آيات تدل على علم الله سبحانه وتعالى
إن علم الله سبحانه وتعالى هو علمٌ لا حدود له، يمتد في كل مكان وزمان، لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يخفى عليه أمر من أمور خلقه. وهذا العلم هو أحد أسمائه الحسنى التي يجب أن يتفكر فيها المسلم ويتيقن بها. لقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدل على علم الله الواسع، وبيّنت مدى قدرة الله في معرفة كل شيء في الكون دون أن يخفى عليه شيء.
إن العلم البشري مهما بلغ من تطور وحدود يبقى محدودًا، محدودًا بظروف المكان والزمان، أما علم الله فهو علم مطلق لا يتأثر بالزمان ولا بالمكان، فهو علمٌ شامل وواسع وعميق. ويأتي القرآن الكريم ليكشف لنا عن هذه الحقيقة العظيمة.
1. علم الله بالأسرار الخفية
الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء خفي على البشر، لا يعلمه أحد غيره. في قوله تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ” (آل عمران: 5)
هذه الآية تبيّن أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، بل يعلم أيضًا ما يخفيه البشر في قلوبهم من أفكار وأسرار، مما يدل على سعة علمه وإحاطته التامة بكل شيء.
وقد جاء في آية أخرى، في قوله تعالى:
“وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا” (الأنعام: 59)
هذه الآية تدل على علم الله التفصيلي بكل شيء، حتى بما لا يلاحظه الإنسان من تساقط ورقة من شجرة أو حركة خفيفة في الكون. كل شيء في الكون تحت علمه ورعايته.
2. علم الله بكل شيء في الماضي والمستقبل
علم الله سبحانه وتعالى لا يقتصر على الحاضر فقط، بل يمتد ليشمل الماضي والمستقبل أيضًا. في قوله تعالى:
“مَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ” (آل عمران: 179)
إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يملك علم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا هو.
وقد بيّن القرآن الكريم أن الله يعلم كل ما سيكون في المستقبل، سواء كان من أمر البشر أو حتى من حركات الأجرام السماوية. قال تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ” (لقمان: 34)
هذه الآية تبين أن علم الله محيط بكل شيء، حتى ما سيكون في المستقبل البعيد من تغييرات في الأرض والسماء.
3. علم الله بكل أمر في السماء والأرض
الآيات التي تتحدث عن علم الله تشمل ليس فقط مخلوقاته من البشر والحيوانات، بل أيضًا النجوم والكواكب والأجرام السماوية الأخرى. في قوله تعالى:
“يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ” (التغابن: 18)
الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء في السماوات والأرض، وكل حركة وكل سكون، وكل تفصيل في هذا الكون. وهذا العلم يثبت أنه لا يوجد شيء في هذا الوجود إلا ويعلمه الله سبحانه وتعالى.
4. علم الله بكل ما يفعله الإنسان
الله يعلم بكل عمل من أعمال الإنسان، سواء كان ظاهرًا أو خفيًا. قال تعالى:
“وَمَا تَفْعَلُونَ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” (البقرة: 197)
إن الله سبحانه وتعالى يعلم كل خير يصدر من الإنسان، مهما كان صغيرًا أو كبيرًا. وكل ما يفعله الإنسان من أعمال يعلمه الله، وهو قادر على مكافأته أو معاقبته عليها حسب مشيئته.
وكل عمل الإنسان يدخل ضمن دائرة علم الله، وتنعكس هذه الحقيقة في قوله تعالى:
“وَأَنْتُمْ فِي فِي رُحُومِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (النحل: 78)
هنا يذكر الله سبحانه وتعالى كيف كان الإنسان في مرحلة الجنين لا يعلم شيئًا، ثم أكرمه الله بالسمع والبصر والعقل، وهذه نعمة عظيمة تدل على أن الله هو العليم بكل شيء منذ البداية وحتى النهاية.
5. علم الله بالأعمال السرية
الله سبحانه وتعالى لا يقتصر علمه على الأعمال الظاهرة فقط، بل يمتد ليشمل الأعمال السرية التي لا يراها أحد غير صاحبها. في قوله تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء” (آل عمران: 5)
هذه الآية تثبت أن الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء في الأرض والسماء، ولا شيء في هذا الكون يمكن أن يغيب عن علمه، سواء كان ظاهريًا أو خفيًا.
6. علم الله بالقلوب والأفكار
لقد بيّن القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في القلوب من مشاعر وأفكار. في قوله تعالى:
“يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ” (الأحزاب: 51)
الله يعلم ما في قلوب الناس من رغبات ونيات وأفكار، فلا يمكن لأحد أن يخفى عليه شيء من هذه الأمور. هذه الحقيقة تجعل الإنسان دائمًا أمام الله، ويجعله يحرص على أن تكون نيته دائمًا خالصة لله.
7. علم الله بكل ما يصيب الإنسان من خير أو شر
ما من شيء يصيب الإنسان من خير أو شر إلا ويعلمه الله. قال تعالى:
“لَا يَكُونُ مِنْهُ خَطَأٌ إِلَّا قُدِّرَ عَلَيْهِ” (الحديد: 22)
أي أن كل مصيبة أو نعمة أو اختبار يمر به الإنسان هو بعلم الله ووفق مشيئته.
8. علم الله بالأوقات والأزمان
الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء عن الأوقات والأزمان، ومتى تحدث الأمور، ومتى تنتهي. قال تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ” (لقمان: 34)
هذه الآية تبين أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم وقت الساعة، ويعلم كل حدث يحدث في الكون في توقيته المحدد.
9. علم الله بما في النفوس
الله يعلم كل ما في النفوس وما تخفيه القلوب. قال تعالى:
“وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَعْظَمُ” (غافر: 19)
الله يعلم ما في الصدور، فحتى لو أخفى الإنسان شيئًا عن الآخرين، فإن الله يعلم حقيقة ما في قلبه.
10. علم الله في يوم القيامة
في يوم القيامة، حين يُحاسب كل شخص على ما فعل، يبرز علم الله الكامل في حكمه. قال تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (آل عمران: 5)
في هذا اليوم العظيم، يعرض الله علمه على كل فرد، ويُعطي كل شخص حسابه بما علمه الله عن أعماله في الدنيا.
الخاتمة
علم الله سبحانه وتعالى هو علم شامل لا يحده زمان ولا مكان. إنه يعلم كل شيء في الكون، من أصغر التفاصيل إلى أعظمها، وهو الذي يملك علم الغيب ويعلم كل ما في السماوات والأرض. علم الله يتجلّى في آيات القرآن الكريم، والتي تبرز هذا العلم العميق والمطلق الذي لا يستطيع أي عقل بشري أن يدركه بالكامل. ويجب على المسلم أن يعزز يقينه في علم الله سبحانه وتعالى، وأن يتفكر في تلك الآيات التي تُبيّن سعة علم الله وقدرته على كل شيء، مما يعمق إيمانه بقدرة الله عز وجل في تدبير شؤون الكون بكل دقة وحكمة.
