فضل السنن الرواتب وأهميتها

فضل المحافظة على السنن الرواتب

السنن الرواتب هي صلاة النفل التي يؤدّيها المسلم قبل أو بعد الصلوات المفروضة، وهي إحدى السنن التي لها فضل عظيم وأجر كبير في الإسلام. هذه السنن تمثل جزءًا من العبادة اليومية التي يحرص المسلم على أداءها بشكل مستمر، لما لها من فوائد روحانية وأخروية كبيرة، بالإضافة إلى ما توفره من تقوية للصلة بين العبد وربه. إن الحفاظ على السنن الرواتب يعتبر من الأسس التي يبني عليها المسلم تقواه وطاعته، وهي واحدة من أرقى العبادات التي يمكن أن يؤديها المسلم في حياته اليومية.

مفهوم السنن الرواتب

السنن الرواتب هي صلوات تطوعية تؤدى قبل أو بعد الصلوات المكتوبة. وهي تشكل جزءاً أساسياً من السُنن التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يداوم على أداءها، وقد أوصى المسلمين بها في العديد من الأحاديث الشريفة. وتتمثل السنن الرواتب في:

1. السنن القبلية: وهي التي تؤدى قبل الصلاة المكتوبة. مثل:

   • ركعتان قبل صلاة الفجر.

   • أربع ركعات قبل صلاة الظهر.

   • ركعتان قبل صلاة العصر.

2. السنن البعدية: وهي التي تؤدى بعد الصلاة المكتوبة. مثل:

   • ركعتان بعد صلاة الظهر.

   • ركعتان بعد صلاة المغرب.

   • ركعتان بعد صلاة العشاء.

الأدلة الشرعية على فضل السنن الرواتب

توجد العديد من الأحاديث الشريفة التي تبين فضل السنن الرواتب وأهمية الحفاظ عليها. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: “ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى في يوم وليلة أربعاً وعشرون ركعة سوى الفريضة، إلا بنى الله له بيتاً في الجنة”. وهذا الحديث يشير إلى عظمة الأجر المترتب على أداء السنن الرواتب.

وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعاً قبل الظهر، وركعتين قبل الفجر”. وفي حديث آخر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حافظ على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، بنى الله له بيتاً في الجنة”، وذلك في إشارة إلى السنن الرواتب التي يؤديها المسلم طوال اليوم.

أجر الصلاة على السنن الرواتب

إن الصلاة على السنن الرواتب تمنح المسلم أجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة. يعتقد المسلمون أن هذه الصلوات تساهم في تطهير القلب والنفس، وتزيد من قوة الإيمان. ومن أهم الأجر الذي يحصل عليه المسلم من أداء السنن الرواتب هو:

• رفع الدرجات: إن من أسباب الرفع في الدرجات يوم القيامة هو المحافظة على السنن الرواتب، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي: “إن في الجنة درجات لا ينالها إلا من صام وصلى”.

• إكمال النقص في الفريضة: فالصلاة المفروضة قد يصيبها نقص بسبب قلة الخشوع أو الأخطاء التي قد تحدث فيها، وعليه فإن السنن الرواتب تأتي لتكمل ذلك النقص وتزيد من قبول الصلاة.

• تطهير النفس: كما أن السنن الرواتب تساعد في تهذيب النفس وتزكيتها، فهي تعود المسلم على الصبر، والتواضع، وتقوية العلاقة بالله تعالى.

أثر السنن الرواتب على حياة المسلم

إضافة إلى الأجر العظيم الذي يحصل عليه المسلم من أداء السنن الرواتب، فإن لها أيضًا آثارًا واضحة على حياة المسلم اليومية:

1. زيادة القرب من الله تعالى: إن أداء السنن الرواتب يشكل وسيلة تقوية العلاقة مع الله تعالى. فالعبد كلما استمر في أداء هذه الصلوات زادت صلته بخالقه، وشعر بمزيد من التوفيق في حياته.

2. تعزيز الراحة النفسية: تساعد السنن الرواتب على تهدئة النفس ورفع الضغط النفسي. فالوقوف بين يدي الله والتوجه إلى الصلاة يمنح الراحة والسكينة في قلب المسلم، خاصة في أوقات التوتر والقلق.

3. المحافظة على الروحانية: تساعد السنن الرواتب المسلم على الحفاظ على الروحانية والاتصال الدائم مع الله. فهي تذكير دائم بمواعيد الصلاة والعبادة، وتؤدي إلى تعزيز التركيز على ما يرضي الله تعالى.

السنن الرواتب في السنة النبوية

كانت السنن الرواتب جزءًا أساسيًا من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في العديد من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على أداء هذه الصلوات في أوقات مختلفة من اليوم.

1. السنن القبلية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على أداء ركعتين قبل صلاة الفجر، كما كان يداوم على أربع ركعات قبل الظهر وركعتين قبل العصر.

2. السنن البعدية: أما بالنسبة للسنن البعدية، فقد كان يحرص على أداء ركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء. هذه السنن كانت تعد جزءًا من العبادة اليومية التي يحرص عليها المسلم.

الحفاظ على السنن الرواتب في العصر الحديث

في العصر الحديث، حيث يعاني المسلمون من مشاغل الحياة اليومية وضغوط العمل، قد يجد البعض صعوبة في الحفاظ على السنن الرواتب. لكن من المهم أن يدرك المسلمون أن هذه السنن ليست مجرد عبادات شكليّة، بل هي فرصة عظيمة للتواصل مع الله، وتمنح حياة الإنسان طابعًا روحانيًا عميقًا.

هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها المسلم الحفاظ على السنن الرواتب في العصر الحالي، مثل:

• الاستيقاظ باكرًا: تنظيم الوقت من خلال الاستيقاظ قبل الفجر والحرص على أداء ركعتي الفجر.

• الاهتمام بالوقت: تخصيص وقت معين في اليوم لأداء السنن الرواتب، حتى وإن كانت فترة قصيرة.

• الاستفادة من فترات الراحة: يمكن للمسلم أن يستفيد من أوقات الراحة في العمل أو الدراسة لأداء بعض السنن البعدية مثل ركعتي المغرب والعشاء.

• التركيز على النية: قبل كل شيء، يجب أن تكون النية صادقة في أداء هذه السنن، فكلما كانت النية خالصة لله، كان الأجر أكبر.

السنن الرواتب وعلاقتها بالصلاة المفروضة

السنن الرواتب ليست بديلاً عن الصلاة المفروضة، بل هي مكملة لها. الصلاة المفروضة هي ركن من أركان الإسلام، في حين أن السنن الرواتب تمثل عبادات تطوعية يتقرب بها المسلم إلى الله. إن أداء السنن الرواتب يساعد على زيادة الثواب والتقوى، ويجعل المسلم أكثر استعدادًا للاستجابة للنداء الإلهي.

الخاتمة

إن المحافظة على السنن الرواتب أمر مهم وضروري في حياة المسلم اليومية، فهي تساهم في تقوية الإيمان، وتطهير النفس، ورفع الدرجات في الجنة. كما أن لها العديد من الفوائد الروحانية والنفسية التي تجعل المسلم في حالة تواصل دائم مع الله، وتمنحه الراحة والسكينة في حياته. على المسلم أن يحرص على أداء هذه السنن بانتظام، وأن يجعلها جزءًا من عباداته اليومية، فهو بذلك يحقق مكاسب عظيمة في الدنيا والآخرة.

المراجع

• صحيح مسلم

• الترمذي