Knights of the Zodiac: أسطورة الفرسان تعود في صورة سينمائية

في أبريل 2023، شهدت دور السينما العالمية إطلاق فيلم “Knights of the Zodiac”، وهو عمل سينمائي طموح يستند إلى أحد أشهر أعمال المانغا والأنمي اليابانية “Saint Seiya” من تأليف ماسامي كورومادا. الفيلم الذي يجمع بين الخيال والأسطورة والحركة، يمثل خطوة جريئة نحو إعادة إحياء إرث طويل من قصص الأبطال الخارقين بروح شرقية تقليدية ولكن بلمسة سينمائية غربية حديثة.

خلفية القصة وأصولها اليابانية

تعود أصول فيلم “Knights of the Zodiac” إلى سلسلة المانغا والأنمي اليابانية الشهيرة “Saint Seiya”، التي بدأت في الثمانينات وحققت نجاحاً كبيراً في اليابان والعالم العربي وأمريكا اللاتينية. السلسلة الأصلية تدور حول مجموعة من الفرسان يُطلق عليهم “فرسان أثينا”، وهم شباب يمتلكون قوى كونية يستمدونها من الكواكب والأبراج السماوية، ومهمتهم حماية الإلهة أثينا التي تجسدت في فتاة بشرية، ومواجهة قوى الشر التي تهدد العالم.

في النسخة السينمائية، تم إعادة تخيل القصة لتناسب جمهوراً عالمياً، مع الحفاظ على الخطوط الأساسية للشخصيات والصراع الدرامي المرتبط بالأسطورة اليونانية وتناسق الأبراج السماوية.

قصة الفيلم: من يتيم الشوارع إلى فارس الأسطورة

تدور أحداث الفيلم حول “سيا” (Seiya)، فتى يتيم يعيش في الشوارع، يقاتل من أجل البقاء ويبحث عن أخته المخطوفة. خلال صراع غير متوقع، تنكشف لدى سيا طاقة خفية داخلية تُعرف باسم “الطاقة الكونية” أو “Cosmo”، وهي القوة التي يستخدمها فرسان الأبراج للدفاع عن العدالة. وعندما تلتقي مصيره مع شابة تدعى سيينا، يتبين أنها التجسيد البشري للإلهة أثينا التي عادت إلى الأرض لحماية البشرية.

يرغم هذا التحول سيا على اتخاذ قرار مصيري: إما أن يظل أسيراً لماضيه ومآسيه، أو أن يحتضن قدره ويصبح فارساً من فرسان الأبراج، مكلفاً بحماية أثينا والوقوف ضد قوى ظلامية تسعى للقضاء عليها.

البناء الفني والإخراجي

تم إنتاج الفيلم من قبل شركتي Stage 6 Films وToei Animation، بميزانية تبلغ 60 مليون دولار أمريكي، وهو ما يعكس طموح المشروع في الجمع بين الطابع الشرقي التقليدي والتقنيات الغربية الحديثة في الإخراج والمؤثرات. أخرج الفيلم توماسز باجينسكي، الذي يعرف بعمله المميز في مجال المؤثرات البصرية، لا سيما في مشروعات مثل سلسلة “The Witcher”.

امتدت مدة عرض الفيلم إلى 113 دقيقة، استخدم خلالها المخرج تناغماً واضحاً بين مشاهد القتال والمعارك التي تم تنفيذها بتقنيات عالية الجودة، وبين سرد درامي يسلط الضوء على التحول النفسي والبنيوي في شخصية البطل. المؤثرات الخاصة، خصوصاً في مشاهد استخدام الطاقة الكونية، جاءت متقنة بصرياً، لكنها في بعض الأحيان طغت على الجوانب العاطفية للشخصيات.

التمثيل والأداء

يؤدي دور “سيا” الممثل الياباني ماكنيو، الذي استطاع تقديم أداء يجمع بين الجدية والبساطة، خاصة في لحظات التحول من شاب ضائع إلى محارب مقدّر له أن يغير مصير البشرية. شاركته البطولة ماديسون أيسمان في دور سيينا، وقدمت تجسيداً مقبولاً للإلهة أثينا، رغم بعض الانتقادات التي طالت غياب العمق العاطفي في العلاقة بينها وبين سيا.

