غرائب كوريا الشمالية: حقائق مذهلة

غرائب كوريا الشمالية: الحقيقة خلف الستار

تعتبر كوريا الشمالية واحدة من أكثر الدول عزلة وغموضًا في العالم. تقع في شرق آسيا، وتحديدًا في شبه الجزيرة الكورية، وهي محاطة بالحدود مع كوريا الجنوبية من الجنوب، والصين من الشمال الغربي، وروسيا من الشمال الشرقي. على الرغم من أنها صغيرة من حيث المساحة والسكان مقارنة بالعديد من الدول الأخرى، فإنها تثير فضولًا عالميًا بسبب النظام السياسي الصارم، والقوانين الغريبة، والعزلة المطلقة عن العالم الخارجي. في هذا المقال، سوف نغوص في بعض من غرائب كوريا الشمالية التي لا تصدق والتي تجعلها مختلفة عن أي دولة أخرى في العالم.

1. النظام السياسي: حكم الفرد الواحد

يعد النظام السياسي في كوريا الشمالية أحد أغرب الأنظمة في العالم، حيث يتمركز كل السلطة بيد الزعيم، الذي يُعتبر شخصًا ذا مكانة شبه دينية. منذ تأسيس الدولة في عام 1948، كان الحكم في يد أسرة كيم، بدءًا من كيم إيل-sونغ (مؤسس كوريا الشمالية) ثم ابنه كيم جونغ إيل، وصولًا إلى حفيده كيم جونغ أون الذي يحكم البلاد حاليًا. تُعتبر شخصية الزعيم في كوريا الشمالية أكثر من مجرد قائد سياسي؛ فهو يُنظر إليه في كثير من الأحيان كـ “الآب العظيم”، و”القائد الأبدي”، و”الزعيم الذي لا يُخطئ”.

توجد في كوريا الشمالية عبادة شخصية مذهلة تجاه الزعيم، ويُحتفل به بشكل مبالغ فيه في كل زاوية من البلاد. تظهر الصور والتماثيل العملاقة لأسرة كيم في جميع الأماكن العامة، من الميادين إلى المدارس والمكاتب الحكومية. ويتم فرض قوانين صارمة تمنع انتقاد الزعيم أو الأسرة الحاكمة، بما في ذلك استخدام العبارات المهينة ضدهم. قد يؤدي انتقاد القيادة إلى السجن أو حتى الإعدام.

2. العزلة عن العالم: وسائل الإعلام ومراقبة الإنترنت

تعد كوريا الشمالية واحدة من أكثر الدول انعزالًا في العالم عندما يتعلق الأمر بالاتصال بالعالم الخارجي. ليس هناك إنترنت مفتوح في كوريا الشمالية كما هو الحال في باقي الدول، بل يُسمح للمواطنين باستخدام شبكة الإنترنت الداخلية فقط، والتي تحتوي على مجموعة محدودة جدًا من المواقع، وكلها تخضع لرقابة صارمة من قبل الحكومة. وسائل الإعلام المحلية هي الوحيدة المسموح بها، وتعتمد بشكل كامل على تأييد النظام الحاكم. تقارير الأخبار تركز على الإنجازات العظيمة للحكومة وتصور الغرب، وخاصة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، كأعداء.

علاوة على ذلك، يُحظر على المواطنين في كوريا الشمالية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، ولا يمكنهم التواصل بحرية مع أشخاص خارج البلاد إلا تحت إشراف دقيق. يُنظر إلى أي اتصال مع العالم الخارجي على أنه تهديد للأمن الوطني، ويمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.

3. الحدود المغلقة: الهروب من الدولة

أحد الغرائب المدهشة في كوريا الشمالية هو الحدود المغلقة. إذ من المستحيل تقريبًا للناس في كوريا الشمالية الهروب منها. الحدود بين كوريا الشمالية والصين هي الحدود الوحيدة التي يمكن عبورها، لكن الهروب عبر هذه الحدود ليس أمرًا سهلاً. الحكومة الكورية الشمالية تراقب الحدود بشكل مشدد، ويمثل عبور الحدود غير المصرح به جريمة كبرى. في حال تمكن شخص من الهروب، يمكن أن يتم مطاردته من قبل قوات الأمن الكورية الشمالية ويتم القبض عليه.

تعتبر كوريا الشمالية من أكثر الدول التي يوجد فيها معدلات إعدام، خاصة إذا تم اكتشاف أن شخصًا قد هرب إلى الخارج. إضافة إلى ذلك، يتمتع النظام الكوري الشمالي بقوة استخباراتية هائلة، ويعمل على كشف أي محاولات للهروب أو التواصل مع الخارج.

4. قوانين غريبة وتقاليد فريدة

توجد في كوريا الشمالية العديد من القوانين الغريبة التي قد تبدو غريبة أو حتى غير قابلة للتصديق. أحد الأمثلة على ذلك هو منع الأجانب من دخول كوريا الشمالية دون الحصول على إذن مسبق من الحكومة. لا يتمتع الأجانب بحرية الحركة في البلاد، ويخضعون لإجراءات رقابة صارمة أثناء إقامتهم، حيث يجب عليهم السفر دائمًا مع مرشد حكومي.

