عيد الاتحاد الإماراتي: مناسبة وطنية راسخة في قلب الأمة
يُعدّ عيد الاتحاد الإماراتي أحد أهم المناسبات الوطنية التي يحتفل بها الشعب الإماراتي في الثاني من ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي يخلّد الذكرى التاريخية لتوحيد الإمارات السبع، وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة. لم يكن هذا اليوم مجرد احتفال عابر، بل هو ذكرى عميقة تحمل في طياتها مسيرة طويلة من الإنجازات، والتحديات، والطموحات المشتركة التي خاضتها دولة الإمارات على مدى العقود الماضية.
يعود الاحتفال بعيد الاتحاد إلى عام 1971، عندما اتفقت إمارات أبوظبي ودبي، برئاسة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على توحيد قواها من أجل إقامة دولة اتحادية تهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة. بعد هذه الاتفاقية التاريخية، انضمت إليها خمس إمارات أخرى: الشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة، والشارقة، لتكون بذلك دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أكثر الدول تطوراً وازدهاراً في العالم.
تاريخ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة
بدأت عملية الاتحاد في صيف عام 1971 عندما قررت إمارات أبوظبي ودبي التحرك نحو تأسيس دولة اتحادية مستقلة. كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي يعتبر الأب المؤسس لدولة الإمارات، أحد القادة البارزين الذين ساهموا بشكل كبير في تحقيق هذا الحلم الوطني. بفضل حكمته ورؤيته الاستراتيجية، نجح الشيخ زايد في توحيد الإمارات السبع تحت راية واحدة، مما أدى إلى إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة.
في البداية، كانت الإمارات تتكون من إماراتين فقط هما أبوظبي ودبي، إلا أن التحالف سرعان ما اتسع ليشمل الإمارات الأخرى، في خطوة أثبتت أن الوحدة هي قوة حقيقية تساهم في تطور المنطقة. قد تحققت هذه الوحدة بعد سلسلة من المفاوضات الدبلوماسية التي أدت إلى توقيع “اتفاقية الاتحاد” في 2 ديسمبر 1971، ليصبح هذا التاريخ فيما بعد واحداً من أهم تواريخ الوطن الإماراتي.
الاحتفال بعيد الاتحاد
يعتبر يوم الثاني من ديسمبر مناسبة عاطفية ومهمة بالنسبة لكل فرد في دولة الإمارات. في هذا اليوم، يحتفل الشعب الإماراتي بإنجازات بلاده وبالاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تحقق بفضل الاتحاد. يُنظم في هذا اليوم العديد من الفعاليات والمهرجانات التي تعكس التنوع الثقافي والإنساني في الإمارات، بدءًا من العروض العسكرية إلى الحفلات الغنائية والأنشطة التي تستقطب مختلف فئات المجتمع.
المسيرة التنموية التي تواكب الاحتفال
إن احتفال الإمارات بعيد الاتحاد يتزامن مع الكثير من الإنجازات التنموية التي تحققها البلاد على مدار العام. فقد شهدت دولة الإمارات منذ تأسيسها تطوراً غير مسبوق في مختلف المجالات، مثل الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية، مما جعلها في مصاف الدول المتقدمة عالمياً. وقد تسهم هذه الإنجازات في الاحتفالات، مما يجعل عيد الاتحاد ليس فقط مناسبة للذكرى، بل مناسبة أيضاً للاحتفال بمستقبل أفضل.
من أبرز الإنجازات التي تمت في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – هي بناء شبكة الطرق الحديثة، وتطوير قطاع النفط الذي أصبح أحد ركائز الاقتصاد الإماراتي، فضلاً عن إرساء أسس التعليم وتطوير القطاع الصحي. كما تُعتبر مدينة أبوظبي مركزًا ماليًا عالميًا، إضافة إلى المشاريع الضخمة التي تم تنفيذها في دبي، بما في ذلك إنشاء برج خليفة، أعلى ناطحة سحاب في العالم.
