فئات مستحقة الزكاة في الإسلام

مستحقو الزكاة: فئات الزكاة في الشريعة الإسلامية

الزكاة هي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي عبادة مالية تهدف إلى تطهير المال وتنميته وتوزيعه على المستحقين، وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية ومساعدة الفقراء والمحتاجين في المجتمع. تعتبر الزكاة من أهم وسائل تحقيق التكافل الاجتماعي في الإسلام، ويحدد الشارع الحكيم في القرآن الكريم والسنة النبوية من هم المستحقون لهذه الزكاة. وفي هذا المقال، سنتناول بالتفصيل الفئات المستحقة للزكاة وفقاً للشريعة الإسلامية، ونوضح كيفية توزيعها وأثر ذلك على المجتمع الإسلامي.

تعريف الزكاة

الزكاة في اللغة تعني الطهارة والنماء. أما في الاصطلاح الشرعي فهي حق معلوم يُفرض على مال المسلم، يتم إخراجه بنسبة 2.5% من المال الذي بلغ نصاباً ومر عليه عام هجري كامل. وقد وردت الزكاة في القرآن الكريم كفرض على المؤمنين، قال تعالى في سورة التوبة: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ” (التوبة: 11)، وتُعد الزكاة من أبرز العبادات المالية التي تُظهر التفاعل بين الفرد والمجتمع، وتساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للأفراد والمجتمعات.

من هم مستحقو الزكاة؟

حدد الإسلام ثمانية فئات رئيسية من المستحقين للزكاة، وتناولها القرآن الكريم في سورة التوبة في الآية 60، حيث قال الله تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” (التوبة: 60). هذه الفئات الثمانية تشكل المستحقين الرئيسيين للزكاة.

1. الفقراء

الفقراء هم الأشخاص الذين لا يملكون ما يكفيهم من المال لتحقيق ضروريات الحياة الأساسية مثل الطعام والشراب والمأوى. الفقر في الشريعة الإسلامية لا يُقاس فقط بالمال، بل يُنظر أيضاً إلى قدرة الشخص على تأمين احتياجاته اليومية. ويعتبر الفقير من أكثر الفئات المستحقة للزكاة، ويجب على المسلمين إخراج الزكاة لتلبية احتياجاتهم الأساسية وتحقيق الاستقرار المعيشي لهم.

2. المساكين

المساكين هم الأشخاص الذين يعانون من قلة المال، لكنهم قد لا يكونون في حالة فقر شديدة كما هو الحال مع الفقراء. إلا أنهم في حاجة إلى المساعدة المالية، فالمسكين في هذا السياق يُعتبر في وضع غير مستقر اقتصادياً، ولا يستطيع توفير ما يلزم له ولأسرته من ضروريات الحياة. على الرغم من أن الفقراء والمساكين يختلفون من حيث درجة الاحتياج، إلا أنهم يشتركون في كونهما من الفئات المستحقة للزكاة.

3. العاملون عليها

يُقصد بالعاملين على الزكاة أولئك الذين يقومون بجمع وتوزيع الزكاة وتوجيه الأموال إلى المستحقين. يشمل ذلك الأشخاص الذين يتكفلون بمسؤولية إدارة أموال الزكاة وتوزيعها في المجتمع الإسلامي. هؤلاء الأشخاص يُمنحون جزءاً من الزكاة مقابل عملهم وتفانيهم في هذه المهمة الهامة، حيث قال الله تعالى: “وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا” في الآية الكريمة. من المعروف أن الأجر الذي يتلقاه هؤلاء العاملون هو جزء من مال الزكاة نفسه.

4. المؤلفة قلوبهم

هذه الفئة تشمل الأشخاص الذين يتم منحهم الزكاة بهدف تأليف قلوبهم وتقويتهم على الإسلام. هؤلاء يمكن أن يكونوا من غير المسلمين الذين يُحتمل أن يسلموا أو من المسلمين الجدد الذين يحتاجون إلى دعم مادي وروحي ليظلوا في دينهم ويثبتوا على إيمانهم. قال الله تعالى: “وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ” في الآية الكريمة، وهي فئة تمثل دور الزكاة في تعزيز الروابط الاجتماعية والدينية في المجتمع الإسلامي.

5. في الرقاب

والمقصود بهذا هو العبيد أو الأسرى الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة إلى المال لفك أسرهم أو تحرير أنفسهم من العبودية. وفي العصر الحديث، يشمل هذا المصطلح الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة المالية للحرية من العبودية أو القيود الاجتماعية. الزكاة تساهم في تحرير هؤلاء الأفراد من الأوضاع التي تجعلهم تحت سيطرة أو قيد غير شرعي.

6. الغارمون

الغارمون هم الأشخاص الذين يواجهون مشاكل مالية بسبب الديون التي عليهم، سواء كانت ديوناً تتعلق بحاجات ضرورية أو ديوناً من أجل تحصيل مصلحة شرعية. في الشريعة الإسلامية، يُسمح بإعطاء الزكاة للغارمين، بشرط أن تكون ديونهم قائمة لأغراض مشروعة. يُعتبر هذا النوع من الزكاة وسيلة للتخفيف عن هؤلاء الذين وقعوا في ضائقة مالية بسبب الديون.

7. في سبيل الله

هذه الفئة تشمل جميع المشاريع التي تُعنى بتعزيز الدين الإسلامي وتطويره، سواء كان ذلك من خلال التعليم، الدعوة، أو مشاريع البناء والتطوير في المجتمع المسلم. يُمكن أن تشمل هذه الفئة أيضا العاملين في مجال التعليم والتوجيه الديني أو حتى في الدفاع عن الإسلام في مناطق غير إسلامية. الزكاة تُستخدم لدعم هذه الأهداف العظيمة التي تساهم في نشر الدعوة وتقوية الروابط الدينية بين المسلمين.

8. ابن السبيل

ابن السبيل هو الشخص الذي يكون في رحلة أو سفر ويعجز عن تأمين نفقاته بسبب الظروف التي يواجهها في الطريق. يعتبر المسلمون الذين يسافرون في سبيل الله أو الذين يتعرضون لضائقة مالية في سفرهم من مستحقي الزكاة، حيث يتم تقديم الدعم لهم لتأمين احتياجاتهم في أثناء رحلتهم حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم.

ضوابط توزيع الزكاة

إن توزيع الزكاة بين الفئات المستحقة يجب أن يتم وفقاً للضوابط الشرعية، حيث لا يجوز صرف الزكاة في غير هذه الفئات، ويجب أن يكون المبلغ الذي يتم إخراجه دقيقاً ويصل إلى المستحقين الفعليين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الزكاة تعتبر عبادة تؤدي بنية خالصة لله تعالى، ويجب على المسلمين أن يتقيدوا بأحكامها لضمان قبولها.

أثر الزكاة على المجتمع

الزكاة لا تقتصر فائدتها على الشخص الذي يتلقاها فقط، بل لها أثر إيجابي كبير على المجتمع الإسلامي ككل. فهي تساهم في تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتقلل من معدلات الفقر، وتساعد في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمحتاجين. كما أن الزكاة تعزز روح التعاون والتكافل الاجتماعي، وتؤدي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.