من القوانين الغريبة أيضًا أن المواطنين في كوريا الشمالية يُمنعون من ارتداء أي ملابس أو تسريحات شعر تعتبر “غير كورية” أو غربية. على سبيل المثال، يُحظر على المواطنين أن يكون لديهم تسريحات شعر مماثلة للمشاهير الغربيين مثل مايكل جاكسون أو جون لينون. وبالنسبة للمواطنين الذكور، يُشترط عليهم أن يتبعوا تسريحات شعر محددة، بحيث يجب أن تكون قصيرة جدًا ومرتبة. أما النساء، فيجب عليهن ارتداء ملابس تقليدية تحتوي على ألوان وأشكال معينة.

كما يتمتع الزعيم الكوري الشمالي باحتكار تام على الاقتصاد الوطني. جميع الشركات والمؤسسات في كوريا الشمالية هي تحت سيطرة الدولة، وبالتالي لا يوجد أي نوع من المنافسة الحرة. يتم تخصيص الأموال بشكل رئيسي للأغراض العسكرية، مما يساهم في نقص الموارد الأساسية للقطاع المدني.

5. العبادة والتاريخ المزيف

من الأمور الغريبة التي يتميز بها نظام كوريا الشمالية هو توجيه جزء كبير من ثقافة البلاد نحو عبادة الزعيم والحكومة. يتم تعليم الأطفال في المدارس منذ سن مبكرة عن إنجازات أسرة كيم، وتتم كتابة تاريخ مزيف يركز على التضحيات العظيمة التي قدمها الزعيم الراحل كيم إيل-sونغ وحكمه الخالد.

يتم ترويج إلى أن كيم إيل-sونغ هو “مؤسس الأمة”، رغم أنه لم يكن سوى زعيم للجزء الشمالي من كوريا أثناء الحرب الكورية. يتم تدريس معلومات غير صحيحة عن الأحداث التاريخية، ويتم إخفاء أو تحريف حقيقة العديد من الأحداث الهامة، مثل حرب كوريا، وحقيقة المجاعة التي ضربت البلاد في التسعينات والتي أدت إلى وفاة مئات الآلاف.

6. الطقوس العجيبة: الاحتفالات والمناسبات الكبرى

تعتبر الاحتفالات والمناسبات الكبرى في كوريا الشمالية جزءًا مهمًا من ثقافة البلاد، وتُظهر بشكل واضح طبيعة النظام السياسي. من أشهر هذه الاحتفالات، “عيد ميلاد الزعيم” في 15 أبريل، والذي يُعتبر يومًا مقدسًا في البلاد. في هذا اليوم، يتم تنظيم احتفالات ضخمة، حيث يُعبر المواطنون عن احترامهم العميق للأسرة الحاكمة من خلال أداء الطقوس والاحتفالات، بما في ذلك عرض الأسلحة الثقيلة، والعروض العسكرية، والموسيقى الحماسية التي تمجد الزعيم.

تعتبر هذه المناسبات فرصًا لإظهار الولاء التام للحكومة، ويشارك فيها الملايين من المواطنين. وأحيانًا، يتم استغلال هذه المناسبات في محاولة إظهار القوة العسكرية لكوريا الشمالية، بما في ذلك عروض إطلاق الصواريخ والأسلحة النووية.

7. التغذية والموارد: معركة من أجل البقاء

على الرغم من المظاهر التي قد توحي بالعظمة والقوة، فإن الوضع الغذائي في كوريا الشمالية ليس على ما يرام. شهدت البلاد عدة مجاعات على مر السنين، أشهرها المجاعة التي حدثت في التسعينيات والتي تسببت في وفاة مئات الآلاف من الأشخاص. اليوم، ما زالت المشاكل الغذائية قائمة في البلاد، حيث يعاني الكثير من المواطنين من نقص في الغذاء. يعتمد الكثير منهم على الحبوب الأساسية مثل الأرز، والذرة، والبطاطا. يتم توزيع الغذاء من خلال نظام الحصص الذي تفرضه الحكومة، ولكن هذه الحصص غالبًا ما تكون غير كافية.

وبسبب العزلة الاقتصادية، لا تستورد كوريا الشمالية كميات كبيرة من المواد الغذائية أو الموارد الطبيعية. كما أن العقوبات الدولية على كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي قد زادت من صعوبة حصولها على إمدادات غذائية.

الخاتمة

إن غرائب كوريا الشمالية تكمن في مزيج من العزلة الاجتماعية، والتجربة السياسية غير المألوفة، والاقتصاد المتأثر بالحكم الفردي. البلاد تعيش في ظل نظام يتسم بالقوة العسكرية، والسيطرة التامة على جميع جوانب الحياة اليومية. من حيث الثقافة، والسياسة، والاجتماع، تستمر كوريا الشمالية في إثارة الإعجاب والدهشة لدى العالم الخارجي، مما يجعلها موضوعًا غريبًا ومعقدًا يصعب فهمه بشكل كامل.