كذلك تضم قائمة الممثلين أسماء بارزة مثل شون بين (في دور ألماني كازيوس، الفارس السابق)، وفامكي جانسن، ونيك ستال، ودياجو تينوكو، ما يمنح الفيلم طابعاً دولياً. ورغم وجود أسماء ثقيلة، فإن الفيلم لم يستفد بالكامل من طاقاتهم التمثيلية، وربما يعود ذلك إلى قصر مدة الفيلم مقارنة بتعدد الشخصيات والأحداث.

البنية الرمزية والدلالات الأسطورية

تتميز القصة بثراء رمزي يرتبط بالأساطير اليونانية القديمة، خصوصاً في تناسق الأبراج السماوية التي تمثل القوى الخارقة لكل فارس. يرتبط كل فارس ببرج معين مثل “القوس” أو “الأسد” أو “السرطان”، ولكل برج صفات وسلوكيات تنعكس على الشخصية. هذا الربط بين الكون والإنسان يمثل جوهر فلسفة “Saint Seiya”، حيث يُنظر إلى الفرد باعتباره جزءاً من نظام كوني أكبر.

كما يستحضر الفيلم قضايا وجودية حول القدر، والصراع بين النور والظلام، والتضحية الفردية من أجل المصلحة العامة، وهي مواضيع تنسجم مع الطابع الفلسفي الكلاسيكي للأنمي الياباني، ولكنها أعيدت هنا بشكل يناسب جمهور السينما العالمي.

التحليل النقدي والاستقبال الجماهيري

رغم الطموحات الكبيرة للفيلم، لم يحقق “Knights of the Zodiac” النجاح التجاري المتوقع، حيث بلغت إيراداته حوالي 6.8 مليون دولار فقط مقارنة بميزانية ضخمة. ويعزو النقاد هذا الإخفاق إلى عدة عوامل، أبرزها قلة الدعاية الموجهة للجمهور الغربي غير المطلع على الخلفية الأصلية للأنمي، بالإضافة إلى ضعف في كتابة بعض الحوارات وسطحية بعض الشخصيات الجانبية.

ومع ذلك، لاقى الفيلم ترحيباً نسبياً لدى محبي سلسلة “Saint Seiya”، الذين رأوا في العمل محاولة جادة – وإن لم تكن مثالية – لنقل روح المانغا إلى الشاشة الكبيرة. وأثنى بعضهم على مشاهد القتال وتصميم الأزياء، التي حافظت على وفائها للمصدر الأصلي.

بين الأمل والتحدي: مستقبل السلسلة

فتح الفيلم باب النقاش حول إمكانات تقديم المزيد من الأعمال السينمائية المبنية على أعمال الأنمي والمانغا اليابانية، لا سيما في ظل اهتمام هوليوود المتزايد بهذا النوع من القصص. ورغم الأداء المتواضع في شباك التذاكر، قد يستفيد الفيلم من إعادة التقييم عند عرضه عبر المنصات الرقمية، وهو ما قد يفتح الباب لإنتاج جزء ثانٍ أو أعمال مشتقة تتناول شخصيات فرعية ضمن عالم “Saint Seiya”.

من الجدير بالذكر أن جمهور الأنمي يشكل مجتمعاً متحمساً، يقدّر الأصالة والاحترام للمواد الأصلية، وهو ما يتطلب من أي إنتاج مستقبلي أن يوازن بين التحديثات اللازمة لجذب جمهور جديد، وبين الوفاء لجمالية القصص الكلاسيكية التي نشأ عليها الملايين.

جدول ملخص لأهم بيانات الفيلم:

الخلاصة

يمثل فيلم “Knights of the Zodiac” تجربة فنية جريئة في مزج الأساطير القديمة والأنمي الياباني بالسينما الغربية المعاصرة. رغم التحديات التي واجهها الفيلم من حيث الإخراج، والحوار، والتسويق، فإنه يُعتبر بوابة لإعادة تقديم الأعمال الكلاسيكية لجمهور جديد، وخاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد على الأعمال المستوحاة من ثقافات متنوعة.

يبقى “Knights of the Zodiac” عملاً يستحق المتابعة ليس فقط لعشاق الأنمي، بل لكل من يهتم بالأفلام التي تدمج الفنتازيا بالتأمل الفلسفي والأسطوري، وتقدم قصة إنسانية عن الشجاعة، القدر، والتحول من البساطة إلى المجد.

المراجع:

• Masami Kurumada. Saint Seiya (Original Manga), Shueisha Publishing, 1986.

• Box Office Mojo. Knights of the Zodiac (2023) – Financial Information.