إن الإسلام منذ بزوغه كان دينًا جمع حوله قلوب المؤمنين والمؤمنات، وكان للنساء دور بارز ومشرف في الدعوة الإسلامية منذ بدايتها. لقد كانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أول من آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هي السيدة الأولى التي دخلت في الإسلام. ولكن، حين نبحث عن ثاني امرأة دخلت في الإسلام، نجد أن الروايات تشير إلى عدة شخصيات من النساء الجليلات، اللواتي لهن أثر بالغ في تاريخ الدعوة الإسلامية.
فاطمة بنت الخطاب: نموذج المرأة المسلمة الشجاعة
من أبرز الأسماء التي ترد في هذا السياق هو اسم فاطمة بنت الخطاب، شقيقة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. كانت فاطمة بنت الخطاب من أوائل النساء اللواتي دخلن في الإسلام، وربما تكون ثاني امرأة آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم. يُذكر أن إسلامها كان له تأثير كبير على تحول عمر بن الخطاب نفسه إلى الإسلام، حيث أن حادثة إسلام عمر جاءت بعد أن علم أن شقيقته وزوجها سعيد بن زيد قد دخلا في الإسلام، ونتيجة لذلك، دخلت الأسرة بأكملها في الدين الجديد.
أسماء بنت أبي بكر: المرأة الفاضلة وأخت السيدة عائشة
أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، التي تعرف بذات النطاقين، هي أيضًا من أوائل النساء اللواتي أسلمن. كانت ابنة أبي بكر الصديق، الخليفة الأول للمسلمين، وأخت عائشة أم المؤمنين. لعبت أسماء دورًا مهمًا في الهجرة النبوية، حيث كانت تقوم بتزويد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ووالدها أبي بكر بالمؤونة أثناء اختبائهم في غار ثور قبل الهجرة إلى المدينة. تميزت أسماء بالشجاعة والتضحية، وكانت قدوة في الصبر والإيمان.
أسماء بنت عميس: الصحابية المهاجرة
أسماء بنت عميس رضي الله عنها، زوجة جعفر بن أبي طالب، هي أيضًا من أوائل من دخل في الإسلام. هاجرت مع زوجها إلى الحبشة في الهجرة الأولى والثانية، ثم إلى المدينة. تميزت أسماء بالوفاء والتضحية، وكانت من النساء اللواتي وقفن بجانب أزواجهن في أصعب المواقف، وتحملت المشاق في سبيل الله ورسوله.
استنتاج
عندما نحاول تحديد من هي ثاني امرأة دخلت في الإسلام بعد خديجة بنت خويلد، نجد أن هناك عدة روايات تذكر أسماءً متعددة. إلا أن فاطمة بنت الخطاب وأسماء بنت أبي بكر هما من أبرز المرشحات لهذا اللقب، ويبدو من خلال البحث أن الأقرب – والله أعلم – أن فاطمة بنت الخطاب هي التي قد تكون ثاني امرأة أسلمت.
لكن يبقى الأمر فيه مجال للاختلاف بين العلماء والمؤرخين، حيث لم يثبت نص قاطع يدل على أولوية إسلام إحدى هؤلاء النساء على الأخرى بعد خديجة. ومع ذلك، فإن هؤلاء النسوة كن من الرعيل الأول الذي آمن برسالة الإسلام وقدموا تضحيات كبيرة في سبيل نشر الدعوة، وكانت مساهمتهن عظيمة في التاريخ الإسلامي.
وفي نهاية المطاف، يجب أن نؤكد أن دور المرأة في الإسلام كان دائمًا دورًا مؤثرًا ومحوريًا، بدءًا من خديجة بنت خويلد التي دعمت النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أصعب لحظات دعوته، وصولًا إلى جميع الصحابيات اللواتي كن عمادًا لهذه الدعوة النبيلة.
