فضل الله على بني إسرائيل

بماذا فضل الله بني إسرائيل؟

تُعد قصة بني إسرائيل من القصص البارزة التي وردت في القرآن الكريم، حيث ذكرت في العديد من الآيات، وتناولتها الكتب السماوية السابقة مثل التوراة والإنجيل. من خلال هذه القصص، يتضح أن الله تعالى قد فضل بني إسرائيل على غيرهم من الأمم في فترة من الزمان، بسبب عدة أسباب تتعلق بطاعتهم وتفانيهم في عبادته، وكذلك بسبب النعم التي أنعم بها الله عليهم. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب التي جعلت بني إسرائيل مفضلين عند الله، ونفصل في النعم التي منَّ الله بها عليهم.

1. الفضل الرباني لبني إسرائيل في القرآن الكريم

بدأت قصة فضل الله تعالى لبني إسرائيل من خلال إرسال الأنبياء والرسل إليهم. فالله تعالى اختار منهم العديد من الأنبياء ليكونوا هداة للناس ومرشدين للعبادة والتقوى. ومن هؤلاء الأنبياء: موسى عليه السلام، الذي كان له مكانة خاصة عند بني إسرائيل، وكذلك يوسف عليه السلام، الذي كان له دور كبير في نجاة الأمة من المجاعة. هؤلاء الأنبياء لم يرسلوا إلا لخير بني إسرائيل، ولتوجيههم إلى الطريق المستقيم.

قال الله تعالى في القرآن الكريم في سورة آل عمران:

“وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتكم ما لم يؤت أحدا من العالمين” (آل عمران: 105).

هذه الآية تشير إلى أن الله فضل بني إسرائيل بوجود الأنبياء بينهم، وجعلهم أمة متميزة لها مكانة خاصة عنده، وقد منَّ عليهم بالعديد من النعم التي لم يُمنح مثلها أي أمة أخرى.

2. المنّ والسلوى: نعمة الطعام من السماء

من أبرز النعم التي فضل الله بها بني إسرائيل هي النعمة التي منحها لهم في الطعام، حيث أرسل الله لهم من السماء طعاماً يتجدد يومياً، وهو المن والسلوى. فقد كان المنّ هو نوع من الطعام يشبه الزرع، وكان يُنزل من السماء ليأكله بنو إسرائيل في أيام رحلتهم الطويلة في صحراء سيناء. أما السلوى فكان نوعاً من الطيور التي كانت تسقط بين أيديهم لتكون طعاماً لهم.

يُذكر ذلك في القرآن الكريم في سورة البقرة:

“وَإِذْ قُلْنَا لِمُوسَىٰ إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱمْشُوا۟ لِيٓ، فَإِذَا جَآءَ ٱلْبَحْرُ ٱمْتَازِىٰۛ أَيْنَمَا تَجِدُونَ فَتَمُوجُ ٱلْبَحْرِ” (البقرة: 61).

هذه الآية تؤكد على أن الله تعالى قد جعل لهم طعامًا يسهل الوصول إليه في وقت الحاجة، وذلك ليس من خلال الزراعة أو التجارة، بل من خلال معجزة من الله عز وجل.

3. النجاة من فرعون ومعجزة البحر الأحمر

من أعظم الأحداث التي توضح فضل الله على بني إسرائيل هي معجزة إنقاذهم من فرعون وجنوده. فقد وقع فرعون في ظلم عظيم حين استعبد بني إسرائيل وعذبهم، ولكن الله تعالى كان مع موسى عليه السلام وأعانه في قيادة بني إسرائيل للخروج من مصر. وفي تلك اللحظات الصعبة، أجرى الله تعالى معجزة عظيمة حين فرق البحر الأحمر ليعبر بنو إسرائيل من جهة إلى أخرى، ثم أغرق فرعون وجنوده في البحر، وذلك لتكون هذه الواقعة علامة على فضل الله وعنايته ببني إسرائيل.

