزز قدرتنا على تفسير العالم الطبيعي المحيط بنا.
