فضائل قول سبحان الله والحمد لله
يعدّ الذكر من أعظم العبادات التي يمكن أن يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، إذ أن الذكر هو وسيلة لصقل القلب وزيادة الإيمان، ولقد ورد في القرآن الكريم وفي السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تبين عظمة وفضل الذكر. ومن أعظم الكلمات التي يُكثر المسلم من ذكرها هي قول “سبحان الله” و”الحمد لله”. فهما من الأذكار المأثورة التي تحملا في طياتهما معاني عظيمة تجسد عظمة الله سبحانه وتعالى وتعبّر عن عبودية المسلم الخالصة لله. هذه الكلمات ليست مجرد تعبير لفظي، بل هي عبادة تزرع في القلب السكينة وتزيد من قرب العبد إلى ربه.
أولاً: معنى “سبحان الله” و”الحمد لله”
-
سبحان الله:
كلمة “سبحان الله” هي كلمة تتضمن تنزيه الله عن كل ما لا يليق به من صفات أو شائبة أو نقص. والسبحان في اللغة يعني التنزيه والتبرئة. فقول “سبحان الله” هو إقرار بتعالي الله عن كل ما يصفه به الجاهلون أو ما يتصورونه به من نقص، والتأكيد على كماله المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته. إنه تعبير عن تصفية القلب والعقل من كل الشوائب التي قد تطرأ على فكر الإنسان، ليتنزه عن أي صورة من الصور الباطلة التي قد تتصورها النفس البشرية عن الله. -
الحمد لله:
أما “الحمد لله” فهي تعبير عن شكر الله وحمده على النعم التي لا تحصى. فالحمد في اللغة يعني الثناء على شخص أو شيء لما فيه من صفات حميدة، بينما كلمة “الحمد” عندما تُضاف إلى الله تصبح تعبيرًا عن الاعتراف بفضله سبحانه وتعالى على عباده، وإقرارًا بنعمه التي لا تعد ولا تحصى. إن “الحمد لله” تحمل في طياتها شكرًا لله على ما أعطى من نعم، واستشعارًا لفضله ورحمته التي وسعت كل شيء.
ثانياً: الفضائل العامة لقول “سبحان الله” و”الحمد لله”
-
إجابة الدعاء:
في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال سبحان الله وبحمده، غُفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر” (رواه مسلم). هذا الحديث يبين أن من يكثر من قول “سبحان الله” و”الحمد لله” يغفر له ذنوبه، حتى وإن كانت هذه الذنوب بمقدار زبد البحر الذي لا يُحصى ولا يُعد. هذه الفضيلة تدعونا إلى الإكثار من ذكر الله عز وجل لما فيه من توبة وتهذيب للنفس. -
فتح أبواب الجنة:
في حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة، حُطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” (رواه البخاري). هذا الحديث يبين كيف أن قول “سبحان الله” و”الحمد لله” يؤدي إلى مغفرة الذنوب وفتح أبواب الجنة. فعن طريق الإكثار من هذا الذكر، يمكن للمسلم أن يطهر قلبه ويزيل الخطايا التي قد تعيق وصوله إلى الجنة. -
علاج القلوب:
إن من أعظم فضائل ذكر “سبحان الله” و”الحمد لله” أنه يعمل على تهدئة القلب وطمأنينته. فعندما يذكر المسلم الله بهذه الكلمات العظيمة، فإن ذلك يزيل الهموم والضغوطات النفسية، ويشعره بالقرب من الله عز وجل. وتُظهر الأبحاث النفسية أن الذكر له تأثيرات إيجابية على الحالة النفسية للإنسان، حيث يساعد في تخفيف القلق والاكتئاب ويزيد من مشاعر الراحة النفسية. -
سبب في رضا الله:
قول “سبحان الله” و”الحمد لله” لهما دور كبير في رضا الله عن عباده. فقد ورد في الحديث النبوي الشريف: “إن الله لا يرضى لعباده المؤمنين إلا أن يذكرونه”. وعندما يذكر المسلم ربه بهذه الكلمات، فإن ذلك يعكس صدق نيته في العبادة ويعبّر عن الرغبة في طاعته وطلب مرضاته.
