10 دول مع أكبر عدد من الغواصات في العالم

تُعد الغواصات من أهم وأخطر أدوات القوة البحرية التي تمتلكها الدول في العالم، فهي تمثل جانبًا حيويًا من القدرات العسكرية والردعية، خاصة في زمن تتزايد فيه التوترات الإقليمية والدولية. وتتنوع استخدامات الغواصات بين العمليات الهجومية والدفاعية، والمهام الاستخباراتية، وكذلك كجزء من أنظمة الردع النووي. لذلك، تسعى العديد من الدول إلى تطوير أساطيل غواصاتها لتأمين مواقعها الاستراتيجية وحماية مصالحها الوطنية.

في هذا المقال سيتم استعراض عشر دول تمتلك أكبر عدد من الغواصات في العالم، مع تحليل لخصائص هذه الغواصات وأهميتها في القوات البحرية لهذه الدول، مع التركيز على الجوانب التقنية والتكتيكية التي تجعل من الغواصات عنصر قوة لا يُستهان به.

مفهوم الغواصة وأهميتها في القدرات العسكرية

الغواصة هي سفينة بحرية قادرة على الإبحار تحت سطح الماء لفترات طويلة، مجهزة بأسلحة متنوعة منها صواريخ مضادة للسفن والطائرات والغواصات الأخرى، وكذلك صواريخ باليستية تحمل رؤوسًا نووية. الغواصات تنقسم بشكل عام إلى نوعين رئيسيين:

• الغواصات الهجومية (Attack Submarines): تستهدف الغواصات والسفن المعادية، وتقوم بعمليات جمع المعلومات الاستخباراتية.

• الغواصات الاستراتيجية (Ballistic Missile Submarines): مزودة بصواريخ باليستية قادرة على إطلاق رؤوس نووية، وتستخدم بشكل رئيسي كوسيلة ردع نووي.

تتمتع الغواصات بميزة أساسية تتمثل في قدرتها على الاختفاء تحت الماء مما يصعب اكتشافها، وهو ما يجعلها من أهم أدوات الحرب البحرية الحديثة.

قائمة أكبر 10 دول تمتلك غواصات في العالم

1. الولايات المتحدة الأمريكية

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى في العالم من حيث عدد الغواصات وأحدثها تكنولوجيًا. تمتلك البحرية الأمريكية أسطولًا ضخمًا يضم أكثر من 70 غواصة، منها غواصات نووية هجومية واستراتيجية. تُعرف غواصات الولايات المتحدة بقوتها التكنولوجية العالية، مع أنظمة قيادة وتحكم متطورة، وقدرات هائلة على الاستطلاع والتنصت.

تتنوع الغواصات الأمريكية بين غواصات من طراز فيرجينيا وأوسكار التي تتميز بسرعة عالية وقدرة على حمل مجموعة كبيرة من الأسلحة، إضافة إلى غواصات الصواريخ الباليستية من طراز أوهايو التي تعد أحد الأعمدة الأساسية للردع النووي الأمريكي.

2. روسيا

تأتي روسيا في المرتبة الثانية عالميًا بعد الولايات المتحدة من حيث عدد الغواصات، حيث تمتلك البحرية الروسية أكثر من 60 غواصة، معظمها من النوع النووي، وهي تشكل أحد أعمدة القوة البحرية لروسيا. تتميز الغواصات الروسية بصناعة محلية متطورة وقدرات هجومية ودفاعية متقدمة.

تشمل غواصات روسية من طراز أكولا ويركوت، إضافة إلى الغواصات الباليستية مثل غواصة بورى التي تمتلك قدرات نووية استراتيجية هائلة.

3. الصين

تزدهر الصين في السنوات الأخيرة بشكل كبير في تحديث وتطوير أسطولها البحري، وتحتل المرتبة الثالثة عالميًا من حيث عدد الغواصات، حيث تمتلك أكثر من 60 غواصة. تسعى الصين إلى تعزيز قوتها البحرية لدعم طموحاتها الإقليمية، وخاصة في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ.

تتضمن الغواصات الصينية غواصات هجومية من طراز تايب 094 وتايب 093، وكذلك غواصات تعمل بالدفع التقليدي وأخرى نووية، وتمتلك الصين أيضًا غواصات صواريخ باليستية.

4. كوريا الشمالية

على الرغم من محدودية مواردها الاقتصادية، إلا أن كوريا الشمالية تمتلك عددًا ملحوظًا من الغواصات، حيث تتراوح تقديرات أسطولها بين 70 إلى 80 غواصة، معظمها صغيرة الحجم تعمل بالدفع التقليدي. تستخدم كوريا الشمالية هذه الغواصات بشكل رئيسي للعمليات الخاصة والقيام بعمليات هجومية ضد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

تمتاز غواصات كوريا الشمالية بصغر حجمها مقارنةً بالدول الكبرى، لكنها تظل تهديدًا أمنيًا مهمًا في المنطقة بسبب تكتيكاتها العسكرية الغير تقليدية.

5. اليابان

تمتلك اليابان أسطول غواصات متميز تقنيًا رغم أن عددها أقل من بعض الدول، حيث يصل عددها إلى نحو 20 غواصة تعمل بالدفع التقليدي. تركز اليابان على تطوير غواصات تعمل بتكنولوجيا متقدمة وأنظمة قيادة حديثة لدعم قواتها البحرية في المحيط الهادئ.

