غدة بارثولين: الموقع والوظيفة

مقال: غدة بارثولين – الموقع والوظيفة والعوامل المؤثرة

تعتبر غدة بارثولين إحدى الغدد المهمة التي تلعب دورًا في الجهاز التناسلي الأنثوي، إلا أن الكثير من الأشخاص قد لا يكونون على دراية بموقعها أو وظيفتها. تمتاز هذه الغدة بأنها صغيرة الحجم، لكنها تؤدي وظيفة حيوية تتعلق بصحة الجهاز التناسلي، وتكمن أهميتها في إفراز السائل الذي يساهم في ترطيب المهبل أثناء العلاقة الجنسية. على الرغم من أن غدة بارثولين تقع في مكان بعيد عن الأنظار، إلا أن أي خلل فيها يمكن أن يسبب مشكلات صحية تتطلب العلاج. في هذا المقال، سنقدم نظرة شاملة ومفصلة حول غدة بارثولين، بما في ذلك موقعها التشريحي، وظائفها الحيوية، الأمراض التي قد تصيبها، وطرق التعامل مع تلك الحالات.

1. موقع غدة بارثولين في الجسم

تعد غدة بارثولين إحدى الغدد الإفرازية التي توجد على جانبي فتحة المهبل. وهي تقع تحديدًا عند قاعدة الشفرتين الداخليتين بالقرب من مدخل المهبل، وتمتد بالقرب من الأنسجة الرخوة التي تشكل جدران الفرج. يطلق على هذه الغدة أيضًا اسم “الغدة البارثولينية”، وهي زوجية، أي أنها تتواجد على الجانبين الأيمن والأيسر. تتمثل وظيفة غدة بارثولين في إفراز السائل المخاطي الذي يسهم في ترطيب المهبل أثناء النشاط الجنسي.

غدة بارثولين تعتبر غدة صغيرة نسبيًا، حيث يبلغ طول كل غدة تقريبًا 1 إلى 1.5 سنتيمتر، وعرضها 0.5 سنتيمتر تقريبًا. تتصل الغدة بقناة صغيرة جدًا تعرف بقناة بارثولين، التي تمتد نحو مدخل المهبل وتفرغ السائل في المهبل عند الحاجة. لكن بسبب موقعها الصغير ووجودها في مناطق حساسة، يصعب على النساء اكتشاف وجود هذه الغدة دون أي تدخل طبي.

2. الوظيفة الحيوية لغدة بارثولين

غدة بارثولين تعمل بشكل رئيسي على إنتاج سائل مخاطي يعمل على ترطيب المهبل أثناء النشاط الجنسي. هذا السائل يحتوي على مواد تساعد في تقليل الاحتكاك أثناء الجماع، مما يسهم في زيادة الراحة ويمنع أي تهيجات أو التهابات قد تحدث بسبب الجفاف. يساعد سائل غدة بارثولين أيضًا في تسهيل مرور الحيوانات المنوية عبر المهبل، مما يدعم وظيفة الإنجاب.

في الوضع الطبيعي، لا تكون غدة بارثولين مرئية أو ملحوظة لدى المرأة. ولا تسبب إفرازاتها أي شعور بالانزعاج. ولكن إذا تعرضت الغدة للإغلاق أو الالتهاب، فقد تؤدي إلى مشكلات صحية تتطلب التدخل الطبي.

3. التغيرات والاضطرابات التي قد تصيب غدة بارثولين

على الرغم من صغر حجم غدة بارثولين، إلا أن هناك العديد من المشاكل التي قد تحدث لها. من أبرز هذه المشاكل هي حدوث انسداد في القناة التي تؤدي إلى المهبل، مما يمنع إفراز السائل المخاطي. تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى انسداد الغدة، ويمكن تلخيص بعض الأسباب الرئيسية في ما يلي:

3.1. التكيسات (Cysts)

يعد تكوُّن الكيس هو المشكلة الأكثر شيوعًا التي تصيب غدة بارثولين. يحدث ذلك عندما يحدث انسداد في قناة الغدة، مما يتسبب في تراكم السائل داخلها. تظهر التكيسات عادة على شكل انتفاخ صغير أو كتلة مؤلمة بالقرب من فتحة المهبل. في العديد من الحالات، لا يتسبب الكيس في أي ألم أو أعراض، إلا إذا أصبح الكيس كبيرًا جدًا أو مصابًا بالتهاب.

3.2. خراج غدة بارثولين (Bartholin’s Abscess)

عندما يصبح الكيس المصاب بالغدة ملوثًا بالبكتيريا أو أي نوع آخر من الجراثيم، قد يتطور إلى خراج مؤلم. ينتج هذا الخراج عن تجمع القيح داخل الكيس ويؤدي إلى الشعور بألم شديد، وقد يصاحبه تورم واحمرار في المنطقة المصابة. الخراجات يمكن أن تكون مؤلمة جدًا، وفي بعض الحالات قد تتطلب تصريفًا جراحيًا للتخلص من القيح وراحة المريضة.

