فضل سبحان الله وبحمده

فضل قول “سبحان الله وبحمده” وأثره في حياة المسلم

تُعد العبارة القرآنية “سبحان الله وبحمده” من أكثر الأذكار التي وردت في السنة النبوية الشريفة، وهي من الكلمات التي تجمع بين التسبيح والحمد، وهما من أعظم الأعمال القلبية التي يتقرب بها العبد إلى ربه. فما زالت هذه العبارة تحمل معانٍ روحية عميقة وأثرًا نفسيًا وجسديًا وفكريًا لا يقدر بثمن، فضلًا عن الأجر العظيم الذي وُعد به من قالها. في هذا المقال سيتم التوسع في شرح فضل هذه العبارة، دلالتها، كيف يُؤثر تكرارها في حياة المسلم، وأهميتها في القرآن والسنة.

تعريف العبارة وأبعادها اللغوية والشرعية

“سبحان الله وبحمده” عبارة مركبة تحمل معنيين رئيسيين:

• سبحان الله: تعني تنزيه الله عن كل نقص وعيب، فهي تنقية لله من كل ما لا يليق بجلاله وعظمته. “سبحان” تفيد التقديس والتنزيه المطلق لله.

• وبحمده: تعني الثناء والشكر لله تعالى، فالحمد هو الاعتراف بجميل الله وفضله، والامتنان له على نعمائه الكثيرة.

عندما تُجمع هاتان الكلمتان، يكون العبد قد أشاد بجلال الله وتنزيهه، وفي نفس الوقت أشاد بحسن خلقه ورحمته، وامتدح ربه بحمد صادق ينبع من القلب. هذه العبارة تمثل جوهر العقيدة الإسلامية التي تقوم على توحيد الله وتنزيهه، والحمد له على نعمه.

مكانة “سبحان الله وبحمده” في القرآن والسنة

لم تذكر العبارة “سبحان الله وبحمده” بشكل صريح في القرآن الكريم، لكن التسبيح بالحمد وارد في آيات كثيرة. أما في السنة النبوية فقد وردت في عدة أحاديث تدل على عظم فضلها.

قال النبي محمد ﷺ:

“من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.”

(رواه البخاري ومسلم)

وهذا الحديث يدل على أن لهذه العبارة قوة روحية كبيرة في تطهير النفس والذنب. كما ورد أن النبي ﷺ قال:

“أحب الكلام إلى الله تعالى: سبحان الله وبحمده.”

(رواه البخاري)

هذه الأحاديث تبين أن هذه العبارة ليست مجرد ذكر عادي، بل هي ذكر له مكانة عظيمة عند الله.

الأثر الروحي والنفسي لذكر “سبحان الله وبحمده”

الذكر من أهم الوسائل التي يقرب بها العبد نفسه من ربه، و”سبحان الله وبحمده” هو من أفضل الأذكار التي تهذب النفس وتزيد من تقوى القلب. حيث أن هذا الذكر:

• ينقي القلب من الغل والحقد: ذكر الله وتنزيهه يجلي القلوب من كل ما يفسدها من أحقاد وحسد.

• يزيد الطمأنينة والسكينة النفسية: تكرار ذكر التسبيح يزرع في النفس شعورًا بالراحة والطمأنينة، لأن القلب حين يتذكر عظمة الله ويثني عليه يغسل من هموم الدنيا.

• يعزز الصلة بالله: كلما ذكر العبد الله بهذه العبارة، يزيد تعلقه بربه، وينمو إيمانه.

هذا الأثر النفسي مذكور في العديد من الدراسات التي بينت أن الذكر يساعد في تقليل التوتر والقلق، ويعزز من التوازن النفسي، كما أن تكرار التسبيح يساعد في تهدئة الجهاز العصبي.

الأجر العظيم المترتب على قول “سبحان الله وبحمده”

الأحاديث النبوية المتواترة تؤكد أن من قال “سبحان الله وبحمده” مائة مرة في اليوم يحصل على مغفرة ذنوبه، مهما كثرت. وهذا يعود لعدة أسباب:

• العبادة تخلص الذنوب: قال تعالى في القرآن الكريم:
  
  “إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ” (هود: 114)
  
  وذكر الله من أعظم الحسنات التي تمحو السيئات.

• كثرة الذكر دليل على الإيمان: قال تعالى:
  
  “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ” (الرعد: 28)
  
  فالقلب الذي يطمئن بالذكر لا يبقى له أثر للذنوب.

• الذكر يرفع الدرجات: قال النبي ﷺ:
  
  “ما من عبد يقول في كل يوم مائة مرة: سبحان الله وبحمده إلا كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة.”
  
  (رواه البخاري ومسلم)

كل هذه الأدلة تشير إلى أن هذا الذكر ليس مجرد كلمة تقال، بل له أبعاد عميقة من حيث الأجر، المغفرة، والرفع في الدرجات.

تأثير العبارة في بناء الشخصية الإسلامية المتزنة

الذكر المستمر وخاصة “سبحان الله وبحمده” ينمي في الإنسان صفات التقوى والخشوع وحسن الظن بالله. فهذه العبارة تعلّم المسلم أن يتنزه عن صغائر الأمور، ويؤمن بأن الله عز وجل كامل في صفاته، لا يعتريه نقص، وهذا يدفعه إلى التواضع بين الناس، والاعتماد الكامل على الله.

أيضًا، الثناء على الله بالحمد يزرع في النفس روح الشكر، وهي من أعظم القيم الإسلامية التي تقود إلى السعادة في الدنيا والآخرة. فالمؤمن الذي يشكر الله يحمده على كل حال، ويعيش حياة قناعة ورضا.

علاقة “سبحان الله وبحمده” بالتسبيحات والأذكار الأخرى

عبارة “سبحان الله وبحمده” هي من أسمى أنواع التسبيح، وهي شاملة لمعاني التنزيه والحمد، لكنها ليست الوحيدة في الذكر. هناك العديد من الأذكار الأخرى كـ:

• “سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم”

• “لا إله إلا الله”

• “الحمد لله”

• “الله أكبر”

لكن “سبحان الله وبحمده” تتميز بأنها تجمع بين ذكر التنزيه عن العيوب وذكر الثناء والحمد، وهو ما يجعلها متكاملة في معانيها.

استخدامات عملية في حياة المسلم

يمكن للمسلم أن يجعل من قول “سبحان الله وبحمده” عادة يومية تُعزز من إيمانه وتطهر قلبه، وهذا يتم عبر:

• ترديدها بعد الصلاة

• قولها أثناء التنقل في العمل أو المنزل

• إدخالها في أوقات الذكر المختلفة، مثل الأذكار الصباحية والمسائية

• استحضار معانيها عند الشدائد والرخاء

هذه العبارة بسيطة يسيرة الحفظ، لكنها عميقة في الأثر، ما يجعلها أداة روحية متاحة لكل مسلم في أي وقت وأي مكان.

جدول يوضح أجر قول “سبحان الله وبحمده” حسب الأحاديث النبوية

مصادر ومراجع

1. صحيح البخاري، كتاب الذكر والدعاء، حديث رقم: 6406

2. صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء، حديث رقم: 2729

هذا التفصيل الموسع يعكس عمق الأثر الروحي والعقائدي الذي تحمله كلمة “سبحان الله وبحمده”، ويبين أهميتها في حياة كل مسلم يسعى لتقوية علاقته بالله، وتطهير قلبه من الذنوب، والعيش في حالة من السكينة والرضا.