فضل العلم والعلماء في الإسلام

فضل العلم والعلماء للأطفال

يُعدّ العلم من أعظم النعم التي وهبها الله للإنسان، وهو السبيل إلى الرقي والتقدّم، وبه تنهض الأمم وتُبنى الحضارات وتُضاء العقول. وقد حثّ الإسلام على طلب العلم ورفع من شأن العلماء، حتى أن أول آية نزلت في القرآن كانت دعوة للقراءة والعلم، قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]. ويكتسب شرح فضل العلم والعلماء أهمية كبيرة عند مخاطبة الأطفال، لأن غرس قيمة العلم في نفوسهم منذ الصغر يثمر أجيالًا محبة للمعرفة، متطلعة للنهضة، واعية بمكانتها ودورها في المجتمع.

أولًا: معنى العلم ولماذا نحتاجه

العلم هو معرفة الأشياء كما هي، سواء كانت عن طريق التعلم في المدارس، أو من خلال القراءة، أو التجربة، أو الاستماع إلى المعلمين والعلماء. وهو يشمل جميع المجالات: من العلوم الشرعية، إلى العلوم الطبيعية كالرياضيات، والفيزياء، والطب، والهندسة، وحتى الفنون والآداب.

العلم يجعل الإنسان يميز بين الخير والشر، ويعرف طريق النجاح، ويكتسب مهارات مفيدة، كما يجعله قادرًا على خدمة نفسه ومجتمعه بطريقة صحيحة.

فالطفل الذي يتعلم منذ صغره، يصبح قادرًا على تحقيق أحلامه في المستقبل، ويكون له دور مؤثر في بيئته وأسرته ووطنه.

ثانيًا: مكانة العلم في الإسلام

الإسلام دين يحث على التفكير والتأمل والتعلّم، وقد جاء في القرآن الكريم أكثر من 750 موضعًا تحث على العلم والعقل والمعرفة. وجعل الله العلماء في منزلة عالية جدًا، فقال سبحانه:

﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11].

كما قال رسول الله ﷺ:

“من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة” [رواه مسلم].

وهذا الحديث يعلم الطفل أن طلب العلم ليس مجرد واجب، بل هو طريق موصل إلى الجنة، وهو عبادة يحبها الله.

ثالثًا: العلماء نجوم يُهتدى بها

العلماء هم الأشخاص الذين اجتهدوا في طلب العلم، وكرّسوا حياتهم في نشره وتفسيره وتوجيه الناس إلى الصواب. وهم ورثة الأنبياء، لأن الأنبياء لم يورّثوا مالًا، بل ورّثوا العلم، فمن أخذه فقد أخذ خيرًا كثيرًا.

قال النبي محمد ﷺ:

“إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورّثوا العلم” [رواه الترمذي].

وفي هذا تعليم للأطفال أن العلماء لا يُقاس فضلهم بالمال أو الثروة، بل بما يحملونه من نور العلم الذي ينير للناس الطريق الصحيح.

رابعًا: العلم يقود إلى العمل النافع

العلم الحقيقي ليس فقط في معرفة المعلومات، بل في تطبيقها في الحياة اليومية. فعندما يتعلم الطفل كيف يحافظ على نظافته، أو كيف يعتني بصحته، أو كيف يساعد الآخرين، فإنه يستخدم علمه في عمل الخير.

والعلم النافع هو الذي يعود بالخير على الإنسان وغيره، ولذلك يقول النبي ﷺ:

“إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له” [رواه مسلم].

فعندما يتعلم الطفل شيئًا مفيدًا ويعلّمه لغيره، فإنه يساهم في نشر الخير، وقد يستمر أثر ذلك العلم حتى بعد وفاته، وهذا فضل عظيم.

خامسًا: نماذج من علماء أفادوا البشرية

من المفيد للأطفال أن يعرفوا قصصًا حقيقية عن علماء مسلمين قدّموا خدمات جليلة للإنسانية، ومن هؤلاء:

هذه النماذج تُعلّم الطفل أن المسلم يمكن أن يكون متفوقًا في العلم، ومفيدًا للعالم، وأن الإسلام يشجّع على التفكير والابتكار.