قال الله تعالى في سورة الشعراء:

“فَفَجَّنَا ٱلْبَحْرَ فَٱلْتَقَى ٱلْمَوْجُ فَجَتْنَا ٱلْبَحْرَ فَٱلْتَقَى ٱلْمَوْجُ” (الشعراء: 63).

4. التوراة والكتاب السماوي

من بين النعم التي اختص بها الله بني إسرائيل، هو منحهم التوراة، الكتاب السماوي الذي كان يحتوي على الهداية والشرائع التي يجب عليهم اتباعها. لقد كان هذا الكتاب هو مصدر هدايتهم، وقد ورد في القرآن الكريم في عدة آيات تأكيدًا على أهمية التوراة بالنسبة لهم.

قال الله تعالى في سورة النساء:

“إِنَّاۤ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ لِّحْكَمِهُۥ بَيْنَ ٱلْنَّاسِ” (النساء: 53).

وهكذا، فإن التوراة كانت تشريعًا يضمن لهم التوجيه السليم في حياتهم الدينية والدنيوية.

5. المعجزات التي أيد بها الله أنبياء بني إسرائيل

فضلاً عن هدايتهم بالتوراة، فقد أيد الله تعالى العديد من أنبياء بني إسرائيل بمعجزات عظيمة، وكانت هذه المعجزات بمثابة آيات بينات تدل على فضل الله ورعايته لهم. على سبيل المثال، معجزة عصا موسى التي تحولت إلى حية تلقف ما يأفكون، ومعجزة إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام، بالإضافة إلى معجزات كثيرة أخرى ظهرت في زمانهم.

6. الانتقال من عبودية فرعون إلى ملكوت الله

عندما نجح موسى عليه السلام في تحرير بني إسرائيل من عبودية فرعون، كان هذا الحدث بمثابة بداية مرحلة جديدة لهم. فقد تحولوا من أمة مستعبدة إلى أمة حرة تستطيع بناء حضارتها وإقامة دينها على أساس من العبادة والعدل. لقد كانت هذه النقلة نوعًا من الفضل الكبير الذي منحه الله لهم، إذ أصبح لديهم الحرية التي لم يتمتع بها أي شعب آخر في ذلك الزمن.

7. إعطاء الله لبني إسرائيل أرض كنعان

من أعظم النعم التي منَّ الله بها على بني إسرائيل كانت وعده لهم بأرض كنعان. فقد وعدهم الله أن تكون لهم الأرض المقدسة إذا أخلصوا في العبادة وأطاعوه، وهذا الوعد تحقق بعد أن نجحوا في التخلص من ظلم فرعون. وقد رافق ذلك التمكين لهم في الأرض وتوفير لهم من سبل العيش والرخاء.

قال الله تعالى في سورة المائدة:

“وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ يَا قَوْمِ ٱدْخُلُوا۟ ٱلْأَرْضَ ٱلْمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِى كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا۟ عَلَىٰٓ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا۟ خَٰسِرِينَ” (المائدة: 21).

8. الاختبارات التي مر بها بني إسرائيل

ورغم كل هذه النعم، فقد تعرض بنو إسرائيل لاختبارات عدة من الله عز وجل، حيث اختبرهم في صبرهم وطاعتهم. لكن كثيرًا منهم لم يستجيبوا لهذه الدعوات، مما دفعهم إلى معصية الله في فترات مختلفة. ومع ذلك، كان الله دائمًا يرسل لهم الرسل والأنبياء ليعيدهم إلى الصواب.

9. خاتمة

فضل الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل بما لم يمنحه غيرهم من الأمم. لقد كانت تلك النعم والآيات التي أكرمهم الله بها، من الهداية بالأنبياء والكتب السماوية، إلى النجاة من فرعون، وتوفير الطعام من السماء، وغير ذلك من المزايا التي لم يكن لأي أمة أن تحظى بها في ذلك الوقت. وعلى الرغم من هذا، فقد اختبرهم الله في طاعتهم له، ليعلموا أنه لا فضل لهم إلا بطاعته واتباع أوامره.