غواصات اليابان من طراز سوريو تتميز بصمتها التشغيلية وقدرتها على تنفيذ عمليات استخباراتية وهجومية دقيقة.

6. الهند

تسعى الهند إلى تعزيز قوتها البحرية عبر تحديث أسطول الغواصات لديها، وتملك أكثر من 20 غواصة تعمل بالدفع النووي والتقليدي. الهند تعتمد بشكل متزايد على غواصات الصواريخ الباليستية النووية لضمان الردع الاستراتيجي.

تضم الغواصات الهندية غواصات روسية الصنع من طراز كيلو، بالإضافة إلى غواصات محلية التطوير مثل غواصة أريا النووية.

7. فرنسا

تحتفظ فرنسا بأسطول غواصات يضم حوالي 10 غواصات نووية وهجومية، بالإضافة إلى غواصات نووية استراتيجية. وتعتبر فرنسا من الدول القليلة التي تطور غواصاتها داخليًا، مع تركيز على التكنولوجيات النووية المتقدمة وأنظمة الأسلحة الحديثة.

تتضمن الغواصات الفرنسية غواصة روبين التي تم تصميمها بتكنولوجيا متطورة للحد من الانبعاثات الصوتية.

8. المملكة المتحدة

تمتلك المملكة المتحدة أسطولًا يضم 10 غواصات تقريبًا، أغلبها نووية، وتعتبر الغواصات النووية البريطانية من أفضل الغواصات من حيث التكنولوجيا والتكتيك. وتستخدم الغواصات البريطانية بشكل رئيسي في عمليات الردع النووي والاستطلاع البحري.

تُعرف غواصات فيجي وأستيوت البريطانية بسرعتها وكفاءتها العالية، مع أنظمة صواريخ حديثة.

9. إسرائيل

تُعتبر إسرائيل من الدول التي تعتمد بشكل كبير على الغواصات الصغيرة والمتطورة التي تعمل بالدفع التقليدي، مع عدد يتراوح بين 5 و10 غواصات. تركز إسرائيل على تطوير الغواصات لتلبية متطلبات الأمن الإقليمي وخاصة في البحر المتوسط.

تمتلك إسرائيل غواصات من طراز دولفين الألمانية، مع تحديثات مستمرة لرفع القدرات التقنية والتكتيكية.

10. إيران

تمتلك إيران أسطول غواصات صغير نسبيًا يبلغ حوالي 20 غواصة، معظمها من الغواصات الصغيرة التي تعمل بالدفع التقليدي. تستخدم إيران غواصاتها في المياه الإقليمية لتعزيز قدرتها على المناورة ومواجهة التهديدات الإقليمية، خاصة في مضيق هرمز.

تركز إيران على تطوير غواصات صغيرة ومتوسطة الحجم للعمليات القريبة والدفاع الساحلي.

مقارنة بين الدول العشر من حيث عدد ونوعية الغواصات

التطورات التكنولوجية وأهميتها في سباق الغواصات

شهدت صناعة الغواصات تطورات تقنية هائلة على مدى العقود الماضية، مما أدى إلى ظهور غواصات أكثر هدوءًا وكفاءة وقدرة على البقاء لفترات طويلة تحت الماء. تقنيات الدفع النووي مكنت الغواصات من تنفيذ مهام عميقة ولفترات زمنية طويلة، بينما ساعدت أنظمة التخفي والتشويش على تقليل احتمالية اكتشافها.

كما تركز العديد من الدول على تطوير أنظمة صواريخ متقدمة قادرة على حمل رؤوس نووية تقليدية واستراتيجية، مما يزيد من فاعلية الغواصات كوسيلة للردع والحرب.

الغواصات وتأثيرها على التوازن العسكري العالمي

إن امتلاك أسطول قوي من الغواصات يغير من قواعد اللعبة في أي صراع عسكري بحري، ويؤثر بشكل مباشر على موازين القوى بين الدول الكبرى والصغرى. فالغواصات تمنح أصحابها قدرة هائلة على فرض السيطرة البحرية، سواء عبر الردع النووي أو عبر التحكم في خطوط الملاحة البحرية الهامة.

تسعى معظم الدول العشر المذكورة في هذا المقال إلى تحديث أساطيلها بانتظام للحفاظ على ميزتها الإستراتيجية في ميادين الحرب البحرية الحديثة.

الخلاصة

تُشكل الغواصات عمودًا فقريًا في القوة البحرية للدول التي تمتلكها، ويتضح ذلك جليًا في الدول العشر التي تمتلك أكبر أساطيل غواصات حول العالم، حيث تتنافس هذه الدول في تقنيات التصنيع والتطوير لضمان التفوق البحري والردع الاستراتيجي. لا يقتصر الدور العسكري للغواصات على القدرة الهجومية فحسب، بل يشمل عمليات التجسس، الاستطلاع، والدفاع عن المصالح الحيوية في البحار والمحيطات.

مع تزايد التوترات الجيوسياسية، يبقى الأسطول الغواصاتي واحدًا من أكثر الأدوات العسكرية تأثيرًا في حماية السيادة الوطنية وتأمين خطوط الملاحة العالمية، مما يجعل الاستثمار في تطوير الغواصات أحد أولويات الدول الكبرى لضمان الأمن البحري في المستقبل.

المصادر والمراجع:

1. “The Naval Institute Guide to World Naval Weapon Systems” – Norman Friedman

2. تقرير وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية (DIA) عن القدرات البحرية العالمية 2023