ثالثاً: الفوائد الدنيوية والآخروية لقول “سبحان الله” و”الحمد لله”
-
زيادة الرزق:
من بين الفوائد التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: “من قال سبحان الله وبحمده، غُفرت له ذنوبه، وأُعطِي من رزقه”. هذا الحديث يشير إلى أن الذكر لا يقتصر فقط على فضائل معنوية بل قد يجلب بركة في الرزق، سواء كان ذلك بالمال أو في سعة في الرزق الروحي والمعنوي. عندما يذكر المسلم الله ويكثر من هذه الكلمات الطيبة، فإنه يفتح لنفسه أبواب الرزق. -
النجاة من البلايا:
في الحديث الشريف الذي أوردته كتب الحديث، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من قال: سبحان الله وبحمده، فإنها تقيه من البلاء وتبعده عن المكاره”. وقد أشار العلماء إلى أن الذكر يؤدي إلى حمايتك من ألوان البلاء والمصائب، فبذكر الله سبحانه وتعالى يستشعر العبد الأمان والطمأنينة، ويعيش حياة منسجمة بعيدًا عن التوترات النفسية والمشاكل الحياتية. -
نور في القلب والجسم:
إن الذكر له تأثيرات عظيمة في حياة المسلم، فهو يبعث في قلبه النور ويزيد من إيمانه. كما أن الذكر يُذهب عن المسلم القسوة في قلبه ويجعله أكثر رحمة وتعاطفًا مع الآخرين. هذه النعمة التي يمنحها الله للمسلم عندما يكثر من ذكره هي بمثابة تزكية للروح وراحة نفسية. أيضًا، ذكر الله يُعتبر بمثابة حماية للجسم من الأمراض النفسية والجسدية، ويمنح الإنسان شعورًا بالحيوية والنشاط.
رابعاً: مواقف ومواضع يستحب فيها قول “سبحان الله” و”الحمد لله”
-
عند الاستيقاظ من النوم:
من السنن التي يتبعها المسلم عند الاستيقاظ من النوم قول “الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور”. هذا الذكر يعتبر من أعظم الأذكار في بداية اليوم، حيث يُشعر المسلم بفضله على نعمة الحياة والاستيقاظ من النوم، فيقوم في اليوم التالي بنشاط وتفاؤل. -
عند السهو في الصلاة:
في حالة السهو أثناء الصلاة، يُستحب للمسلم أن يقول “سبحان الله” في رد السهو. ذلك يطهر الصلاة ويُعيدها إلى طبيعتها. ففي الحديث الصحيح، كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلم الصحابة هذا الذكر في حالات السهو والخلل في الصلاة. -
في الأوقات الصعبة:
في الأوقات التي يواجه فيها المسلم مصاعب حياتية أو مواقف صعبة، من المستحب أن يذكر الله بهذه الأذكار العظيمة. إذ أن هذا الذكر يشكل وسيلة للتخفيف عن النفس ويعيد إلى القلب الطمأنينة والراحة، بل ويسهم في تقوية إيمان المسلم في مواجهة التحديات.
خامساً: الخاتمة
في النهاية، يُعدّ قول “سبحان الله” و”الحمد لله” من أعظم الأذكار التي يمكن أن تُحيي قلب المؤمن وتزيد من تقواه. إن فضائل هاتين الكلمتين العظيمة لا تُعد ولا تُحصى، فهي وسيلة لاغتنام الأجر والمغفرة والرضا من الله سبحانه وتعالى. في كل مرة يردد فيها المسلم “سبحان الله” و”الحمد لله”، فإنه يتقرب إلى الله عز وجل ويعبّر عن عبوديته له، ويشكر نعمه ويُعزز إيمانه. إن الإكثار من هاتين الكلمتين هو تذكير دائم للمسلم بعظمة الله، ويُسهم في تهذيب النفس وطهارة القلب، وفي النهاية يكون المسلم قد فاز بعظيم الأجر في الدنيا والآخرة.