3.3. التهاب غدة بارثولين

في حالات نادرة، قد يحدث التهاب في غدة بارثولين نتيجة عدوى بكتيرية، مثل العدوى الناجمة عن الأمراض المنقولة جنسيًا، بما في ذلك السيلان أو الكلاميديا. إذا لم يُعالج الالتهاب بشكل سريع، قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. يمكن أن تشمل أعراض الالتهاب الألم الشديد، والحكة، والاحمرار، وأحيانًا الحمى.

3.4. سرطان غدة بارثولين

على الرغم من كونه نادرًا جدًا، يمكن أن تتطور خلايا سرطانية في غدة بارثولين. هذا النوع من السرطان يحدث في الغالب في النساء اللواتي تجاوزن سن الأربعين. تشمل أعراض سرطان غدة بارثولين انتفاخًا غير مؤلم في المنطقة المصابة، أو تغييرات في شكل أو لون الكتلة.

4. تشخيص مشاكل غدة بارثولين

يمكن للطبيب تشخيص مشكلات غدة بارثولين بعدة طرق، بداية من الفحص البدني، مرورًا بالفحوصات المخبرية، وصولًا إلى بعض الإجراءات الأكثر تخصصًا. في حالة الاشتباه في وجود كيس أو خراج، يمكن أن يقوم الطبيب بالفحص السريري للمنطقة التناسلية باستخدام يديه لتحديد الحجم والموقع.

إذا كان الكيس أو الخراج ملتهبًا أو يسبب ألمًا شديدًا، قد يقوم الطبيب بطلب أشعة أو فحوصات إضافية للتأكد من التشخيص وتحديد أفضل طرق العلاج. في بعض الحالات، يتم إجراء خزعة لتحديد ما إذا كانت المشكلة ناتجة عن سرطان.

5. علاج مشاكل غدة بارثولين

يعتمد العلاج بشكل كبير على نوع المشكلة التي تصيب الغدة وحجمها وشدة الأعراض. تختلف الأساليب العلاجية المستخدمة بناءً على حالة كل مريض على حدة، وهذه بعض الخيارات العلاجية:

5.1. العلاج الدوائي

في حالات الكيسات الصغيرة التي لا تسبب ألمًا، يمكن أن يوصي الطبيب باستخدام المضادات الحيوية أو الأدوية المسكنة للألم لتخفيف الأعراض. إذا كان هناك أي التهاب، قد يتم استخدام الأدوية لتقليل التورم والتهيج.

5.2. التصريف الجراحي (للعلاج في حالة الخراج)

عند تطور الخراج، يصبح من الضروري تصريفه للتخلص من القيح والحد من التورم. يمكن أن يقوم الطبيب بإجراء عملية بسيطة تحت تأثير المخدر الموضعي للتخلص من الخراج. في بعض الأحيان، يتم تركيب أنبوب صغير في المنطقة المصابة للسماح بتصريف السائل بشكل مستمر.

5.3. الجراحة في حالات أخرى

في حالات نادرة، عندما يكون الكيس كبيرًا جدًا أو إذا كان يعاود الظهور بشكل مستمر، قد يوصي الطبيب بإجراء عملية جراحية لإزالة الغدة أو الكيس بشكل كامل.

6. الوقاية والعناية الشخصية

بينما لا يمكن الوقاية من جميع مشكلات غدة بارثولين، هناك بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد في تقليل خطر الإصابة بهذه المشكلات. الحفاظ على النظافة الشخصية الجيدة أمر ضروري، حيث يجب على النساء غسل المنطقة التناسلية بلطف باستخدام صابون غير معطر. كما يُنصح بتجنب استخدام المنتجات الكيميائية القاسية أو ارتداء الملابس الضيقة لفترات طويلة.

تجنب الأمراض المنقولة جنسيًا عن طريق استخدام وسائل الوقاية مثل الواقي الذكري، هو أيضًا من الوسائل المهمة للحفاظ على صحة غدة بارثولين. وفي حالة وجود أي أعراض غير طبيعية أو كتل، يجب استشارة الطبيب على الفور للتشخيص والعلاج المناسب.

7. خاتمة

غدة بارثولين تلعب دورًا حيويًا في صحة الجهاز التناسلي الأنثوي، ولكن كما هو الحال مع أي عضو آخر في الجسم، قد تتعرض لبعض المشاكل الصحية. فهم موقع هذه الغدة ووظيفتها والأمراض التي قد تصيبها، يساعد النساء على التعرف على الأعراض المبكرة والتوجه للعلاج المناسب عند الحاجة.

من المهم أن تتم العناية بهذه المنطقة من الجسم بشكل جيد، كما