بعد وفاة الشيخ زايد في 2004، تولى ابنه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الحكم، واستمر في تحقيق رؤية والده في تعزيز مكانة الدولة على المستوى الإقليمي والدولي. وقد شهدت الإمارات تحت قيادته مزيدًا من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية، مع الحفاظ على سياسة الانفتاح على العالم، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
قيم الوحدة والاتحاد في المجتمع الإماراتي
لا تقتصر أهمية عيد الاتحاد على كونه مناسبة وطنية فقط، بل إنه يعد تجسيدًا حيًا للقيم التي تأسست عليها دولة الإمارات، مثل الوحدة، والتسامح، والتعاون بين أبناء الإمارات. وفي ظل الظروف السياسية والاقتصادية المتغيرة، استطاعت دولة الإمارات أن تبقى ثابتة على مبادئها التي استندت إلى التعاون بين الإمارات السبع، وأصبحت نموذجًا ناجحًا في العيش المشترك والتعددية الثقافية.
على مر السنوات، تحوّلت الإمارات إلى دولة نموذجية في مجال التسامح والاحترام المتبادل، حيث ينتمي سكانها إلى مختلف الجنسيات والأديان. وهو ما يعكس جوهر قيم الاتحاد، التي تؤكد على أهمية التنوع الثقافي، والتكامل بين أفراد المجتمع، والعيش بسلام في بيئة من التفاهم المشترك.
التطورات العسكرية والسياسية: قوة الاتحاد
منذ تأسيسها، كان الاتحاد أساسًا لقوة الإمارات في مجالات السياسة والاقتصاد وحتى الأمن والدفاع. شكلت الإمارات من خلال الاتحاد قوة سياسية وثقافية، وأصبحت دولة ذات تأثير إقليمي وعالمي. يُعتبر الجيش الإماراتي من أكثر الجيوش تطوراً في المنطقة، وهو جزء من سياسة الدفاع الجماعي التي تبنتها الإمارات في إطار اتحادها مع باقي الدول العربية في مجلس التعاون الخليجي.
قد أصبح الجيش الإماراتي في السنوات الأخيرة أحد أذرع القوة الوطنية، ويشارك بفاعلية في عدد من العمليات العسكرية والإنسانية في مختلف أنحاء العالم. يعكس هذا الدور التزام الإمارات بالحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، ومواجهة التحديات العالمية.
التطلع إلى المستقبل: رؤية الإمارات 2030 و 2071
تستمر دولة الإمارات في الاحتفال بعيد الاتحاد وهو يحمل في طياته تطلعات جديدة لمستقبلٍ أكثر إشراقًا. من خلال رؤية الإمارات 2030 ورؤية الإمارات 2071، تستهدف الدولة تعزيز مكانتها كدولة رائدة عالميًا في مجال الابتكار، والنمو المستدام، والاقتصاد المعرفي.
تسعى الإمارات، من خلال رؤية 2030، إلى أن تكون دولة ذكية تمامًا في كافة القطاعات، وأن تظل في طليعة الدول المتقدمة في مجالات البحث العلمي، والفضاء، والطاقة المتجددة. مع دخول الإمارات في قطاع الفضاء، حيث أُرسلت العديد من بعثات الفضاء، ومنها مهمة “مسبار الأمل” إلى كوكب المريخ، فإن الإمارات تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مستقبل علمي وتقني مذهل.
عيد الاتحاد: يوم الوحدة والفخر الوطني
إن عيد الاتحاد لا يقتصر فقط على كونه مناسبة للذكرى والتاريخ، بل هو تجسيد حيّ للإنجازات التي حققتها دولة الإمارات على مدار العقود الماضية. إنه يوم يعكس الوحدة الوطنية التي تجمع بين أبناء الإمارات تحت سقف واحد، ويجسد التطلع المستمر للمستقبل. في هذا اليوم، يشع الفخر الوطني في كل زاوية من زوايا الدولة، حيث يتم توجيه التحية إلى القيادة الرشيدة التي تواصل تحقيق المزيد من الإنجازات على جميع الأصعدة، وتبني مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة.
