عندما بكت الجمال هو عنوان يشد الأنظار نحو عمل أدبي استثنائي يحمل بين طياته روحًا فنية متقدة، حيث يقف وراء هذا العمل الأديب الراقي عاطف الفراية، الذي استطاع ببراعة أن يستعرض في صفحاته معضلة تهديد الهوية الوطنية، ملامسًا أعماق القارئ ومحفزًا إياه على التفكير في جوانب مختلفة لهذا التحدي الحيوي.
في ظل الأحداث الأفاعلية التي تعصف بالمشهد الوطني، يبرز المؤلف هذه المعضلة بوصفها معادلًا موضوعيًا لعمليات الزحف البشري الهائل، حيث يرصد بدقة فائقة الزحف الذي تقوم به القوى السالبة، وكيف تتغير مظاهرها باستمرار. يستخدم الفراية لغة فنية رائعة، حيث يصف هذه القوى بأنها “تزحف” وتغير “ثوبها” وتنفث “سمومها”، مما يضفي على النص طابعًا استعراضيًا ورمزيًا يشد انتباه القارئ.
العمل يتجلى في تواجد الجمال الباكية، الذي يظهر كمرآة تعكس مأساة ومصيرًا أسودًا. تأخذ الجمال هنا شكل رمز يتجاوز الوجود الظاهر، حيث ترى العيون الباكية تعبيرًا عن حالة الأسى والحزن التي تخيم على المجتمع والوطن. يعكس عرض الجمال الباكية وتفجعها على مصيرها الأسود واقعًا يتعامل معه الفراية بمهارة فائقة، محاولًا تحفيز القارئ على التأمل في تداخلات هذه المظاهر والتفكير في الحلول الممكنة.
تأتي هذه المسرحية في 57 صفحة، تأخذ القارئ في رحلة فنية مميزة تحمله في أغوار الأحداث والأفكار، مما يجعلها تشكل تحفة أدبية متميزة. صدرت في عام 2008 عن مؤسسة الانتشار العربي، التي تعتبر من الجهات الرائدة في نشر الأعمال الأدبية والثقافية.
ومن خلال الغلاف الورقي الجذاب، يعكس الكتاب ليس فقط محتواه القيم بل أيضًا اهتمامه بالتقديم الجمالي، حيث يتيح للقارئ الاقتران بالعمل بمجرد نظرة على غلافه الجميل. يندمج هذا العمل ضمن فئة الأدب والخيال، وتحديداً في فرع المسرحيات، مما يعزز من مكانته ضمن مجموعة الأعمال الأدبية الرائعة.
باختصار، “عندما بكت الجمال” لعاطف الفراية يعد عملًا استثنائيًا يستحق الاهتمام، حيث يمزج بين الجمال اللغوي والعمق الفكري، محاكيًا واقعًا يعيشه المجتمع ويتطلع إلى فهمه وحله.