سادسًا: كيف نغرس حب العلم في نفس الطفل

يبدأ حب العلم من الأسرة أولًا، ثم المدرسة والمجتمع. وهناك عدة وسائل تساعد في تنمية هذه القيمة في الطفل:

1. القدوة الصالحة: عندما يرى الطفل والده يقرأ، وأمه تتعلّم، أو أخاه يتابع دروسه بجدية، فإنه يقتدي بهم.

2. تشجيع الأسئلة: يجب أن يُسمح للطفل بطرح الأسئلة مهما كانت، وأن يُجاب عليها بطريقة محببة وواضحة.

3. القصص العلمية: قراءة كتب وقصص عن العلماء واكتشافاتهم تساعد في ربط العلم بالمتعة.

4. الزيارات التعليمية: مثل زيارة المتاحف، المعارض، مراكز العلوم، تشعل شغف الطفل بالاكتشاف.

5. مكافأة التعلّم: تقديم حوافز بسيطة عند تحقيق تقدم دراسي أو اكتساب مهارة جديدة.

سابعًا: أنواع العلوم التي يحتاجها الطفل

ليس هناك علم واحد فقط مفيد، بل توجد أنواع كثيرة من العلوم التي يجب على الطفل أن يتعرّف عليها، ومنها:

• العلوم الشرعية: مثل تعلم القرآن، الحديث، والآداب الإسلامية.

• العلوم الطبيعية: كالرياضيات، العلوم، والفيزياء.

• العلوم الاجتماعية: كالتاريخ، الجغرافيا، والثقافة العامة.

• العلوم التقنية: كالحاسوب والبرمجة والتكنولوجيا الحديثة.

• الفنون والآداب: كالرسم، والكتابة، والموسيقى الهادفة.

كل علم من هذه العلوم يكمل الآخر، ويكوّن شخصية متكاملة لدى الطفل، تجمع بين الدين والدنيا، وبين التفكير والإبداع.

ثامنًا: أثر العلم على حياة الطفل ومستقبله

عندما يتعلّم الطفل ويحرص على التفوق، فإنه يضع حجر الأساس لمستقبل مشرق. فالعلم يمكنه من:

• اختيار المهنة المناسبة.

• خدمة دينه ووطنه.

• الإبداع والابتكار في مجاله.

• أن يكون شخصًا نافعًا لغيره.

• أن يحظى بمكانة اجتماعية مرموقة.

كل ذلك يجعل الطفل يشعر بالفخر والاعتزاز بما يملكه من علم، ويحرص على تطويره دائمًا.

تاسعًا: مكانة المعلم في الإسلام

كما أن للعلم مكانة، فإن للمعلم منزلة عظيمة أيضًا. فالمعلم هو الذي ينقل العلم للآخرين، ويهذّب العقول، ويزرع القيم. وقد قال الشاعر:

قُمْ لِلْمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبْجِيلا

كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا

وقد حث الإسلام على احترام المعلمين وتقديرهم، لأنهم يسيرون على خُطى الأنبياء في تعليم الناس الخير.

عاشرًا: العلم أمانة ومسؤولية

العلم ليس وسيلة للغرور أو التعالي على الآخرين، بل هو أمانة ومسؤولية. فعندما يعرف الطفل شيئًا، عليه أن يستخدمه لنفع الناس، وليس لإيذائهم أو التقليل منهم. والإنسان كلما زاد علمه، زاد تواضعه، لأن العلم الحق يقود إلى الخشية من الله، قال تعالى:

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].

خاتمة: غرس جذور العلم في الصغر

العلم هو الثروة الحقيقية التي لا تزول، وكل طفل يُمنح فرصة التعلم، عليه أن يستغلها بكل جهد وإصرار. وغرس حب العلم في الأطفال، وتقديم العلماء كنماذج يُحتذى بها، من شأنه أن يُنبت جيلًا محبًا للمعرفة، واعيًا بمسؤولياته، يسعى للخير والنفع، ويرتقي بنفسه وأمته نحو أعلى المراتب.

المراجع:

1. صحيح مسلم

2. تفسير الطبري – دار المعارف